توج نادي مكارم المهدية بكأس تونس لكرة اليد أمام بطل الدوري النجم الساحلي في مباراة مثيرة لم تحسم إلا خلال اللحظات الأخيرة في الفترة الاضافية بنتيجة 22-21. وسجل الهدف الحاسم اللاعب الجزائري رضوان عواشرية بعد أن أضاع مواطنه محمد بوزيان تحقيق الثنائية الدوري والكأس لنجمة الساحل. وبذلك يضيف مكارم المهدية كأسه الثانية وهو الذي احرز الاولى عام 1990 على حساب الترجي. وتحصلت الجمعية الرياضية في الساحل على ثنائية الدوري والكأس لكرة اليد النسائية. وبذلك ينتقل التتويج التونسي في كرة اليد من محوره التقليدي في العاصمة بين الافريقي والترجي إلى الساحل التونسي بعد فوز النجم ببطولة الرجال ومكارم المهدية بالكأس ونجمة الساحل ببطولة وكأس السيدات. وشهدت مدينة الموحدين، المهدية، احتفالات صاخبة وجماهيرية بالكأس تواصلت سبعة أيام وسبع ليال كما رددها جمهورها في قبة المنزه: "سبعة أيام وسبع ليال والمهدية في العلالي"... وانطلقت هذه الاحتفالات منذ يوم المباراة وذلك عبر تسفير قطار خاص الى العاصمة تونس و12 حافلة بجمهور المهدية الذي تجرع مرارة الهزيمة في نهاية الدوري أمام منافسه النجم الساحلي. وتواصلت هذه الاحتفالات في طريق العودة وفي شوارع المدينة التي تنام عادة باكراً، ومثلت "السقيفة الكحلاء" بوسط المدينة مركز الكرنفال الرئيسي حيث وزعت المرطبات والتقطت صور للذكرى مع "الاميرة" كأس تونس. ولم يفسد هذه الأجواء سوى اعلان مدرب النادي صالح بوشكريو الجزائري استقالته اثر التتويج، وكذلك نبأ تغيير وجهة قائد الفريق هشام التركي نحو نادي العروبة السعودي. واحتفالات الأندية التونسية في السنة الحالية تتجاوز المعهود عند التتويج، خصوصاً في مستوى التفاعل الجماهيري مع الحدث. فلقد انتظرت جماهير النادي الصفاقسي الفائز بالبطولة الافريقية للكرة الطائرة ساعات طوال على الطريق لاستقبال أبطال افريقيا، وقدر عدد المستقبلين بمسافة 50 كلم. وبلغ الاحتفال أقصاه عندما حملت الجماهير حافلة اللاعبين لبضعة أمتار في علامة على تعطشها لهذا التتويج الذي غاب عن المدينة 10 سنوات. وتمثل محافظاتسوسة والمهدية والمنستير القلب النابض للساحل التونسي، ويعرف أهله بالمحافظة وحبهم للعمل، ومن الساحل تخرجت النخبة السياسية لتونس المعاصرة، فالزعيم الحبيب بورقيبة أصيل مدينة المنستير، ورئاسة الجمهورية الثانية بقيادة زين العابدين بن علي لم تنتقل سوى 26 كلم حيث مسقط الرئيس الحالي في حمام سوسة... وفي الساحل عرف الحزب الحاكم تأسيسه وبروز أبرز قياديه، وتمتعت هذه الجهة بامتيازات استثمارية وتنموية كبيرة في فترة الرئيس السابق، وعمل الرئيس بن علي على ايجاد توازن لهذا الاختلال في موازنة المحافظات، وفاز نادي جندوبة الرياضية بلقب الدوري للدرجة الثانية في كرة اليد، وتعد محافظة جندوبة من المناطق المحرومة سابقاً والأفقر في تونس، ما جعل التتويج يأخذ الاتجاه نحو الجنوب في معناه الاقتصادي، بعد سيطرة الشمال الترجي والافريقي منذ بداية الدوري في الموسم 1956-1957. 4 بطولات و4 كؤوس ويعتبر نادي الجمعية الرياضية في الساحل سيدات ناد حديث، تأسس في منتصف التسعينات، ولكنه أحرز 4 بطولات و4 كؤوس، ويمول هذا النادي منتخب تونس لليد ب12 لاعبة منهن قائدة المنتخب رجاء التومي. وهناك دعوة رئاسية في تونس وحرص شديد على تشجيع الرياضة النسائية لأهمية مظاهر الحداثة في مواجهة "التطرف" واستعداداً للانتخابات الرئاسية المقبلة التعددية. ويضم النادي في جميع أصنافه 150 فتاة تحب كرة اليد وتمارسها. وعرف نهائي كأس تونس بين المهدية والنجم الساحلي مشادة كلامية لحارس النجم والمنتخب سامي المستيري المتوج أفضل لاعب لدورة الأندية العربية البطلة 1999 مع أحد اعضاء اتحاد كرة اليد، ما كلفه سحب اسمه من قائمة المنتخب. كما أن علاقة مهاجم الافريقي والمنتخب المتألق وليد بن عمر بناديه المتوترة، كادت ان تحرمه من المشاركة في نهائيات بطولة العالم في القاهرة. واثر معسكر تحضيري في جزيرة جربة الذي شارك فيه لاعبين من أندية المكارم والنجم والترجي والافريقي، توجه منتخب تونس إلى سويسرا وبلجيكا للمشاركة في دورات تحضيرية بمشاركة منتخبات روسيا ويوغوسلافيا واسبانيا تحت قيادة مدربه السيد العياري. وينشط في الدوري التونسي محترفون من الجزائر مثل محمد بوزيان ورضوان عواشرية في المهدية والنجم على التوالي، ويلعب اللاعب المغرب محمد بالرجا في النادي الافريقي. ويعتقد بالرجا بأن منتخب تونس يتمتع بدفاع صلب ومتماسك وقوته تكمن في الهجمات المعاكسة وحارس المرمى رياض الصانع، وأن من أهم نقاط ضعف المنتخب قوته النفسية المهتزة من حيث سرعة تأثره بالهزيمة، خصوصاً إذا كان الفارق كبيراً في الأهداف. ويحترف اللاعب التونسي محمد مادي في نادي السد القطري، ويعتبر أفضل لاعبيه ونقطة ارتكاز منتخب تونس مع شقيقه علي مادي. ويتحدر محمد وعلي من الجبل الأحمر وهو من أشد أحياء العاصمة حرارة حيث كان لعهد قريب يجمع الثالوث المفزع الجهل والفقر والمرض. ويعتقد الحارس رياض الصانع ان ترشح تونس للدور الثاني لكأس العالم في القاهرة الشهر المقبل مسألة ممكنة، وان الترشح لربع النهائي هو الرهان الصعب. ويبدو ان لاعبي منتخب تونس لليد أصبحوا أكثر واقعية اثر خيبة زملائهم في كأس فرنسا 1998 لكرة القدم، وفي انتظار القاهرة 1999 يواصل المهداوي احتفاله المحلي بالتتويج غير عابئ بالعولمة.