قرَّرت الهيئة الدولية ل"النَّاتُو" في مؤتمرها السنوي المنعقد في كِيبُوتي، إصدار إنذار نهائي الى إسرائيل بإيقاف بناء المستعمرات، وإعادة اللاجئين الفلسطينيين الى بلادهم، بما فيها الأراضي التي استولت عليها إسرائيل عام الثمانية وأربعين، والسماح للمفتشين الدوليين بزيارة منشآتها النووية، ومراكز إنتاج أسلحتها البيولوجية والكيميائية. وتضَّمن الانذار، الذي قرأه الامين العام الحاج خَشَبَة أبُو دراع تهديداً باستخدام الضربات الجوية المؤلمة والمدمرة، وفرض حصار اقتصادي إذا لم تُبادر إسرائيل الى الاستجابة خلال اسبوعين من تاريخه لهذه المطالب. ولم يستبعد الامين العام ان يستخدم الناتو الدولي قوات برية لتنفيذ هذا الانذار. وحذَّر الامين العام خَشَبَة أبو دراع من ان تحاول اسرائيل تهديد مناطق الدولة الفلسطينية، أو التضييق عليها اقتصاديا او أمنياً، بما في ذلك قطع مصادر المياه، او عرقلة الملاحة الجوية وحركة النقل البري للبضائع والأفراد، وكذلك وسائل الاتصال، وقنوات الاعلام والمعلومات. واكد سعادة الامين العام ان عقاب الناتو سيكون شديداً وحاسماً ومؤلماً إذا تجاوزت إسرائيل هذه الخطوط الحمراء. والهيئة الدولية ل"الناتو"، وهي تصدر هذا الانذار الخطير، انما تخطو خطوة ثقيلة الوطْء في منطقة تقع خارج نطاق اختصاصها ومجال اهتمامها. ولعل المحلل السياسي يتذكر ان حلف "الناتو" القديم، في مؤتمر واشنطن الشهير الذي انعقد في شهر نيسان ابريل العام 1999، قد اعاد تعريف نطاق اختصاصاته واهتماماته بحيث تشمل مناطق خارج القارة الاوروبية، كما وافقت الدول التسع عشرة الاعضاء في الحلف، حينذاك، على التعامل مع الارهاب الدولي والقضايا الانسانية، بصرف النظر عن موقعها الجغرافي. وقد توسع نطاق العضوية منذ ذلك الوقت، وكان لا بد ان يتوسع نطاق الاهتمامات، موضوعاً وجغرافية. فانضمام دول افريقية وشرق اوسطية، أمثال كِيبُوتي، وشُرْطيستان، وطَماطِمْستان، والزُّولو، وجزائر رُبْع القمَر، جعل مهمة الحلف الجديد اكثر صعوبة وشمولاً. والانذار الاخير للحلف سَبقته مفاوضات مكثفة، ولكن الموقف المتشدد للزعيم الاسرائيلي العقيد الرُّكن، نتانياهو الخامس والعشرين، افشل تلك المفاوضات، ولم يُترك للحلف خياراً آخر. ومع ذلك، فقد جاء هذا الانذار المتشدد مفاجأة للمراقبين السياسيين، نظرا الى العلاقات التاريخية التي تربط اسرائيل بقيادات الحلف الدولي، مثل الولاياتالمتحدة الاميركية وبُورتوريكو وروسيا وبعض الدول الاوروبية، وبالطبع دولة طُماطمستان. كانت ردود الفعل السياسية والاعلامية لذلك الانذار المخيف متباينة ومختلفة، تراوحت بين التأييد المطلق والتأييد الخفيف والاعتراض الواضح والغامض. ولعل استعراضاً للمواقف الغامضة والمعترضة يلقي بعض الضوء على المزاج العام في المنطقة وبقية دول العالم. أوضح الأستاذ بيْكل المنْخَلوطي، وهو كاتب سياسي كبير، بأن النظام الشرق الأوسطي كفيل بحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وانه لا داعي لتدخل الحلف في شؤون المنطقة، خصوصاً أنه يعتقد بأن هذا التدخل له اهداف حقيقية بعيدة تتعلق بالموقف في شبه الجزيرة الكوريّة، وليس بالشرق الاوسط. وصدر بيان من حزب العَرَب الخُضر بأن حل قضية اللاجئين يكون بإلقاء الزهور والورود على الاسرائيليين وليس بقصفهم، لأنه بالحب وحده سيكونون ملك ايدينا وطوع بناننا. كتبت صحيفة "المُقتطف" الذائعة الانتشار، في افتتاحيتها، ان هذا التدخل يُشكل سابقة خطيرة، وتساءلت هل سيتدخل الحلف في المستقبل لتخفيض اسعار الخبز والطماطم والفِجْل في العراق، أو منع ختان البنات في زيِمْبَابوي، او تحسين وتطوير برامج التلفزيون في تُومْبُكتُو؟ وقررت مُفوضية الدولة الفلسطينية تأجيل اعلان موقفها إلى ما بَعْد الاحتفالات الاسرائيلية بعيد ميلاد، نتانياهو الخامس والعشرين، تحاشياً لتعقيد الموقف، وحتى لا تعطيه فرصة لتنفيذ نواياه العدوانية. تحفظت كِيبُوتي وطُماطِمستان على انذار الحلف، على رغم انعقاد المؤتمر في دولة كيبُوتي، واعلنتا ان سبب التحفظ يعود الى انهما ستتحملان، اكثر من غيرهما، اعباء هذه العملية العسكرية، نظراً إلى قرْبهما الجغرافي وارتباطاتهما الاقتصادية، وتنظيمهما للألعاب الأولمبية بعد شهرين. اعلنت الصين معارضتها، وكذلك نيبال وبوركينا فاسُو وجزائر رُبْع القَمَرْ. هددت اسرائيل بإلغاء لقب ملكة جمال إسرائيل الذي تم خلعُه على فتاة عربية العام 1999، كما أعلنت انها ستضطر الى ترشيح نِتانياهو السادس والعشرين ليخلُف نتانياهو الخامس والعشرين، وإلى تعيين شارون الواحد والثلاثين وزيراً للخارجية.