أكدت مصادر مختلفة في الكويت ان الحكومة على وشك اتخاذ إجراءات تقلّص من نفوذ الاسلاميين في مجال العمل الشعبي والخيري، وتحدثت عن تكليف مجلس الوزراء وزير الشؤون جاسم العون اتخاذ اجراءات في هذا الاتجاه. وقالت المصادر ان الحكومة التي أغضبها موقف الاسلاميين من قرار الأمير منح المرأة الحقوق السياسية، خصوصاً تصريحات قطب إسلامي كبير ضد القرار، قررت غلق عدد من فروع جمعيتين اسلاميتين هما: "جمعية الاصلاح الاجتماعي" التي تمثّل تيار الاخوان المسلمين، و"جمعية إحياء التراث الاسلامي" التي تمثّل التيار السلفي. وتدير جمعية الاصلاح التي تأسست عام 1963 خمس لجان تعنى بالعمل الاجتماعي والدعوي و17 لجنة للزكاة والعمل الخيري ولها فروع في مناطق الكويت المختلفة، فيما تملك جمعية احياء التراث عدداً اقل من اللجان والفروع، واذا صحّت التوقعات فإن قرار غلق بعض الفروع واللجان سيتم في غضون اسبوعين. وفيما اعتبر مصدر قريب من الحكومة هذا التوجه "تصحيحاً لأوضاع خاطئة ومخالفات مالية وسياسية في توزيع الاموال الخيرية"، رأى نائب اسلامي سابق ان هناك "حملة حكومية ضد الاسلاميين في موسم الانتخابات". واشار مصدر مطلع الى ان نقاشاً ساخناً دار في جلسة مجلس الوزراء، يوم الاحد الماضي، على خلفية تصريحات لرئيس جمعية الاصلاح عبدالله العلي المطوع بثتها الاذاعة الرسمية، وان الجدل دار حول احتمال غلق الجمعيتين الاسلاميتين او تغيير مجلسي ادارتيهما وتعيين قيادات جديدة بقرار من وزير الشؤون. كما وُجّه اللوم الى وزارة الاعلام لبثها تصريحات المطوع التي قال فيها ان القرار الخاص بترشيح المرأة مخالف للشريعة الاسلامية "ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وذم فيها الوفود النسائية التي ذهبت تشكر الأمير وولي العهد. لكن مناقشات مجلس الوزراء استبعدت غلق الجمعيات. وقال المصدر "من المستبعد حدوث ذلك لأن الجمعيات الاسلامية يقودها معتدلون لهم اتصالاتهم مع الحكومة، واذا انهت الحكومة وجود الجمعيات فعليها ان تتعايش مع تيار اسلامي ضخم يعمل تحت الارض وهذا ما لا تريده". ويرى نائب اسلامي سابق ان توقيت صدور الاتهامات للجمعيات الاسلامية وللجان الخيرية "له ارتباط مؤكد بالحملة الانتخابية، فنحن نحقق ما بين 12 - 16 مقعداً برلمانياً في كل انتخابات، وكوننا غالبية المعارضين يجعلنا الهدف الاول للحكومة". ويشير الى "الحملة الكبيرة في الصحف اليومية المحسوبة على الحكومة ضد الاسلاميين وهيئاتهم الشعبية، وللأسف فإن المعارضة العلمانية تساهم في الحملة عن طريق كتّابها ومجلاتها". وكان آخر القضايا إثارة في الصحافة هو "تبرعات كوسوفو" اذ جمعت حملة قام بها التلفزيون الشهر الماضي، وساهم بها الافراد والشركات في الكويت 13 مليون دولار حسب الاعلان الرسمي. وتقول الصحف ان نصف هذا المبلغ لم يصل الى مستحقيه، كما أُشيع ان بعض اموال الزكاة في اللجان الخيرية لجمعيتي "الاصلاح الاجتماعي" و"احياء التراث" تصرف لتمويل الحملات الانتخابية للمرشحين الاسلاميين. وينفي مصدر قريب من جمعية الاصلاح هذه التهم، معتبراً ان مروجيها "لا يملكون أي أدلة عليها"، وجميع اللجان خاضعة لرقابة وزارة الشؤون ولها موازنات مكشوفة ويجري تدقيقها سنوياً، واذا ما وجدت اخطاء او تجاوزات فنحن اول من يرغب في اكتشافها وتصحيحها". ويشير الى ان "رقم 13 مليون دولار للاجئي كوسوفو هو ما اعلن عنه التلفزيون وما تم جمعه فعلاً اقل من ذلك، والمبلغ استلمته اللجنة المشتركة لاغاثة لاجئي كوسوفو وهي تضم جمعيات اسلامية خيرية وغيرها، ولا يجوز توجيه التهم اعتباطاً من دون معرفة الحقائق والارقام". الاسلاميون والديوان الأميري وعلى محور آخر ترددت امس معلومات عن توجه الى نقل ثلاث لجان يسيطر عليها محسوبون على التيار الاسلامي من التبعية للديوان الأميري الى الوزارات المختصة، واللجان هي "لجنة الانماء الاجتماعي" و"مكتب الشهيد" الذي يرعى أسر من قتلوا في ظل الاحتلال العراقي وسينقلان الى وزارة الشؤون، و"اللجنة الدائمة لاستكمال تطبيق احكام الشريعة" التي كلفها الأمير عام 1991 النظر في التشريعات والقوانين المخالفة للشريعة واقتراح تعديلات عليها، وستنقل هذه اللجنة الى وزارة الاوقاف او وزارة العدل. وقال مصدر في احدى هذه اللجان ل"الحياة" انه لم يصدر رسمياً اي شيء في هذا الخصوص على رغم وجود اقتراح من وزير المال الشيخ علي سالم الصباح بهذا الخصوص لأسباب ادرارية حكومية. ويردد قريبون من الحكومة ان قرار نقل اللجان جاء "بعد ورود ملاحظات كثيرة عليها خصوصاً في الصرف المالي". ويعتبرون ان اللجان "استفادت من الحصانة المعنوية بسبب التبعية الادارية لجهة في مقام الديوان الأميري، لكن ورود ملاحظات في ديوان المحاسبة على مصروفات هذه اللجان قبل سنتين حتّم ابعادها عن الديوان". غير ان مصدراً إسلامياً عقب على ذلك قائلاً ان ديوان المحاسبة "كان أبدى وقتها ملاحظات أكبر بكثير على الجهاز الاداري للديوان الأميري نفسه، فهو صرف اكثر من 20 مليون دينار خارج المخصصات الممنوحة له، اما قرار نقل اللجان فقد يكون ادارياً لكن توقيته الحالي يعطيه بُعداً سياسياً واضحاً".