لم يكن المناخ في اليمن قبل الوحدة مهيأ لعمل القطاع الخاص لاسباب عدة سياسية واقتصادية. ومع حلول عام 1990 شهد هذا القطاع انطلاقته الكبرى في ضوء توجه البلاد نحو آلية السوق والتخصيص وسيادة العولمة الاقتصادية. وتشير الارقام الى ان القطاع الخاص اليمني ينتج 90 في المئة من الانتاج الزراعي بحكم ملكيته لحوالى 80 في المئة من الاراضي. ويتشابه الوضع في قطاع الخدمات، وخصوصاً التجارة والنقل والمواصلات والتشييد والبناء والاسكان والتأمين. ولا يختلف الامر كثيراً بالنسبة لقطاع الصناعة، اذ تشير بيانات الاحصاء الصناعي الاول لعام 96 الى ان عدد المنشآت الصناعية بلغ 33284 منشأة يمتلك القطاع الخاص نحو 95 في المئة منها. وفي الخطة الخمسية الاولى لليمن الموحد 96-2000 أُنيط بالقطاع الخاص استثمار 100 بليون ريال اي بنسبة 12 في المئة من اجمالي الاستثمارات المخططة البالغة 817.8 بليون ريال. وقال الدكتور عبدالكريم عامر استاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء انه مع تحول الدولة نحو اقتصاد السوق الحر والعمل وفق آلية السوق في تخصيص الموارد الاقتصادية وتحديد نمط الانتاج والتوزيع والحد من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي فمن المتوقع ان يضطلع القطاع الخاص بدور مهم في الاستثمارات اذا تهيأت له الظروف المواتية. وتشير الارقام الرسمية الى ان العمالة الفردية الموظفة في القطاع الزراعي والصناعي والخدمي تقدر بحوالى 70 في المئة من اجمالي قوة العمل. كما ان القطاع الخاص يقدم اكبر وعاء ضريبي وايرادي لتغذية الخزينة العامة للدولة تشمل ضرائب الدخل والارباح والضرائب غير المباشرة، ووصلت عام 1997 الى 96 بليون دولار. وأورد عامر في دراسة حول واقع القطاع الخاص اليمني بعض المعوقات والعراقيل التي تواجهه، ومنها فلسفة النظام الاقتصادي التي اظهرت تبايناً وتناقضاً في المصالح ما خلق عداء مع القطاع الخاص تحت مقولات الاستغلال والاحتكار والجشع وتغليب المنفعة الخاصة ما قد يؤدي الى هجرة رؤوس الاموال الوطنية واحجام رؤوس الاموال الاجنبية. ويشير بعض التقديرات الاحصائية الى ان حجم رؤوس اموال اليمنيين في الخارج يقارب 40 بليون دولار. ويرى عامر على رغم التحسن النسبي الذي طرأ على البيئة التشريعية والقانونية المنظمة للنشاط الاقتصادي في اليمن الا ان جملة من التشريعات الضريبية والزكوية تتضمن مواد وبنوداً مجحفة في مصالح الصناعات المحلية والبيوت التجارية والمشاريع الفردية كضريبة الانتاج والاستهلاك وهيكل التعرفة الجمركية الذي يشجع الاستيراد المنافس للانتاج المحلي فضلاً عن ضريبة الارباح التجارية والصناعية البالغة 35 في المئة. واوضح عامر ان القطاع الخاص في اليمن كثيراً ما عانى من عشوائية وارتجالية السياسات الاقتصادية في الاعوام الماضية في مجالات الاستثمار والانتاج والتوزيع والاستيراد، كما ان الجهاز الاداري في اليمن يعاني كثيراً من السلبيات واوجه القصور اهمها ضعف التأهيل وتفشي الفساد المالي والاداري وانخفاض الانتاجية. وأجمل عامر بعض المعوقات الاخرى المؤثرة في الاستثمار في جهازي الضبط والقضاء والاختلالات الامنية كخطف السياح والتفجيرات. واقترح استراتيجية لتطوير القطاع الخاص وتنمية دوره في النشاط الاقتصادي والاجتماعي تبدأ بإقامة المشاريع على أسس دراسة جدوى الاستثمار فنياً واقتصادياً. وشدد على ضرورة اصدار قانون الغرف التجارية والصناعية والاهتمام بالدراسات والبحوث الاقتصادية والمشاركة الفاعلة في صناعة وتنفيذ السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والاستثمارية بما يوطد علاقة الشراكة مع الدولة وفق قاعدة المواءمة بين الربح الخاص والعائد الاجتماعي. وحض على مزيد من الانفتاح على العالم الخارجي لاقامة علاقة شراكة وتكامل في امتياز الوكالات او التصنيع المحلي او الاستثمار المشترك بما يمكنه من الاندماج في الاقتصاد الدولي بصورة متكافئة وعادلة.