فتح اقتراح مثير للجدل طرحه سياسي سوداني جنوبي مرموق على اطراف النزاع السوداني والوسطاء فيه، نقاشاً واسعاً في شأن مستقبل البلاد لأنه رجح عملياً اقامة دولتين في السودان.تفاصيل ص4 وركز إقتراح نائب الرئيس السابق أبيل ألير على إقامة كونفيديرالية من دولتين جنوبية وشمالية أثناء فترة إنتقالية مدتها سنتان يجرى خلالها إستفتاء على تقرير المصير. وتكمن أهمية المشروع الذي ارجئت محادثات السلام السودانية أخيراً لمنح صاحبه فرصة لإكمال اتصالات في شأنه، في أن ألير يحظى باحترام واسع في الجنوب والشمال، وفي أنه حرص على عرضه مباشرة على الرئيس عمر البشير وزعيم "الجيش الشعبي لتحرير السودان" العقيد جون قرنق اضافة الى اطراف غربية معنية بقضية السلام في السودان. ويعد ألير أحد أبرز مهندسي اتفاق السلام الذي وقعه الرئيس السابق جعفر نميري مع قادة التمرد الاول في الجنوب في العام 1971، وأصبح بعده نائباً لنميري لمدة عشر سنوات. وامتنعت القوى الرئيسية في الحكم والمعارضة عن ابداء رأي قاطع في الاقتراح، فيما التزم ألير بعد عودته الى الخرطوم أول من أمس الصمت رافضا الحديث الى وسائل الاعلام عن مشروعه. ويركز نص مشروع التسوية الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه، أمس، على اتفاق بين الخرطوم وقرنق ويتجاهل الى حد كبير بقية أطراف المعارضة الشمالية ومؤيدي الحكومة من الجنوبيين في الداخل. واعتبر مراقبون ان ذلك يمثل نقطة ضعف رئيسية في المشروع. وتلخصت مواقف اعلنت في الخرطوم حتى الآن في شأن المشروع في تأكيد رفض فكرة الكونفيديرالية، كما ورد في تصريحات للبشير ووزير خارجيته مصطفى عثمان اسماعيل ورئيس مجلس الجنوب الدكتور رياك مشار. لكن تصريحات اسماعيل ومشار رحبت بجهود ألير لإحلال السلام ما أثار ريب المعارضة الخارجية والجنوبيين الذين يعملون مع الحكومة السودانية وبعض أولئك الذين التحقوا بها بعد توقيع إتفاق الخرطوم للسلام في نيسان ابريل 1997. وقال معارض بارز ل"الحياة" أمس ان المشروع الذي عرضه ألير على قرنق في كمبالا أخيراً، "أعد في شراكة بين ألير والحكومة والنروج وأقر في اجتماع عقد في أوسلو أخيراً". وأضاف أن لدى المعارضة شكوكاً في أن الاتفاق "شبيه بإتفاق أوسلو لجهة أنه سيضع قرنق داخل الدولة وبعد ذلك عليه أن يناضل من أجل مطلبه". وامتنع قادة الاحزاب الكبيرة وقرنق عن الادلاء بتصريحات في شأن الاقتراح، لكن المعارضة الحقيقية للفكرة إنطلقت من أوساط مؤيدي الحكومة من الجنوبيين، الذين هدد بعضهم بإقامة دويلات قبلية في حال منح الجنوب الاستقلال، وفي أوساط دعاة وحدة السودان. ورأت المصادر ان الموقف الحكومي يضع الخرطوم في موقع المستفيد في كل الاحوال، إذ أنها ستحصل على صفقة تضع قرنق تحت رحمتها إذا نجح الاقتراح، وستضع الجنوبيين المعارضين في الداخل في حرج إذا رفضه قرنق لأنها ستقول لهم إن المتمردين هم المسؤولون عن رفض الحل السلمي. ولعل هذا ما يفسر الصمت الحالي ازاء المشروع إذ تداخلت فيه التحالفات الشمالية - الجنوبية المعروفة مع حسابات جديدة يطرحها المشروع.