ثمان وأربعون ساعة فقط تفصلنا عن الانتخابات الاسرائيلية وبنيامين نتانياهو سيخسر، فالسؤال الوحيد هو هل يخسر في الدورة الأولى الاثنين، او في الدورة الثانية بعد ذلك بأسبوعين. ثمة مجال للخطأ في كل استفتاء للرأي العام، ولكن حتى لو حسبنا الخطأ لصالح نتانياهو، فهو سيظل متأخراً عن ايهود باراك، زعيم اسرائيل الواحدة، بفارق كبير، تراوح في الاستفتاءات المنشورة امس بين ستة في المئة و12 في المئة. هذه الاستفتاءات لم تسأل الناخبين عن خياراتهم فقط، وانما سألت عن اوضاع محتملة، مثل انسحاب بعض المرشحين الأقل حظاً. وهي وجدت انه لو انسحب عزمي بشارة، المرشح الفلسطيني لكان نصيب باراك في الدورة الأولى 49.9 في المئة، ولو انسحب معه بني بيغن، مرشح اقصى اليمين، لاختار اكثر ناخبيه، لا كلهم، نتانياهو، ولأصبح نصيب باراك 51.5 في المئة، اي فوق حد الخمسين في المئة المطلوبة للفوز في الدورة الأولى. أما لو ان اسحق موردخاي، زعيم الوسط، حزم امره وانسحب لمصلحة باراك لكان فوز هذا في الدورة الأولى مؤكداً، وبنسبة 55 في المئة. مساء السبت هذا هو الموعد المنطقي الاخير لانسحاب موردخاي، الا انه كان حتى أمس مصراً على البقاء في الميدان، على الرغم من نصح حلفائه الاقربين له بالانسحاب، وهو غضب بشكل خاص عندما سمع ان قادة الحزب الثلاثة الآخرين، امنون ليبكين - شاحاك ودان مريدور وروني ميلو، تباحثوا سراً في إمكان انسحابه، وصرح بعد ذلك بأن من يريد ان ينسحب يستطيع ان يفعل ذلك، الا انه باقٍ. وكان أغرب ما في موقفه انه برره بالقول ان حزب الوسط يقوم على افكار سياسية جديدة قوامها المشاركة في اتخاذ القرار، ومع ذلك فهو لو بقي في المعركة امام اصرار حلفائه على الانسحاب لكان خالف المشاركة التي يدعو اليها. مع ذلك يخشى اركان ليكود ان يخسر نتانياهو في الجولة الأولى حتى لو بقي موردخاي فيها. ونسبت الصحف الاسرائيلية الى اثنين من اركان ليكود هما بن كاسبيت ومناحيم راحال قولهما ان نتانياهو يشعر بأن الخسارة ممكنة، لذلك فهو حاول الاتصال بموردخاي لاقناعه بالعودة الى ليكود، غير ان هذا رفض العرض. وقد بدأ اركان ليكود يعدون العدة لاطاحة نتانياهو في اليوم التالي لخسارته، وهناك محور الوزيرة ليمور ليفنات ورئيس بلدية القدس ايهود اولمرت، فهذان يخططان لاجتماع حزبي في اليوم التالي للانتخابات، ويعتقدان ان خروج نتانياهو سيسهل عودة الابناء الضالّين، امثال دان مريدور وبني بيغن واسحق موردخاي وروني ميلو. غير ان مراقبين من خارج ليكود يعتقدون ان الضرر الذي اوقعه نتانياهو بالائتلاف لا يمكن اصلاحه، فهو لم يترك لنفسه حليفاً غير اريل شارون، وهذا لا يثق به. وكان اولمرت رفض قبل يومين حضور اجتماع لكبار اركان ليكود مع وجود نتانياهو فيه. اما اولمرت فخسرت عملها كمديرة العلاقات العامة للحملة الانتخابية، في مواجهة مع نتانياهو حضرها وسيطا وزير المالية يعقوب نيمان، ربما لمنعهما من التضارب بالأيدي. وهكذا تدخل الحملة الانتخابية ساعاتها الاخيرة، وقد لحق كذب نتانياهو به، فلا يجد له نصيراً واحداً بين كبار السياسيين، وأمله الوحيد ان تصب اعداد كبيرة من السفارديم والمهاجرين الروس الى جانبه. وأصوات هؤلاء، تكفي للتأثير في النتيجة غير ان المجموعتين على خلاف كبير مع حملات ارييه درعي، زعيم شاس، على اليهود الأوروبيين، واعتبار اليهود الروس انهم بين المستهدفين بمواقفه العنصرية. وبما ان نتانياهو لم ينتقد درعي، حتى عندما دين وحكم عليه بالسجن، فان موقفه هذا لم يغب عن عدد كبير من المهاجرين الروس الذين انفضوا من حوله. وبقي ان نعرف هل يأتي ايهود باراك رئيساً للوزراء الاثنين، او هل ننتظر اسبوعين آخرين ليفوز في الدورة الثانية. وإذا فاز هذا او ذاك، فما هو الفرق؟ نتانياهو معروف، ولكن باراك ليس بعيداً عنه سياسياً، فهو ايضاً ضد العودة الى حدود 1967، وضد مجرد التفاوض على مستقبل القدس، ومع الاستيطان وبقاء المستوطنات، بما فيها تلك التي بنيت بصورة غير شرعية خلال حملة الانتخابات، وبلغ عددها 25 مستوطنة. وهو طبعاً ضد عودة اللاجئين. أما نحن فقد قنعنا بأن نكون ضد عودة نتانياهو، كأن البديل افضل.