فيما عاودت إسرائيل إعتداءاتها على الجنوباللبناني براً وجواً أغارت طائراتها الحربية مرتين أمس على محيط بلدة بسري المتاخمة لمدينة جزين التي كانت تعرضت أول من أمس لثلاث غارات متتالية، شيّعت جزين ومنطقتها ضحايا العبوة الناسفة التي انفجرت بسيارة نمر جبرايل وسط جو مؤثر وإضراب عام وإقفال وحداد، استنكاراً لاستهداف المدنيين، وترافق ذلك مع إعلان "جيش لبنانالجنوبي"، الموالي لإسرائيل، عن إقفال المعابر من جزين وإليها حتى إشعار آخر. فقد شلّ الإضراب العام أمس مدينة جزين ومنطقتها أثناء تشييع ضحايا العبوة الناسفة التي استهدفت اول من امس سيارة العنصر في "الجنوبي" نمر جبرايل وأدّت إلى مقتله وزوجته وولديهما وشقيقة الزوجة. وتمت مراسم التشييع في كنيسة مار يوسف في جزين، وتوزعت مراسم الدفن بين جزين وكفرحونة وسط إقفال وحداد واستنكار لاستهداف المدنيين. وحمل الأهالي النعوش على الأكف في مسيرة انطلقت من مستشفى جزين إلى ساحة القصر البلدي في موكب حاشد وسط هتافات استنكار، وأحرقت الإطارات امام القصر. ثم توجه المشيّعون إلى بلدة روم حيث ترأس الخوري أنطوان نقولا رتبة الجناز في الكنيسة وألقى الكلمة التأبينية الأب بولس الخوند رئىس دير ومدرسة سيدة مشموشة، دعا فيها إلى مجابهة العنف بالصمود. وطالب "المسؤولين في الدولة اللبنانية بتحييد الطرق العامة وتلامذة المدارس والأهالي الأبرياء عن هذه العبوات المزروعة في كل مكان". وناشد "رئىس الجمهورية إميل لحود أن يكون فعلاً أباً لجميع المواطنين"، وذكّر "رئىس الحكومة سليم الحص بتصريح أخير قال فيه: سندعم أهلنا في الشريط الحدودي المحتل". كذلك طالب رئىس المجلس النيابي نبيه بري "بأن يكون الأهل في منطقة جزين فعلاً من الأهل، وأن تكون جزين جزءاً غالياً على قلبه فعلاً". وقال "ربما لم يبقَ إلا طرق المدافن في هذه المنطقة سالكة وآمنة"، معاهداً "أهلنا بأننا سنصمد حتى الموت". وجاء الإضراب تلبية لدعوة وجهتها اللجنة المنبثقة من تجمع مخاتير ورؤساء بلديات وجمعيات وأندية منطقة جزين التي اجتمعت مساء اول من امس وأصدرت بياناً في هذا الخصوص. وبالتزامن مع التشييع، أقدم "الجنوبي" على إقفال المعبرين اللذين يربطان منطقة جزين المحتلة مع باقي الأراضي المحررة. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر في "الجنوبي" ان خروج المواطنين ودخولهم من معبري كفرفالوس وباتر "يمنع حتى إشعار آخر". وفي المواقف، أسف البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير "لما وقع في جزين، وما شهدته من سقوط ضحايا". وطلب، خلال ترؤسه الجلسة ال15 للمؤتمر الأول للبطاركة والأساقفة الكاثوليك في الشرق الأوسط، "إقامة صلاة مشتركة لإحلال السلام". واعتبر نائب رئىس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان "ان الاعتداء الإسرائيلي على بلدة مجدل سلم وحادث المتفجرة في جزين هما من ضمن المخطط الإسرائيلي الجهنمي لافتعال الفتنة بين اللبنانيين". ودعا "حزب الوطنيين الأحرار"، بعد اجتماع لمجلسه الأعلى برئاسة دوري شمعون، الدولة إلى "حزم أمرها وبسط سلطتها المباشرة، أو بواسطة الأممالمتحدة على منطقة جزين، لا سيما أنها خارج الحزام الأمني". وسأل "إذا كانت مصلحة إسرائيل تقضي بتفجير الوضع في الجنوب فهل مصلحة لبنان في التزام التصريحات العنترية وتقديم الذريعة لإسرائيل كي تواصل عدوانها؟". وتوقف بيان الحزب أمام "المأساة المستمرة والنزف البشري المتواصل في جزين". وحذّر الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان عضو شورى "حزب الله" الشيخ محمد يزبك من "أن التفجيرات في جزين هي لعبة جديدة للعدو الإسرائيلي لزرع الفتنة والإيقاع بين المقاومة وشعبها ومحاولة واضحة لتشويه سمعة المقاومة". وقال "ان شعبنا يدرك ويعي تماماً مخططات العدو التي لن تنطلي عليه، وسيجهض كل محاولات العدو ويردّ هذه اللعبة على أصحابها". وفي الوضع الميداني، أغارت طائرات حربية إسرائيلية قبل ظهر أمس، وعلى دفعتين، على منطقة وادي بسري الواقعة على الطرف الشمالي الغربي لمدينة جزين مستهدفة إياها بأربعة صواريخ جو - أرض. وكانت طائرات إسرائيلية شنّت غارتين بعد ظهر أول من أمس على المكان نفسه، وثالثة على منطقة بحنين على الطرف الجنوبي لمنطقة الشوف. وقصفت القوات الإسرائىلية امس أحراج سجد والريحان ومزرعة عقماتا والجبل الرفيع ومجرى نهر الزهراني وعربصاليم في شكل متقطع. وذكرت إذاعة "صوت الجنوب" الناطقة باسم "الجنوبي" ان "عنصراً من "الجنوبي" جرح صباحاً داخل موقع سجد خلال هجوم نفذته المقاومة الإسلامية". فيما اعترفت الإذاعة الإسرائيلية "بجرح عنصر آخر في عملية نفذتها المقاومة منتصف ليل أول من أمس على موقع حداثا". وأدى رصاص القنص الإسرائيلي على بلدة كفرتبنيت إلى تضرر سيارة حسن محمد سرحان. وفي مجال آخر، أدخل الصليب الأحمر الدولي أمس إلى بلدة أرنون عبر الأسلاك الشائكة 30 حصة تموينية للأهالي. إلى ذلك، شيّع في منطقة دير الزهراني المقاوم حسن محمد طرابلسي الذي قضى أول من امس في غارة إسرائيلية على بلدة مجدل سلم، كذلك شيّع عباس علي زين في بلدته كفرفيلا في أقليم التفاح. وهما من "المقاومة المؤمنة" التي يترأسها مصطفى الديراني الذي اختطفته مجموعة كوماندوس إسرائيلية من منزله في البقاع العام 1994 وما زال معتقلاً. من جهة ثانية، فرضت قوات الإحتلال حصاراً على بلدة شبعا المحتلة مانعة سكانها من التوجه إلى المناطق المحررة حتى إشعار آخر. ويأتي هذا التدبير بعد فرار ثلاثة عناصر "لحديين" من البلدة، بينهم مسؤول جهاز الأمن فيها، مصطفى قاسم نبعة الذي عيّن حديثاً وسلموا أنفسهم إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية. على صعيد آخر، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن الجنود الإسرائيليين في جنوبلبنان هم أول من سيدلون بأصواتهم في إطار الإنتخابات الإسرائيلية العامة.