قال محافظ المصرف المركزي اليمني احمد عبدالرحمن السماوي ان الاصلاحات الاقتصادية والمالية في اليمن خلقت ظروفاً مواتية لاجتذاب الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية. وأوضح في حديث الى "الحياة" ان استقرار سعر صرف الريال اليمني في مواجهة العملات الأجنبية طوال فترة تنفيذ الاصلاح الاقتصادي وحتى الآن "مؤشر جيد على الاستقرار الاقتصادي ونجاح السياسات النقدية على رغم الظروف الدولية الصعبة التي عصفت بالعديد من الاقتصادات القوية وتناقص ايرادات الحكومة من تصدير النفط الخام". وأكد السماوي ان المصرف المركزي اليمني يستخدم بنجاح ادوات السياسة النقدية ويطوع هذه الأدوات بحسب احوال السوق بهدف خلق الاستقرار. وشدد على ان الاصلاح النقدي والمالي عملية مصاحبة وضرورية لنجاح الاصلاح الاقتصادي "وهو أمر وعته القيادة اليمنية عند بدء الاصلاحات عام 95 فحدث ما يمكن تسميته ثورة في القطاع المصرفي". وقال السماوي ان واقع القطاع المصرفي اليمني قبل الاصلاحات كان غير مرض بسبب تدهور سعر العملة الوطنية وتعدد اسعار الصرف وارتفاع التضخم والعجز المزمن والكبير في الموزانة العامة للدولة وهذه كانت عوامل طاردة للاستثمارات، وقبل الأخذ ببرنامج الاصلاح كانت اسعار الفائدة على ودائع الادخار سالبة ووصلت الاحتياطات الخارجية لما يكفي شهراً ونصف الشهر من الاستيراد. وقدرت المديونية الخارجية نهاية عام 1995 بنحو 8863 مليون دولار ومتأخرات فوائد بلغت 1122 مليون دولار. وكانت نسبة هذه القروض تصل الى 184 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وبذلك توقف اليمن تماماً عن تسديد الديون الخارجية. اما في الوقت الحاضر وبعد مرور حوالى اربعة اعوام على بداية عملية الاصلاح الاقتصادي تغيرت الصورة تماماً، اذ تجاوت الاحتياطات الخارجية احتياجات خمسة اشهر من الاستيراد وتراجعت المديونية الخارجية الى اقل من ربعها قبل الاصلاحات وزادت المدخرات في المصارف بنسبة 300 في المئة بسبب اسعار الفائدة الموجبة. واستعرض المحافظ الخطوات التي قام بها المصرف في اطار سياسة الاصلاح الاقتصادي، موضحاً "انه في عام 1995 تم تحرير سعر الفائدة المدينة وإلغاء الفوائد الميسرة على القروض المقدمة من المصرف للحكومة والمؤسسات العامة وتحديد فوائد ايداع تأشيرية دنيا وخفض سعر الصرف الرسمي والسعر الجمركي والبدء في اصدار اذون الخزانة". وأضاف: "في عام 96 اتخذ المصرف المركزي اجراءات عدة بينها رفع فوائد الايداع التأشيرية وتحويل حسابات المؤسسات العامة من المصارف التجارية الى المصرف المركزي منعاً للمضاربة والغاء سعر الصرف الرسمي برمته وتوحيد اسعار الصرف وتبني النظام العائم لسعر الصرف، كما اتخذ المصرف تدابير مهمة لمعالجة ديون المصارف المتعثرة وبدأ محادثات مع البنك الدولي لوضع خطة لإصلاح القطاع المالي اواخر عام 96. وفي ايلول سبتمبر من العام نفسه تمت اعادة جدولة ديون اليمن في نادي باريس وحصل على اعفاء من ثلثي الديون الرسمية على اساس صافي القيمة الحالية". وأفاد انه بعد انضمام الاتحاد الروسي الى نادي باريس في ايلول عام 1997 "نوقشت المديونية الروسية، وحصل اليمن على خفض في مقداره 80 في المئة من اجمالي المديونية وخضعت بقية المديونية لاعفاء بمقدار الثلثين على اساس صافي القيمة الحالية". والمعروف ان المديونية الروسية كانت تشكل 75 في المئة من اجمالي الديون على اليمن. وقال السماوي ان عامي 97 و98 شهدا مزيداً من الاجراءات المهمة في المجال المصرفي مثل خفض سعر الفائدة التأشيرية حتى تقوم المصارف بدورها في الانعاش الاقتصادي، كما تم خفض متطلبات الاحتياط الإلزامي على المصارف وأعطى المصرف المركزي فوائد مجزية على الاحتياطي. ولفت المحافظ الى ان اليمن اتفق مع البنك الدولي على مصفوفة نهائية متدرجة لاصلاح القطاع المالي خصص لها الأخير تسهيلات قيمتها 80 مليون دولار من دون فوائد. وتشمل المصفوفة اصلاحات قانونية مثل قانون المصارف وقانون المصرف المركزي وقانون التأجير التمويلي والاعفاء من ضرائب الدمغة للعمليات المصرفية وإعفاء المخصصات لتي تجنيها المصارف بناء على توجيهات المصرف المركزي من ضريبة الدخل. وفي مجال اصلاح المصارف تتضمن المصفوفة معايير كفاية رأس المال ومخاطر الإئتمان والتركزات ومخاطر النقد الأجنبي وأنظمة للمراجعة الداخلية والمراجعة الخارجية وتنفيذ معايير جديدة في المصارف مثل تصنيف القروض وحساب النقص في المخصصات طبقاً لمعايير دولية وتعميم قائمة المدينين المتعثرين. وقال السماوي ان برنامج الاصلاح المالي يشمل ايضا خطوات لتخفيف القيود على المصارف منها السماح بالاقراض بالعملات الاجنبية لمشاريع تدر موارد اجنبية وإزالة القيود على الرسوم والمصاريف المصرفية فضلاً عن معالجة مشاكل مصارف القطاع العام وتلك المتخصصة كخطوة نحو تخصيصها او اعادة هيكلتها او تصفية الفاشل منها. وقد قطع شوطاً كبيراً في هذا المجال. وفي مجال السوق المالية أشار المحافظ الى انه تم اعداد دراسة اولية حول متطلبات انشاء سوق مالية للأوراق المالية في اليمن قام باعدادها صندوق النقد العربي بالتعاون مع البنك الدولي. وقامت بعثة من الصندوق بمسح شامل للسوق اليمنية وأعدت تقريراً حول أسس ومقومات انشاء سوق لتداول الأوراق المالية في الجمهورية اليمنية، وهذه الدراسة تحت التقويم حالياً اذ من المتوقع ان يساهم صندوق النقد العربي وصندوق النقد والبنك الدوليان في الاعداد للسوق المالية. ورأى السماوي ان: هناك قناعة لدى البنك الدولي بأن اليمن حقق انجازات في مجال اصلاح القطاع المالي، ولذا هناك اتجاه للدخول في برنامج يسمى اصلاح القطاع المالي الرقم 2 سينطلق بعد اجراءات سحق الشريحة الثانية والأخيرة وقدرها 30 مليون دولار من التسهيل الاول. كما قامت بعثة من صندوق النقد العربي بزيارة الى اليمن بهدف تقديم تسهيل لإصلاحات اخرى في القطاع المالي واهمها اصلاح نظام المدفوعات اي الوصول الى نظام الكتروني لتسوية المدفوعات الاجنبية على اساس الوقت الفعلي وتطوير سوق ادوات الدين العام عن طريق تنشيط التداول في السوق الثانوية وانشاء سوق ما بين المصارف وادارة الاحتياطات للمصرف المركزي وتم تقديم تسهيل من صندوق النقد العربي لهذا الغرض. وأكد المحافظ ان لا قيود مطلقاً على حرية دخول وخروج الأموال اذ ان اليمن التزم شروط المادة الثامنة من اتفاقية صندوق النقد الدولي. وختم بالتشديد على ان كل هذه الاصلاحات جعلت اليمن بلداً جذاباً للاستثمارات. وفي قطاع المصارف هناك العديد من الطلبات لفتح فروع لمصارف عربية وأجنبية او المشاركة في رؤوس اموال لمصارف يمنية، ويقوم المصرف المركزي بتصنيف الطلبات ودراستها طبقاً لحاجة السوق اليمنية.