كنت في خيام اللاجئين من كوسوفو في ألبانيا ضمن وفد قطر عندما تلقيت خبر وفاة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز فتضاعف الشعور بالمأساة واشتد الحزن ونحن نشاهد تلك المناظر في المخيمات لأن وفاة الشيخ بن باز هي في الواقع تمثل صدمة للعالم الإسلامي في هذا الزمن الذي فقد المسلمون فيه الرجال الذين يعيشون مشاكل شعوبهم ويبذلون النفس والنفيس في سبيل دعوة الاسلام. كان الشيخ بن باز نبراساً في العالم الاسلامي يهتدي به السائرون في الطريق المظلم وكان علماً للحق والخير في وقت تغلب فيه الظلم على الحق والشر على الخير. الشيخ عبدالعزيز هو المرجع لكل من يسأل عن الطريق الآمن في مجال الدين والشرع فيطمئن مستفتيه انه إذا اتبع فتواه وما أرشد اليه فقد سار على النهج المؤدي الى الهدف الذي يرضي ربه فيرتاح ضميره ويطمئن قلبه ولا بد أن نتذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ان الله لا ينتزع العلم انتزاعاً ولكن ينزعه بقبض العلماء حتى اذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا". فوفاة الشيخ ابن باز ثلمة في الاسلام وثغرة فتحت في جداره نسأل الله ان يسدها .... فحتى لو اختلفت معه في الرأي فلا يغضب لأنه يؤمن بما قاله الإمام مالك "كل يؤخذ من قوله ويترك الا صاحب هذه الروضة" يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول الإمام الشافعي "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" ولا زلنا نذكر فتاويه التي خالف فيها الأئمة الأربعة وأخذ فيها برأي شيخ الإسلام ابن تيمية لقوة الدليل فيها .... واسم الشيخ عبدالعزيز عندما يذكر يذكر الناس بسيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وهذه نعمة أنعمها الله عليه اذ أحبه الله فجعل المحبة له في قلوب عباده المؤمنين. وكانت مجالسه مجالس علم كلها يرتع فيها طلبة العلم وكأنهم يرتعون في رياض الجنة فهو لا يقبل في مجالسه غيبة ولا نميمة ولا سباب ولا شتائم كما يفعل بعض من يدعون العلم. ونحن عندما نفقد هذا العالم الكبير نؤمن بأن لله ما أخذ وله ما أعطى "كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور" 185 آل عمران، "كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" 27 الرحمن. ولا يسعنا الا أن نقول لا حول ولا قوة الا بالله إنا لله وإنا إليه راجعون .... قطر - عبدالقادر بن محمد العماري