المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. "التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يكرّم الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    نائب أمير الرياض يواسي رئيس مركز الحزم في وفاة والدته    «توكلنا» يحصد جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي    مؤتمر التقييم لتعزيز الأعمال    تمكين الصناعات الذكية والمحتوى المحلي    رسائل اطمئنان    نائب أمير حائل يستعرض المشروعات البلدية والنقل    مجلس سلام نهاية العام وقوة استقرار مطلع 2026.. غزة على أعتاب «إدارة دولية»    طهران ترفض رسائل أمريكية للتفاوض حول النووي    توغلت في بيت جن وأرهبت المدنيين.. إسرائيل تعيد التوتر لحدود الجولان    تأكيد عربي إسلامي على ضرورة الالتزام بخطة ترمب للسلام في غزة    التعادل يحسم مواجهة مصر والإمارات    اختتام دوري البادل 2025 بمشاركة 26 فريقاً وجوائز بلغت مليون ريال    صلاح يغادر ليفربول.. مباراة برايتون ستكون الوداع    الفيفا يعتذر لسكالوني بعد إلزامه بارتداء قفازات لحمل كأس العالم    يزن النعيمات: عيننا على اللقب    القيادة تهنئ رئيس فنلندا بذكرى استقلال بلاده    البلوي يحتفل بزواج سامي    موظف يسرق ذهب محكمة إسطنبول    صليب العتيبي في ذمة الله    "عطاء وطن" يجمع طلاب الطائف في احتفاء التطوع    محمد عبده بالطرب الأصيل تسيد حفلات موسم الرياض    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    إعلان العروض المسرحية لمهرجان الرياض    تتم عبر تصريح «نسك» للرجال والنساء.. تحديد زيارة الروضة الشريفة ب«مرة» سنوياً    "التخصصي للعيون" يفوز بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي    مجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي بالعليا يستخرج شظية معدنية من قاع جمجمة بعملية منظار دقيقة    الذهب ينهي أسبوعا متقلبا بارتفاع طفيف    فيضانات تكساس: تسجيلات الطوارئ تكشف حجم الأزمة    27.6% زيادة في استهلاك الغاز الطبيعي في المملكة    أغاني فيروز تغرم مقهى    جلسات سوق البحر الأحمر تناقش مستقبل صناعة السينما    هجوم على روضة يفتح ملف استهداف المدنيين في السودان    التماسيح تثير الرعب في قرية مصرية    6886 شخصا يعانون من الصداع ومكة تسيطر ب39%    «نور الرياض» يختتم نسخته الخامسة بحضور ملايين الزوار و12 جائزة عالمية    اليوم العالمي للإعاقة مسؤولية وطنية وشراكة إنسانية    عبدالله البسّام.. جيرةُ بيتٍ ورفقةُ عمر    الرئيس الموريتاني يزور المسجد النبوي    تكلفة العلاج السلوكي المعرفي    فريق أنامل العطاء يطلق مبادرة "تطوّعك يبني مستقبلك" في احتفال رسمي باليوم العالمي للتطوع    جمعية أرفى تُقيم فعالية "قوتك وقايتك" بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة    الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهة المغرب في كأس العرب    ضبط (4) يمنيين في عسير لتهريبهم (20) كجم "قات"    انطلاق مهرجان المونودراما وسط رؤية طموحة لتميز المسرح السعودي    كتاب سعودي يحصد اعتراف عربي في مجال الصحافة الاقتصادية    سالم الدوسري: كأس العرب هدفنا الحالي    رئيس البرلمان المقدوني يستقبل إمام المسجد الحرام الدكتور المعيقلي    أكثر من (39) ألف مهمة تطوعية و(19) ألف متطوع في الحرمين الشريفين خلال عام 2025    ترابط الشرقية تحتفي بمتطوعيها في يوم التطوع السعودي العالمي    مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنجران يلتقي مدير التعليم بالمنطقة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة توجيهية لمنسوبي الدفاع الجوي بجازان    نجل بولسونارو: والدي دعم ترشحي لرئاسة البرازيل في 2026    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    التوصل لإنتاج دواء جديد لعلاج مرض باركنسون "الشلل الرعاش"    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة جديدة ل "وثائق الجنيزة" صورة موثقة لأحوال اليهود في مصر المملوكية
نشر في الحياة يوم 14 - 05 - 1999


الكتاب: اليهود في مصر المملوكية
في ضوء وثائق الجنيزة
المؤلف: محاسن محمد الوقَّاد
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب،
القاهرة - 1999
يمثل تاريخ اليهود في مصر إبان عصر سلاطين المماليك، جزءاً لا يمكن فصله من المسار العام لمجمل التاريخ المصري. فلم يكن اليهود في تلك الفترة كيانا منعزلا داخل المجتمع المصري، سواء في النواحي السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بل كان شأنهم في ذلك شأن بقية الطوائف الدينية الأخرى. وهذا الكتاب يتضمن دراسة شديدة التركيز والتخصص، تتناول احوال اليهود في مصر تحت حكم المماليك، عبر علاقاتهم بالطبقة الحاكمة، والوظائف التي شغلوها، وحقوقهم، وشؤونهم الاقتصادية، وأوضاعهم الدينية، وأحوالهم الاجتماعية والثقافية، ما يكشف، بالتالي، عن أهمية الدور الذي لعبه اليهود في المجتمع المصري إبان تلك الفترة الزمنية.
إضافة الى أنه تحسب للكتاب نقطة أخرى غاية في الأهمية العلمية، وهى أنه - وبتأنٍ شديد ومثابرة دقيقة - يفض اشتباكاً لم يزل قائماً بين بعض المؤرخين العرب الكبار، مثل النويري وابن الحاج وابن قيم الجوزية والقلقشندي من جهة، وبين معظم المستشرقين من اليهود أنفسهم من جهة اخرى، وبخاصة الذين تناولوا دور اليهود وأبعاده في التاريخ المصري، مثل آشتور وغواتين ويعقوب مان ومارك كوهين، الذين تعكس أبحاثهم التاريخية ودراساتهم، وجهة النظر اليهودية الصرفة، من دون الأخذ في الاعتبار وجهة النظر العربية الاسلامية، أو على الأقل - حياد المؤرخين إزاء الوثائق التي يتناونها.
و"الجنيزة" كلمة عبرية تشبه الكلمة العربية "جنز" بمعنى دفن أو قبر أو حفظ أو خبّأ أو أخفى، والكلمة الفارسية "كيج" بمعنى كنز - ثورة - مخزن - مستودع، وهي وثائق دونت باللغة العربية بحروف عبرية، وبعثرت بين المتاحف والمجموعات الخاصة الأوروبية والاميركية. وهذه الوثائق لم يتم توجيه العناية الكافية إليها من قبل المؤرخين العرب في الآونة الأخيرة، بحسب ما تؤكد مؤلفة الكتاب الدكتورة محاسن محمد الوقاد في مقدمتها المستفيضة.
من ثم، تقيم المؤلفة دراستها على المقابلة بين ما أورده المؤرخون العرب، وبين ما جاء في نصوص "الجنيزة" بصدد طائفة اليهود في مصر، إبان العصر المملوكي، رامية الى تصحيح العديد من المفاهيم المغلوطة بالنسبة الى تأريخ للمجتمع المصري عموماً والطوائف اليهودية بخاصة.
في المدخل التمهيدي لدراستها التي قسمتها الى اربعة ابواب رئيسية، أوضحت المؤلفة أحوال اليهود منذ الفتح الاسلامي لمصر، وحتى قيام دولة المماليك، مؤكدة أن عمرو بن العاص لم يتعرض لأهل الذمة بسوء منذ فتحه البلاد سنة 21 ه / 642 م، بل عاملهم - وبخاصة اليهود - معاملة حسنة، انطوت على مبدأ التسامح الديني، كما التزم مبدأ حرية الأديان والعقيدة.
أما في عهد الخليفة الأموى عمر بن عبدالعزيز 99 - 101 ه / 717 - 719 م فصدرت أوامر صارمة بإحلال الموظفين المسلمين محل الموظفين اليهود والنصارى في الجهاز الاداري والمالي للدولة. وحرم عليهم ركوب الخيل، وألزموا الركوب بالأكف ليدخلوا أرجلهم من جانب واحد، وكتب بذلك الى جميع اقاليم الدولة الاسلامية.
وفي عهد الدولة الطولونية 254 - 292 ه/ 868 - 905 م كانت في مصر جالية يهودية كبيرة ، وكان افرادها من الأثرياء ورجال الاعمال والتجارة، كما شهدت هذه الفترة تحولاً كبيراً من أهل الذمة، نصارى ويهود، الى اعتناق الإسلام. واستمرت احوالهم في التحسن والارتقاء بمجئ الدولة الأخشيدية 323 - 358 ه / 935 - 969 م، ثم وصول الفاطميين الى مصر في العام 358 ه / 969 م. ولكن بعد سقوط الخلافة الفاطمية، العام 567 ه / 1171 م وانتقال الحكم الى الأيوبيين، اصدر صلاح الدين مرسوما بصرف اهل الذمة، ومنع استخدامهم في الأعمال السلطانية ودواوين الدولة.
وتأتي هذه الرغبة الغريبة من صلاح الدين مبررة، حين نعرف انه اراد إبعاد كل من كان مواليا للفاطميين، خوفاً من محاولة التآمر على حكمه، خصوصاً ان اليهود والنصاري حصلوا إبان العهد الفاطمي على العديد من الامتيازات، كما امتدت ايديهم الى شتى المجالات. واثبتت الاحداث اللاحقة بصدور هذا المرسوم صحة وجهة نظر صلاح الدين، على الأقل بالنسبة الى اليهود، إذ يشير كثير من المصادر والوثائق التاريخية - مثل "الكامل في التاريخ" لابن الأثير - الى ان بعض المصريين تحالفوا مع الفرنجة واليهود لإخراج صلاح الدين من مصر.
وعبر ثلاثة فصول، تعرض المؤلفة لمكانة اليهود في الدولة المملوكية، ومن ثم علاقتهم بالطبقة الحاكمة، والجزية الواجبة عليهم، والشروط اللازمة لعقد الذمة معهم، وموقف سلاطين المماليك الرسمي منهم، والألقاب التي منحتها لهم الدولة، ودور رئيس اليهود في الوساطة بين الدولة ورعاياها من طائفته، ولجوء اليهود أنفسهم الى هؤلاء السلاطين في حال خروج رئيسهم عن جادة الصواب،. كما عرضت لمراسيم الاحتفالية لطوائف اليهود الثلاث. وعالجت التزامهم بالشروط العمرية، والتي انقسمت الى قسمين: "مستحق"، و"مستحب" فأما الأول فيضم ستة شروط هى: عدم ذكر الإسلام بذم له او قدح فيه، عدم ذكر الله بطعن له أو تحريف فيه، عدم ذكر الرسول بتكذيب له أو ازدراء، ألا يصيبوا مسلمة بزنا أو باسم نكاح ، ألا يفتنوا مسلما عن دينه أو يتعرضوا لماله أو دمه، وألا يعينوا أهل الحرب، وهي الشروط الستة الملزمة، فإذا نقضوها نقض عهدهم. أما الشروط الستة "المستحبة" من القسم الثاني، فاشتملت على: الالتزام بلبس "الغيار"، وهو الملابس ذات اللون المخالف للون ملابس المسلمين لتمييزهم عنهم، ألا تعلو ابنيتهم فوق ابنية المسلمين، ألا تعلو أصوات نواقيسهم وتلاوة كتبهم، ألا يجاهروا بشرب الخمر وإظهار صلبانهم، ان يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم ولا نياحة، وألا يركبوا الخيل، ولا يمنعوا من ركوب البغال والحمير وهذه شروط "مستحبة" ولا تلزم بعقد الذمة، ولا يكون عدم التزامها نقضاً للعهد.
واستقصاء للبنية الداخلية لجماعات اليهود في عصر سلاطين المماليك، عالجت المؤلفة التقسيم الطائفي لليهود، من "ربانيين" و"قرائيين" و"سامرة"، ومدى المشتركات والاختلافات بين الفرق الثلاث، مشيرة الى معابدهم وأماكنهم في مصر وقتذاك، وأماكن سكنى كل طائفة، محللة تنظيم شؤون الطائفة الداخلي، والموضوعات الادارية التي كانت تقوم بها لإعانة المحتاجين ومساعدة عابري السبيل. واختتمت بالحديث عن وضع الطوائف اليهودية في القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي، ووصف الرحالة اليهود لهذه الطوائف.
وعلى رغم أن عنوان الكتاب يشير الى أهمية "وثائق الجنيزة" في استقصاء حياة اليهود في مصر المملوكية، إلا ان المؤلفة تشير إلى عدد هائل من الوثائق والمصادر والمراجع التاريخية التي استعانت بها في دراستها، منها وثائق "دير سانت كاترين" التي توضح لنا موقف الدولة الرسمي تجاه أهل الذمة، ثم وثائق وزعت على العديد من المصادر العربية التي ترجع الى عصر المماليك، مثل كتاب "تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور" ل"ابن عبدالظاهر" وكتاب "التعريف بالمصطلح الشريف" ل"ابن فضل العمري"، وكتاب "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" ل"القلقشندي"، وهي وثائق تعود اهميتها الى معالجتها أوضاع اليهود من خلال مجموعة التواقيع والوصايا الصادرة لرؤساء اليهود التي تتضمن شروط تولي مناصبهم وسلطات كل منها. فيما مثلت "وثائق الجنيزة" المجموعة الأهم، وكذلك وثائق التقاضي والطلاق وعقود الزواج. إضافة الى مئات المخطوطات والمصادر التاريخية، وكتب الطبقات والتراجم وكتب الرحالة العرب والأجانب، والكتب الفقهية، وكتب الحسبة، ومجموعات ضخمة من المراجع والأبحاث الحديثة باللغات العربية والأجنبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.