يتوقع ان تصبح دول الخليج العربية التكتل الاقتصادي الرئيسي في الشرق الاوسط بعد انشاء الاتحاد الجمركي، ما سيعزز موقفها في مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي ويعطيها دفعة قوية تجاه السوق المشتركة. وقالت دوائر اقتصادية إن اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي على ازالة جميع الحواجز الجمركية تمهيداً لإقامة اتحاد جمركي بحلول السنة 2001 سيقوي اقتصادها ويسهل تطبيق بقية بنود الاتفاقية المشتركة المقرة بداية الثمانينات. وقال الاقتصادي السعودي احسان بو حليقة ان اقامة اتحاد جمركي بين دول المجلس بات يحتل الاولوية عند قادتها نظراً للتغييرات التي طرأت على النظام الاقتصادي الدولي واشتداد التوجه بين دول العالم الى انشاء تكتلات اقتصادية. وأضاف في اتصال مع "الحياة" ان "قرار دول المجلس باقامة اتحاد جمركي بحلول السنة 2001 له أهمية رمزية كبيرة لأنه يزيل عقبة رئيسية كانت تحول دون تطبيق الاتفاقية الاقتصادية الموحدة الموقعة بعد فترة وجيزة من انشاء المجلس". واضاف: "كما انها ستؤدي الى ايجاد سوق واحدة بدلا من أسواق عدة وستعزز موقف دول المجلس في عملية التفاوض في شأن التجارة الحرة مع الاتحاد الاوروبي... واعتقد ان ذلك سيسهل الوصول الى هذه الاتفاقية المهمة لان الاتحاد الاوروبي يصر على النظر الى مجلس التعاون ككتلة واحدة تتمتع باقتصاد واحد لا وجود فيه لحواجز جمركية وغيرها". وفي تصريحات صحافية بعد اجتماع وزراء مال دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض اول من امس، قال وزير الدولة لشؤون المال والصناعة في الامارات العربية المتحدة محمد خلفان بن خرباش ان الوزراء بحثوا في موضوع التعرفة الجمركية الموحدة واتفقوا على ان تبدي الدول الاعضاء وجهات نظرها تمهيداً لاتخاذ قرار في القمة الخليجية المقررة في الرياض نهاية السنة الجارية. وأشار الى ان جولة جديدة من المفاوضات ستعقد مع الاتحاد الاوروبي في تموز يوليو المقبل وان اقرار قادة دول المجلس العام الماضي للاتحاد الجمركي "يشكل خطوة ايجابية مهمة في المفاوضات مع الاتحاد". وقالت مصادر خليجية ل"الحياة" إن موضوع التكامل الاقتصادي سيكون على رأس جدول اعمال الاجتماع التشاوري نصف السنوي الذي يعقده زعماء دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض اليوم. وتتفاوض دول مجلس التعاون الخليجي وهي المملكة العربية السعودية والكويت والامارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان مع الاتحاد الاوروبي منذ اكثر من عشرة أعوام في شأن الوصول الى اتفاق تجارة حرة يلغي الحواجز الجمركية التي تضعها دول الاتحاد أمام منتجات دول المجلس، خصوصاً البتروكيماويات. وتعتبر دول المجلس هذه الحواجز بانها غير عادلة لأن المجلس لا يفرض رسوماً جمركية على الواردات من الاتحاد الاوروبي، ما ادى الى ارتفاع كبير في هذه الواردات في الاعوام الاخيرة وحوّل الميزان التجاري لصالح الاوروبيين بعد ان كانت دول المجلس تتمتع بفائض كبير. وقال بو حليقة ان "اتفاق التعرفة الجمركية الموحدة يظهر للاتحاد الاوروبي وغيره من المجموعات الدولية ان دول المجلس ملتزمة الاتفاقية الاقتصادية الموحدة وهذا يعطيها مصداقية اكبر ويقوي مركزها على الساحة الدولية". واضاف: "آن الاوان لدول المجلس ان تطبق هذا الاتفاق على الارض وليس على الورق لانه يشكل مدخلا للسوق الخليجية المشتركة ويعطي دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية والتجارية في المجلس ويجعله التكتل الرئيسي في الشرق الاوسط". وأشارت احصاءات رسمية الى ان مشروع السوق الجمركية يعني ميلاد اكبر قوة اقتصادية في المنطقة العربية اذ بلغ اجمالي ناتجها المحلي نحو 252 بليون دولار بنهاية العام الماضي اي اكثر من ثلث اجمالي الناتج العربي. ووصل حجم تجارتها الى اكثر من 150 بليون دولار تركزت معظمها مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة واليابان في حين زاد اجمالي المعونات المالية التي قدمتها الى الدول العربية والدول النامية الاخرى على 100 بليون دولار. وأدى النمو السريع في اقتصاد الدول الاعضاء الى ارتفاع الدخل الفردي الى اكثر من عشرة آلاف دولار سنوياً، على رغم النمو الحاد في عدد السكان. واذا ما اخذت بشكل فردي، فإن معدل الدخل يزيد عن 17000 دولار سنوياً في بعض الدول الاعضاء. والنسبة الى النفط، فإن اندماج اقتصادات دول المجلس يعني بروز اكبر قوة نفطية في التاريخ باجمالي طاقة انتاجية تتجاوز 17 مليون برميل يوميا واحتياط خام مثبت يقدر بنحو 460 بليون برميل، اي اكثر من 45 في المئة من اجمالي احتياط النفط الدولي. كما تملك دول المجلس اكثر من 20 ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يشكل نحو 15 في المئة من احتياط الغاز في العالم.