تتنوع الروابط والجمعيات الخاصة بالمهاجرين أو المهتمة بشؤونهم في ألمانيا. وتقدم غالبيتها نفسها على أنها تنظيمات اجتماعية وثقافية فوق الحزبية السياسية والانتماء الديني. ومن الصعب الحصول على معطيات بخصوص عددها بشكل دقيق. غير أن نظرة أولية إلى القليل من المعلومات المتوفرة حولها تفيد بأنه يتجاوز المئات. ولا تضم الغالبية في صفوفها أكثر من بضع عشرات أو مئات الأشخاص. وتتناسب أعدادها بين صفوف المهاجرين من كل بلد طرداً مع كثرة التيارات والانقسامات السياسية السائدة فيه. ويقدم المهاجرون من تركيا نموذجاً لذلك. فعدد الجمعيات والروابط التركية يبلغ نحو خمسمئة. طبيعة النشاط تتوزع التنظيمات المذكورة على المهاجرين حسب الحالة أو الوضع القانوني لإقامتهم. فجمعيات مثل اتحاد الروابط التركية في برلين - براندنبورغ وغيرها من المقاطعات الألمانية تختص مثلاً بشؤون المهاجرين الذين يحملون الجنسية الألمانية أو أولئك الذين لديهم إجازات إقامة مفتوحة ودائمة. وكذلك الأمر بالنسبة لروابط المغتربين من البلدان العربية مثل سورية ومصر. وتركز بعض الجمعيات والمراكز أنشطتها على شؤون اللاجئين ومساعدتهم على تدبير شؤونهم وتهيئة شروط إعادتهم إلى بلدانهم كما في حال مركز جنوب شرق أوربا الثقافي الذي يهتم باللاجئين من جمهوريات يوغسلافيا السابقة، وخاصة من البوسنة والهرسك. وتمارس هذه التنظيمات أعمالها في الغالب في إطار أداء مهام ذات طابع ثقافي واجتماعي. ويتم التركيز بهذا الخصوص على القيام بأنشطة من شأنها مساعدة الأعضاء على التفاعل والتكامل في مجتمعهم الجديد دون أن يضطروا للتنازل عن خصوصيتهم الثقافية والحضارية على حد تعبير السيد كينان كولات سكرتير اتحاد الروابط التركية في ألمانيا TBB. وتشمل هذه الأنشطة على سبيل المثال القيام بأعمال توعية وتقديم الاستشارات وتنظيم دورات تأهيل وتعليم لغة البلد الأصلي وإقامة حفلات وندوات وحوارات وما شابه ذلك. ويتم التوجه من خلال ذلك إلى مختلف الشرائح وذلك بحسب العمر أو المهنة أو الهواية وأحيانا الجنس… الخ. أما تمويل هذه الأنشطة فيتم في الغالب عن طريق دعم السلطات الألمانية واشتراكات وتبرعات الأعضاء وغيرهم . جمعيات تركية ينشط العدد الأكبر من التنظيمات بين صفوف المهاجرين الأتراك ومن ذوي الأصول التركية والذين يشكلون لوحدهم نحو ثلث المهاجرين في ألمانيا. وتنشط غالبية تنظيماتهم في إطار جمعية الجالية التركية في ألمانيا TGD ومقرها مدينة هامبورغ. وتشكل هذه إطاراً يضم نحو 400 من الاتحادات على مستوى المقاطعات ومن الجمعيات المهنية والروابط. ويستدل من وثائق التأسيس أنها مستقلة وتهدف إلى تمثيل مصالح المهاجرين القادمين من تركيا الأتراك منهم والأكراد وغيرهم تجاه السلطات الألمانية المختصة. ويعتبر اتحاد الروابط التركية في برلين - براندنبورغ TBB الذي يضم 21 جمعية ورابطة أحد أكبر وأنشط هذه التنظيمات. ويقول سكرتيره السيد كينان كولات: "أن سر ذلك يكمن في حيادنا تجاه القضايا السياسية التركية. فنحن نسعى لتمثيل مصالح المهاجرين من ذوي الأصول التركية بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والسياسية". ولا يكتفي الاتحاد المذكور بتقديم المشورة وإقامة الأنشطة الثقافية والرياضية وتنظيم دورات التأهيل الخاصة بالمهاجرين وأبنائهم وحسب. فهو يساهم بقوة في الجهود الرامية للضغط على السلطات من أجل الإقرار بأن ألمانيا بلد هجرة ومهاجرين. فمن شأن ذلك الإقرار بذلك حسب السيد كولات أن يؤدي إلى إقامة هيئات ومؤسسات حكومية تهتم بشؤون المهاجرين وتضمن حقهم بالحصول على الجنسية والمشاركة في الحياة الديمقراطية والمساواة مع أقرانهم الألمان على صعيد تأمين فرص العمل وغير ذلك. وتقوم جمعية الجالية التركية في برلين والتي تضم 20 من الاتحادات والروابط ونحو 30 ألف عضو بأنشطة مماثلة لأنشطة جمعية الجالية التركية في المانيا. غير أنها تركز على الأنشطة الاستشارية والإعلامية في مجالات تهم المهاجرين وتساعدهم على معرفة حقوقهم والمطالبة بها. ويقول السيد اداك أحد المسؤولين عن أنشطة الجمعية في برلين "لقد قمنا مؤخراً على سبيل المثال بحملة إعلامية طالبنا من خلالها السلطات بالإسراع في البت بطلبات التجنيس المتراكمة في الدوائر الحكومية والتي يبلغ عددها نحو 45 ألف طلب تعود في غالبيتها لمهاجرين أتراك. وكما تعرف فإن فترة البت هذه تستغرق فترة يبلغ معدلها نحو سنتين". وبالإضافة إلى التنظيمات ذات النشاط الاجتماعي الثقافي هناك جمعيات وروابط إسلامية ذات طابع تركي إلى حد كبير. وتركز اهتمامها على مسائل تهم المسلمين بشكل عام والأتراك منهم بشكل خاص. ومنها على سبيل المثال الاهتمام بمسألتي ممارسة الشعائر الدينية في المصليات والمساجد التي تشرف عليها وتديرها وتدريس التربية الإسلامية. ومنها على سبيل المثال لا الحصر الاتحاد الإسلامي التركي DITIB والفيديرالية الإسلامية التي تعتبر سقفاً يضم نحو 37 جمعية ورابطة إسلامية لدى الكثير منها مساجد ومصليات، وحصلت هذه الأخيرة في تشرين الثاني نوفمبر 1998 على حكم يسمح بتدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس الألمانية إسوة بمادتي الدين المسيحي واليهودي. وصدر الحكم المذكور أوائل تشرين الثاني نوفمبر الماضي عن محكمة القضاء الإداري العليا البرلينية. ومن التنظيمات التي تستقطب أبناء المهاجرين الأتراك من الشباب الاتحادات والأندية الرياضية. ويبرز منها في برلين جمعية او نادي الرياضة البرلينية BSU التي أسست عام 1980 وتتخذ من ضاحية كرويتسبرغ مقراً لها. ويزيد عدد أعضاء النادي على خمسمائة غالبيتهم ألمان من أصل تركي. ويقول رئيسه السيد احسان كيلش "أن أنشطتنا تهدف إلى تقوية روح التسامح والمحبة بين أبناء برلين بغض النظر عن أصولهم العرقية". غير أنه اشتكى من التمييز والتفرقة التي تمارسها السلطات الألمانية بحق النادي الذي لا يعامل بالمثل إسوة بنوادي الألمان. ومما قاله في هذا الإطار" بعد الوحدة الألمانية قررت السلطات المذكورة مثلاً أن علينا التدريب واللعب على أرض أحد ملاعب برلينالشرقية البعيدة عنا. ولكن قراراً كهذا لم يشمل الأندية الأخرى في كرويتسبرغ. وتم تبرير ذلك بحجج مثل ضيق المكان أو أن إعادة توحيد المدينة يتطلب تعارف أنديتها على بعضها البعض وما شابه ذلك. الجمعيات الكردية وهناك نحو 10 جمعيات تهتم بشؤون المهاجرين الأكراد في برلين. وتركز أنشطتها بالإضافة إلى إقامة الأنشطة الثقافية والاجتماعية على إقامة أنشطة تتعلق بالقضايا السياسية التي تهم الشعب الكردي. وبرز ذلك مؤخراً على سبيل المثال من خلال مساهمة أعضائها في الاحتجاجات التي شهدتها برلين بعد اعتقال الزعيم الكردي عبدالله أوجلان من قبل السلطات التركية. وتعتبر جمعية كردستان للثقافة والأعمال الخيرية أقدم الجمعيات الكردية في برلينوألمانيا، حيث تم تأسيسها قبل نحو أكثر من ربع قرن. ويقول متحدث باسمها لا يرغب بذكر اسمه أن الجمعية كغيرها من الجمعيات الأخرى تنشط على صعيد تقديم الاستشارات وتنظيم الدورات التعليمية والأنشطة الثقافية للمهاجرين الأكراد. ومن أهم ما تركز عليه بهذا الخصوص تنمية الشعور بالهوية الكردية من خلال المساعدة في تعليم اللغة الكردية والاحتفال بالمناسبات القومية. وعلى صعيد الأنشطة السياسية" فإننا ندعو إلى اتباع الوسائل السلمية والديمقراطية للتعبير عنها". الجمعيات اليوغسلافية وبالنسبة للجمعيات والروابط من جمهوريات يوغسلافيا السابقة فإن اهتمامها يبرز بشكل خاص على صعيد الاهتمام بمشاكل اللاجئين الذين اضطروا لترك ديارهم بسبب الحروب الأهلية والظروف الأمنية والمعيشية، سيما في البوسنة والهرسك. وتقول السيدة كارين ديركو من مركز جنوب شرق أوربا الثقافي، أن الروابط المذكورة تضم لاجئين من البوسنة والهرسك وكرواتيا وصربيا وغيرها من مناطق يوغسلافيا السابقة. وهي تتعاون مع السلطات الألمانية بشكل وثيق من أجل تهيئة ظروف معيشية معقولة لهؤلاء في مراكز تجميعهم وإقامتهم. وبنفس الوقت فإن هناك مشاريع يتم تمويلها من قبل السلطات المذكورة من اجل إعادة العائلات البوسنية وغيرها إلى وطنها بعد تهيئة الشروط اللازمة لذلك، حيث يتم تقديم المساعدات لإعادة ترميم المنازل المصابة وإصلاح الطرق وما شابه ذلك.