القبض على (12) يمنياً في عسير لتهريبهم (200) كجم "قات"    ميرينو: سنفوز على باريس سان جيرمان في ملعبه    وزير الخارجية يستقبل نظيره الأردني ويستعرضان العلاقات وسبل تنميتها    المتحدث الأمني بوزارة الداخلية يؤكد دور الإعلام الرقمي في تعزيز الوعي والتوعية الأمنية    بمشاركة أكثر من 46 متسابقاً ومتسابقة .. ختام بطولة المملكة للتجديف الساحلي الشاطئي السريع    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل عن السلامة والصحة المهنية    وزير الخارجية يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن    بيئة عسير تنظم مسابقة صفر كربون ضمن فعاليات أسبوع البيئة    رؤى مصطفى تسرد تجربتها الصحفية المميزة في حوار الشريك الأدبي    رسمياً نادي نيوم بطلًا لدوري يلو    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية مدير عام السجون بالمملكة    بعد تأهله للنهائي الآسيوي.. إشادة عالمية بفوز الأهلي على الهلال    تدشين الهوية الجديدة لعيادة الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال التوحد    انطلاقة المعرض الهندسي الثالث للشراكة والتنمية في جامعة حائل    "مبادرة طريق مكة" تنطلق رحلتها الأولى من كراتشي    نائب أمير حائل يزور فعالية "أساريد" في قصر القشلة التاريخي    أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    العمليات العقلية    6 مطارات لخدمة الحجاج    "فلكية جدة": رصد هلال شهر ذي القعدة في سماء الوطن العربي بعد غروب شمس اليوم    انخفاض أسعار الذهب بنحو واحد بالمئة    11.3 مليار ريال استهلاك.. والأطعمة تتصدر    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    المرور: تجاوز المركبات أبرز أسباب الحوادث المرورية    تطوير التعاون الصناعي والتعديني مع الكويت    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    حوار في ممرات الجامعة    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    سوريا.. ملاحقة المتورطين في أحداث جرمانا    قفزات استثنائية للرؤية السعودية (1 4)    جيسوس: الأهلي كان الأفضل    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    إسبانيا: الحكومة والقضاء يحققان في أسباب انقطاع الكهرباء    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهرامات وأديرة عبر العصور . تطوقها قلادة "بحر يوسف" الفيوم .. واحة الطبيعة والهدوء والتاريخ
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 1998

على مسافة 100 كيلومتر جنوب القاهرة، تقع منطقة ذات مواصفات خاصة منحها التاريخ أفضل كنوزه، وترك فيها أخلد بصماته، ومنحتها الجغرافيا أحلى المميزات المناخية والطبيعية. إنها الفيوم أو واحة الفيوم التي تتميز على سائر واحات مصر بأنها لا تشرب من مياه العيون الغنية التي تملكها فقط، ولكنها تروي حدائقها الغناء من نهر النيل.
والفيوم ليست مدينة ساحلية، فهي تقع في قلب مصر، ولكن الطبيعة لم تحرمها من أجمل شواطئ على إحدى أكبر وأشهر البحيرات في مصر، ألا وهي بحيرة قارون.
وبالاضافة الى ما تتمتع به من أرض زراعية خصبة وحدائق مشهورة، فإن الفيوم تعد في الوقت نفسه من أشهر مناطق الصيد البري وصيد الأسماك أيضاً.
الفيوم.. حضارة
وأغدقت الطبيعة على الواحة بكل اشكال الجمال ومعانيه. وتمتلك منطقة الفيوم تاريخاً موغلا في القدم، وهي اشتهرت منذ العصور السحيقة، وظهرت فيها حضارة استرعت انتباه العلماء لبروزها في فترة سبقت البدء في تسجيل التاريخ وسميت باسم "حضارة الفيوم".
وطوال العصور التاريخية التي مرت بها مصر، كان لمنطقة الفيوم دور ومكان كبيران. وترك كل الحضارات المصرية القديمة رموزاً تخلد وجوده هناك، فهي تحوي معابد وأهرامات عدة بالإضافة الى أطلال المدن القديمة.
وفي القرن العشرين قيل الميلاد، اتخذ ملوك الدولة الوسطى مدينة "اللشت" الحالية القريبة من مدينة الفيوم عاصمة لهم، وأصبحت الفيوم مكاناً مختاراً لقضاء أوقات الفراغ لدى معظم الحكام والوجهاء للنزهة وإشباع هواية الصيد.
كما اتخذ عدد منهم من الفيوم مكاناً لبناء مقابرهم التي لا تزال باقية الى اليوم.
وفي نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، أي في العصر اليوناني، ظلت الفيوم محتفظة بشهرتها، وأطلق عليها آنذاك "كروكوديبوليس" أي "مدينة التمساح"، نسبة الى إله الإقليم المحلي الذي كان يطلق الفراعنة عليه اسم "سبك".
ثم اطلق اليونانيون عليها اسم "آرسينوي"، وهو اسم زوجة بطليموس الثاني المشهور باسم فيلادلفيوس.
وفي العصر القبطي منتصف القرن الميلادي الاول تغير اسمها الى "بيوم"، ومعناها "المياه"، إشارة الى كثرة المياه فيها. ثم تحول الاسم الى فيوم، وهو الاسم الذي تعرف به تلك المنطقة الى الوقت الحالي.
وأطلق ذلك الاسم أيضا على العاصمة الحالية للمنطقة، وهي مدينة الفيوم، إذ كانت العاصمة السابقة هي منطقة كيمان بالقرب من مدينة الفيوم.
متحف لكل العصور
وترك ذلك التاريخ العريق للفيوم آثاراً وبصمات عدة تجسد كل العصور، لذلك فإن المنطقة تحفل بمواضع متكررة تضم لوحات فنية عدة، وتعتبر مثالاً جلياً لرقي التصوير في العصر الروماني.
وتضمنت تلك اللوحات تصويراً لأشخاص عاشوا في الفيوم في ذلك العصر، واشتهرت اللوحات باسم "صور الفيوم"، ويعرض منها في المتحف المصري في القاهرة بعض النماذج الجميلة.
ومن أهم الآثار الأخرى التي تضمها الفيوم، مجموعة من آثار الأسرة الفرعونية الثالثة عشرة الف عام قبل الميلاد، وكان امنمحات الأول اهتم بتوسعة الرقعة الزراعية في تلك المنطقة، كما حفر قناة تمتد من النيل الى شمال غرب بني سويف لري مزيد من الأراضي الى أن جاء امنمحات الثالث 1842- 1797 قبل الميلاد فشق بحيرة موريس لتخزين المياه.
وترك امنمحات الثالث هرمه المعروف ب"هوارة"، الواقع على بعد 14 كيلو متراً جنوب شرقي مدينة الفيوم، وهو مبني بالطوب اللبن.
ويقع جنوب ذلك الهرم أيضا المعبد الجنائزي الذي بناه امنحمات الثالث المعروف باسم "قصر اللابيرانت"، وهو القصر الذي استرعى انتباه هيرودوت ابو التاريخ. ولم يبق من ذلك المعبد إلا أجزاء من أعمدة من الغرانيت.
هرم سنوسرت
وهرم امنمنحات الثالث ليس الهرم الوحيد في منطقة اللاهون في الفيوم، ففي الجنوب الشرقي من ذلك الموقع، وعلى بعد نحو ستة كيلو مترات من الطريق الرئيسي القائم حاليا، تقف أطلال هرم سنوسرت الثاني 1897- 1878 على ربوة صخرية، وقد شيدت دعائمه من الحجر الجيري، وتمت تغطيتها بالطوب اللبن ثم بالأحجار.
ووضع بناة ذلك الهرم طبقة من الرمال والأحجار حول قاعدته من أجل حمايته من الفيضان ولإخفاء مدخله من الناحية الجنوبية، ولكن ذلك لم يمنع اللصوص من دخول هرم سنوسرت، والعبث في تابوته، إلا إنهم لم يعثروا على مجوهرات رائعة معروضة الآن في المتحف المصري ومتحف مترو بوليتان في نيويورك.
وعلى بعد كيلو مترين من هرم امنمحات الثالث هناك توجد مقبرة الأميرة نفروبتاح ابنة امنمحات الثالث.
وثمة هرم آخر يعرف باسم هرم الملكة، كما هناك مصاطب كانت مدافن للأمراء ورجال البلاط ومقابر الأميرات اشهرها مقبرة الأميرة سات حور التي وجدت فيها الحلي الجميلة المعروضة باسمها في المتحف المصري.
وهذه المقبرة عبارة عن بئر تم نحتها في الصخر، وتنتهي بغرفة الدفن.
وعلى مقربة منها توجد بقايا لمدينة كاملة للعمال على مساحة قدرها 18 فداناً تعد نموذجاً لتخطيط المدن القديمة.
أما هرم مادوم فإنه يقع شمال غرب مدينة الواسطى على النيل، ويمكن الوصول اليه من الفيوم سواء بالقطار أو السيارة. وهو من أشهر الأهرامات، إذ تبلغ مساحة قاعدته 144 متراً مربعاً، وارتفاعه 42 متراً.
وشيد الهرم على حافة ربوة مطلة على أرض زراعية، وتهدم معظم اجزائه، إلا ان قاعدته الباقية تظل شاهدة على عظمة تشييده، وهي تبدو كأنها أحجار قلعة عملاقة من القرون الوسطى.
وعلى بعد 32 كيلو مترا في الجنوب الغربي من الفيوم، آثار معروضة باسم آثار مدينة ماضي... بناها امنمحات الثالث وابنه.
أما قصر قارون فيقع على مسافة 51 كيلومترا شمال غرب الفيوم، وينسب الى العصر الروماني، وهو من الآثار التي لم تمسها الطبيعة بالكثير من الضرر.
ولم تفقد الفيوم دورها أو شهرتها في العصر الاسلامي من تاريخ مصر، بل كانت مركزاً مهما من مراكز الصناعات والحرف الاسلامية، لا سيما صناعة الخزف التي تميزت بها ابتداء من نهاية القرن الحادي عشر الميلادي.
وتعرض نماذج من ذلك الخزف في متحف الفن الاسلامي في القاهرة، وهو خزف مشهور باسم الخزف الفيومي.
الاديرة
اما الآثار المسيحية في الفيوم فهي كثيرة، وفي مقدمها دير العذراء، ويقع الى جوار طريق الفيوم - بني سويف. ويبعد عن مدينة الفيوم بنحو ستة كيلومترات.
وفي أقصى الجنوب يقوم "دير الملاك" الذي شيد في القرن السابع الميلادي، ويقع على ربوة صخرية عالية.
وفي شمال شرق اللاهون، هناك دير همام الذي شيد في القرن الثامن. وعلى بعد 15 كيلو متراً جنوب غرب اللاهون دير "مسار جرجس" الذي يمكن الوصول اليه بالقوارب وعلى بعد 30 كيلومترا جنوب منخفض الفيوم، دير الأنبا صنويل، الذي يمكن الوصول اليه عبر طريق السيارات.
وتستهوي الفيوم هواة الراحة والهدوء وعشاق الطبيعة والجمال لكثرة ما فيها من حدائق الفاكهة والمناظر الطبيعية الخلابة.
وساعدها على تبوء هذه المكانة طبيعة ارضها التي تختلف مستوياتها ارتفاعاً وانخفاضاً، وكذلك السواقي والطواحين المنتشرة فيها، المدارة بقوة اندفاع المياه، والتي لا تزال تعمل الى اليوم.
وتختلف الفيوم في طبيعتها عن وادي النيل، فهي تعتمد في ري أرضها على مياه النهر التي تصلها به قناة تبدأ بالقرب من مدينة أسيوط في مصر العليا وتدعى "بحر يوسف"، بالاضافة الى عدد من العيون العذبة.
اما ارضها الزراعية فتتدرج في طبيعتها من الجنوب الى الشمال على شكل هلال، وهي بذلك اشبه بالزهرة المعلقة في سلسلة فضية هي "بحر يوسف"، بينما تتدلى منها الواحة الخضراء وتتوسط نصفها الشمالي بحيرة قارون التي أكسبتها السماء الصافية رزقة الفيروز.
أما بحيرة قارون ذاتها فإنها ملتقى لهواة الصيد، حيث تكثر بها أسماك البوري والطوبار والصول وسمك موسى.
ويتجول على شواطئها صيادو الطيور التي تكثر فوق البحيرة منذ فصل الخريف، والى بداية الربيع.
وفي المناطق الصحراوية تمارس رياضة صيد الارانب البرية والغزلان، وحول بحيرة قارون انتشرت المشاريع السياحية التي كانت تستقبل فيما مضى عشاق الجمال والهدوء والطبيعة من القاهرة والمدن المجاورة.
وتعد الفيوم اليوم من اشهر المناطق السياحية الريفية في مصر، ويتدفق عليها المصريون والاجانب. كما تحرص الشركات على وضعها على خريطة رحلاتها السياحية.
وتم افتتاح اول قرية سياحية في المنطقة على مستوى دولي خلال عام 1995، ومنذ ذلك الحين والمشاريع الفندقية تتوالى فيها لرفع طاقتها الاستيعابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.