توزع المقاعد ال87 التي تشكّل حصة فرنسا من البرلمان الاوروبي المكون من 626 مقعداً على اللوائح المختلفة تعبيرٌ عن مدى الولاء الشعبي لهذه القوى السياسية او تلك. فالانتخابات الاوروبية تأتي بعد حوالى عامين من الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة التي ادت الى التعايش بين الرئيس جاك شيراك اليمين ورئيس الحكومة ليونيل جوسبان الاشتراكي. وبالتالي فان الحزب الاشتراكي الفرنسي يخوض الانتخابات الاوروبية املاً في ان تكرس نتائجها موقعه قوة رئيسية اولى. اما "حزب التجمع من اجل الجمهورية" اليمين الديغولي فيخوضها، آملاً في ترميم مواقعه الشعبية بعد الهزيمة الساحقة التي لحقت به في الانتخابات الماضية. وفي الوقت نفسه، فان المنافسة بين لائحتي الاشتراكي التي يترأسها الامين العام للحزب فرنسوا هولاند، وحزب التجمع التي يترأسها الامين العام بالوكالة نيكولا ساركوزي، تنطوي على رهان مبكر يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة سنة 2002. فالهاجس الضمني المسيطر على هولاند في اطار هذه الحملة، هو تحقيق نتائج كفيلة بتعزيز موقع جوسبان كمرشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، فيما يسعى ساركوزي الى هدف مماثل. لكن هولاند يستند في حملته الى أسس قوية تتمثل بالتجانس القائم داخل الصف الاشتراكي، وبالموقع الثابت الذي يحتله على رأس الحزب، في حين ان ساركوزي يخوض حملته انطلاقاً من موقع موقت وفي ظل انقسامات حادة، داخل حزبه منذ تخلي فيليب سيغان عن الامانة العامة، وداخل الصف اليميني عموماً. للمرة الاولى يخوض اليمين الفرنسي الانتخابات الاوروبية عبر لوائح مختلفة، بعدما اختار شارل باسكوا الذي يعدّ من الوجوه التقليدية البارزة في حزب التجمع تشكيل لائحة خاصة به مع النائب المنشق عن حزب التجمع فيليب دوفيلييه. وفيما قرر رئيس حزب "الديموقراطية الليبرالية" آلان مادلين المنشق عن حزب "الاتحاد من اجل الديموقراطية الفرنسية"، التحالف مع ساركوزي ضمن لائحة واحدة، اقدم الامين العام للاتحاد فرنسوا بايرو على تشكيل لائحة خاصة به، منهياً بذلك سنوات عدة من التحالف التقليدي بين رأسي اليمين الفرنسي. والمؤكد ان هذا التعدد في اللوائح اليمينية، لا يشكل عاملاً من شأنه ان يعيد للقواعد اليمينية وحدتها. من جهته يخوض الحزب الشيوعي الفرنسي على رغم مشاركته في حكومة جوسبان، الانتخابات الاوروبية منفرداً، ويواجه عبرها تحديين: الاول يتمثل في لائحة انصار البيئة الخضر التي يقودها دانيال كوهين بنديت، والثاني يتمثل في لائحة "النضال العمالي" اليسار المتطرف التي تقودها ارليت لاغييه. ويركز الامين العام للحزب الشيوعي روبيرهو جهده على الحؤول دون تمكن مرشحي اي من اللائحتين من تسجيل تقدم في الانتخابات الاوروبية على حساب رصيده الشعبي المستقر نسبياً. ويبقى اليمين المتطرف الممثل بزعيم "الجبهة الوطنية الفرنسية" جان ماري لوبن وبزعيم "الجبهة الوطنية - الحركة الوطنية" برونو ميغريه الذي انشق عن لوبن، ويتنافسان عبر الانتخابات الاوروبية على موقع القائد الفعلي لليمين المتطرف.