في إطار خطة الحكومة المصرية خفض الواردات، صدرت أول من أمس قرارات عدة في هذا الشأن تشمل قرار وزارة المال المصرية قصر مدة شراء السلع من الاسواق الحرة في كل المنافذ على 24 ساعة فقط بعد أن كانت تصل الى شهر واحد وأن يكون الشراء لصاحب بطاقة السفر فقط، علماً انه كان متاحاً لأي شخص الشراء من الأسواق الحرة بموجب بطاقة سفر شخص آخر سافر. في الوقت نفسه أصدر وزير التجارة احمد جويلي قراراً يحظر بيع السلع الاستهلاكية المصدرة من الاسواق الحرة خارج المنافذ البرية والبحرية والجوية وقصر هذه المنافذ على بيع السلع الاستهلاكية فقط مثل السجائر والمشروبات والألبسة والجلود والشوكولاتة ولن يتم بيع أجهزة التلفزيون والثلاجات والغسالات والفيديو وغيرها من السلع المعمرة. وصدرت في الوقت نفسه تعليمات جديدة تقضي بتحصيل الرسوم الجمركية كاملة على كل السلع المعمرة والمتوافرة في منافذ الأسواق الحرة في المطارات وعدم تطبيق الاعفاء الجمركي المسموح للراكب، ومقداره 200 دولار، عند شرائه أي سلعة معمرة، ما يعني تطبيق القرار على كل فروع الأسواق الحرة، سواء في المنافذ الجمركية أو خارجها. وتشمل التعليمات التي أثارت حالة من الارتباك في الأسواق الحرة في مطار القاهرة تشكيل لجان جمركية لحصر السلع المعمرة المتوافرة في معارض ومخازن الاسواق الحرة في المطار وتحديد الرسوم الجمركية عليها. وأبدى العديد من العائدين الى القاهرة أمس استياءهم من قرار وزير المال بخفض المدة المسموح لهم خلالها بالشراء من الأسواق الحرة من ثلاثين يوماً الى يوم واحد مع التمتع بالإعفاء الجمركي في حدود مئتي دولار. وقال أحدهم إن القرار سيحرم الراكب من فرصة التفكير في الشراء لأن مدة يوم واحد قصيرة جداً ولن يستطيع المفاضلة بين المعروضات في الاسواق. واذا كان الهدف من القرار منع استخدام الغير بطاقة سفر أي عائد فإنه يمكن ألا يسمح لغير صاحب الجواز بالاستفادة منه. وقال آخر أن القرار سيؤدي الى خفض معدلات الشراء من الأسواق الحرة لأن هناك العديد من الركاب يفضلون الشراء من الأسواق بعد فترة. وعلى صعيد آخر قال أحد مأموري الجمارك في المطار ان تحديد المهلة المسموح خلالها بالشراء بيوم واحد أمر غير عملي، وتساءل: هل سيتم تحديد موعد وصول الراكب بالساعة والدقيقة حتى يتسنى احتساب مدة الأربع والعشرين ساعة؟ وتوقع مصدر رسمي في وزارة التجارة في تصريح ل"الحياة" ان تؤدي هذه القرارات الى توفير نحو 250 مليون دولار سنوياً، كما ان هذه القرارات خصوصاً التي تتعلق بالسلع المعمرة ستحد تماماً من عملية التهريب الى الاسواق المحلية. وتوقع رئيس غرفة الصناعات الهندسية علي السواح أن تؤدي هذه القرارات الى إنعاش مبيعات السلع المعمرة المنتجة من المصانع المحلية. ويرى خبراء أن هذه القرارات مهمة لحماية الصناعة المصرية خصوصاً انها تواجه تحديات عدة تهدد مستقبلها، خصوصاً من عمليات التهريب، ما زاد معدلات الركود. وقال وزير المال محيي الدين الغريب إن التهريب بات خطراً على الصناعة المصرية، مشيراً إلى أنه يستنزف نحو اربعة بلايين دولار سنوياً في تمويل تهريب المنسوجات والألبسة الجاهزة والالكترونيات والذهب، وتم تهريب نحو مئة طن ذهب الى مصر خلال الاشهر الستة الاخيرة فقط. وكشف الغريب أن هناك "مافيا منظمة" تتولى التهريب الى الاسواق المصرية وتضم بعض المصريين، مشيراً الى ان وسائل التهريب في ادخال سلع من الخارج بفواتير مزورة لا تعكس السعر الحقيقي للسلعة المستوردة، وكذلك تهريب السلع الالكترونية عبر بعض اعضاء السفارات. ويتم تهريب المنسوجات كذلك عبر بعض المصانع التي تعمل بنظام "السماح الموقت" في مصر ومن خلال بعض المناطق الحرة الخاصة لبعض المصانع التي تعمل في انتاج الالبسة الجاهزة، إذ تقوم بتسريب الاقمشة المستوردة الى الاسواق المحلية. وانتقد رئيس "مجموعة بهجت" الدكتور احمد بهجت تباطؤ السلطات المعنية في البلاد في مواجهة التهريب، مشيراً الى انه يتم تهريب السلع الالكترونية خصوصاً التلفزيونات والفيديو الى الاسواق المصرية حتى انها تباع علناً في شارع عبدالعزيز في ضاحية العتبة وسوق الثلثاء. وحذر بهجت من أن استمرار الركود بملامحه الحالية قد يغلق غالبية المصانع خصوصاً وان المصانع غير قادرة على منافسة السلع المهربة، كما أن البعض خفض من معدلات التشغيل وما يتبع ذلك من تسريح للعمال. واشار رئيس "البنك الاهلي" محمود عبدالعزيز الى أن التهريب زاد من الركود لدى المصانع المصرية، ولذا ينبغي اتخاذ اجراءات عاجلة لتحريك السوق واعادة الانتعاش اليه.