اتهمت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو خلفها نواز شريف بمحاولة ابعادها عن الساحة السياسية كي لا يكون له منافس. واكدت في حديث الى "الحياة" في لندن ان شريف يريد فرض ديكتاتورية الحزب الواحد ويحاول القضاء عليها من خلال القنوات القضائية. واشارت زعيمة حزب الشعب الباكستاني المعارض الى ان محاكمتها ليست مسألة قضائية بل سياسية وان الحكام الحاليين فعلوا معها ما فعلوه مع والدها لكن بفارق انهم يريدون "ابقاءها حية جسدياً ولكن ميتة سياسياً"، بتلطيخ سمعتها. وقالت ان القضاة الذين يحاكمونها مرتبطون بنواز شريف الذي "يلفق الادلة ويضغط على الشهود". ورأت ان ما يحدث لا يتعلق بها فقط لكنه محاولة ل "سلب حق شعب باكستان في انتخاب زعمائه". واكدت انها ستعود الى باكستان في اي حال وستدخل السجن على امل ان يؤدي ذلك الى حشد الشعب ضد سياسات شريف "القمعية والتعسفية". وفي ما يأتي نص الحديث: السيدة بوتو، انت اليوم في ورطة قضائية. كيف حصل ذلك؟ - منذ أطيحت الحكومة وأنا أشعر أن النظام سيحاول القضاء عليَّ من خلال القنوات القضائية. في التاريخ الباكستاني غالباً ما تم القضاء على الزعماء السياسيين بوسائل قضائية. إنهم جميعاً أتوا من محافظات أقلية. واحد كان من شرق باكستان، زعيم بنغالي وهو رئيس الوزراء سروار بي وجرى إقصاؤه في الخمسينات. والدي رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو أعدم في السبعينات، من خلال ما يسمى بالاجراءات القضائية. وعندما أطيحت حكومتي سمعت أن هذا سيحدث لي أيضاً. لذا كنت واضحة حينما أعلنت منذ البداية أني سأطلب محاكمة عادلة، لكن للأسف النظام لا يرغب في إتاحة محاكمة عادلة لي لأن المسألة ليست مسألة قضائية بل سياسية. والدي قضوا على حياته بهذه الطريقة، لكن الأمر يختلف معي ذلك أنهم لو قضوا على حياتي من خلال القضاء سيصبح اسمي أكثر شعبية، وسيستخدمه شخص آخر للتقدم إلى الصفوف الأمامية. لذا فكروا في أن الأفضل ابقاؤها حية جسدياً ولكن ميتة سياسياً.لهذا السبب حاولوا تلطيخ سمعتي: سنّوا قانوناً جديداً مع مفعول رجعي أزال حقي في الحصول على اكثر من استئناف واحد. وبموجب المفعول الرجعي للقانون منحوا المحاكم الحق والسلطة لتحديد توصيفها القانوني: جنائية او مدنية حسبما يناسبها. كيف يتم هذا الامر؟ - على ما يبدو أقاموا خلية في سكرتارية رئاسة الوزراء حصلت على تمويل قدره 18 مليون دولار من أجهزة الاستخبارات.وقدمت مبلغاً إلى وزارة الاعلام لمواصلة حملة دعاية ضدي، لأنهم أرادوا تدمير الصورة أولاً ومن ثم إنفاذ قرارهم بالشكل الذي يرغبون. بعد ذلك أقاموا ثلاث هيئات محاكمة يرأسها ثلاثة قضاة سبق أن عزلتهم حكومتي. وهم اليوم يريدون عزلي من البرلمان للثأر . هؤلاء القضاة الثلاثة لديهم كذلك صلات عائلية وثيقة برئيس الوزراء نواز شريف. رفضوا محاكمتي في ولاية السند حيث انتخبت وأخذوا ملفي إلى لاهور حيث لا يزال نواز شريف يشغل منصب وزير العدل في الحكومة المحلية ولديه سيطرة كاملة على العملية. وفي اليوم الأول للمحاكمة نشروا قوات مكافحة الشغب في كل مكان. فسألتهم: لماذا تنشرون قوات؟ إذا كنتم تريدون إحقاق العدالة فلن يلجأ انصاري إلى إلقاء زجاجات حارقة. ولكنهم ادركوا أن الناس سينظمون احتجاجات لأنهم ينوون قتل العدالة. فمفهوم المحاكمة العلنية أن يتاح للجمهور أن يراقب عن كثب والا فلن يكون هناك أحد لرؤية كيفية إجراء المحاكمة. طالبت بالسماح للتلفزيون بتصوير وقائع المحاكمة وأن تبث محاكمتي عبر التلفزيون لأني زعيمة المعارضة. رفضوا السماح للتلفزيون ببثها. وكان هناك رجل في الثمانين من عمره أتى لحضور جلسة المحاكمة، إلا أنه اعتقل بتهمة الارهاب وهو ملقى في السجن منذ كانون الأول ديسمبر الماضي. والمحامون الذين أتوا لسماع دعوى الاتهام، بما فيهم رئيس إحدى جمعيات المحامين القانونيين أقصيوا بدورهم . ماذا عن حياد القضاء؟ - قلت للقاضي: والدك أرسل والدي إلى حبل المشنقة. لا ثقة لدي بك. لا تنظر في هذه الدعوى. لكنه رفض. قلت له: أنت كنت المدعى العام خلال عهد الجنرال ضياء الحق، الرجل الذي قتل والدي. لا تجلس للحكم في هذه القضية. لكنه رفض. وفي 23 شباط فبراير الماضي، كنت أخاطب حشداً جماهيرياً في البنجاب فتلقيت رسالة من سكرتارية رئاسة الوزراء تبلغني "أنهم سيحكمون عليك وسيصادرون ممتلكاتك". تساءلت: كيف بوسعهم مصادرة ممتلكاتي؟ لأن القانون بوسعه فقط أن يأخذ ما تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة، لكن ليس بوسعه أن يأخذ ملكية تعود اليَّ منذ فترة طويلة سبقت تولي منصب رئيسة الوزراء. لا يمكنه أن يطردني من منزلي. ولماذا يريدون ذلك؟ - لأنه إذا كانت لديك إمكانات مستقلة بوسعك أن تخوض معركة سياسية. يريدون لي السجن حتى لا انهض مجددا. ويريدونني يائسة تماماً إلى حد لا يكون لدي ما يسد رمقي، حتى لا اقاتلهم كما قاتلت الجنرال ضياء. لذلك جئت إلى لندن؟ - أتيت إلى هنا في إطار جولة لالقاء محاضرات حملتني الى الولاياتالمتحدة والبرتغال. وأتيت إلى لندن لأخاطب مجتمع الأعمال هنا. وكنت هنا عندما أصدرت المحكمة في لندن في 14 نيسان ابريل الجاري قراراً بحق أفراد أسرة رئيس الوزراء نواز شريف، بما في ذلك شقيقاه ووالده ووزير العدل في البنجاب . كانوا هم من تمت ادانتهم بالفساد. دانتهم محكمة بريطانية مستقلة. وسألوا أنفسهم: كيف بوسعنا التغطية على هذه المسألة. وفكروا حينها في اطلاق صاروخ بالستي واصدار الحكم عليَّ. وبهذه الطريقة لن يتحدث أحد عن الحكم الذي أصدرته المحكمة البريطانية ضد شقيقي نواز شريف ووالده، الذي عمل كواجهة لابنه. أنشأوا شركة أوفشور في عهد نواز شريف. والأب تولى التغطية على الموضوع ووضع اسمه بدلاً من اسم ابنه رئيس الوزراء. وهم أخذوا قرضاً من شركة تدعى "شركة التوفيق". واستخدموا لانشاء شركة الأوفشور أموالاً حصلوا عليها عبر الفساد. وأرسلوا الاموال بطريقة غير مشروعة إلى الشركة في الخارج لتبييضها. لأن نواز شريف لم يكن له أي مورد مالي. لكن زوجك فعل الشىء نفسه؟ - زوجي كان له دخل خاص به. وهو يعمل في مجال البناء في العقارات. نواز شريف لا مال لديه. على الأقل هذا ما يزعمه في تصريحه الضريبي. هو يدعي أنه لا يدفع ضرائب لأن لا مال لديه، وهو لذلك عاجز عن سداد ديونه. إذاً رجل لا مال لديه لا يستطيع أن يفسر مصدر المال الذي أقيمت به شركة أوفشور في الخارج. وبهذه الشركة الأوفشور عمدوا إلى اقتراض أموال من "شركة التوفيق". وبعد ذلك عمدوا الى تزوير تواقيع. وزير المال في باكستان زوّر توقيع عائلة بريطانية هي عائلة القاضي. وعندها حولوا المال الى عائلة القاضي ضمن حساب شركة هي في الواقع شركتهم. وبعد ذلك اقترضوا منها المال لإقامة صندوق استثمار في وحدة صناعية. لنعد الى الحكم ضدك. كيف سمعت به؟ كنت في "سي ان ان" شبكة التلفزيون الاميركية أجري مقابلة حينما تلقيت اتصالاً هاتفياً من مكتب الاستخبارات. أبلغوني أنهم سيعلنون الحكم ضدي غداً، فاتصلت بمحاميّ فقالوا: هذا هراء لديك ثلاثة شهود سيأتون غداً من سويسرا للإدلاء بشهاداتهم لأنهم يزعمون أن بعض الوثائق، وهي وثائق عامة، لم تخضع لقانون التحقق والأدلة في باكستان أو في سويسرا، لذا فلننظر في شأنها. ولكن في صباح اليوم التالي، وكنت أستعد للذهاب إلى مقابلة ثانية في محطة إذاعة عندما دخل علي السفير مظفر حسن، وهو المفوض السامي، وعلى وجهه علامات الحزن. وقال لي: أنا متأسف ولكن لدي بعض الأخبار السيئة. وأخبرني الواقعة. سألته: كيف يعقل أن يحدث ذلك؟ اتصلت بمحاميّ وقالوا لا ندري كيف حصل ذلك. وفي وسط المحاكمة استمع القاضي إلى المطالعات القانونية المقدمة لمدة ساعتين وعندها دخل إلى غرفته ثم عاد إلى قاعة المحكمة ليعلن الحكم، من دون أن يسمح للشهود بالادلاء بشهاداتهم، والمحاكمة لا تزال في منتصفها. الحكم صدر في 14 نيسان، أي اليوم نفسه الذي أطلق فيه الصاروخ البالستي. ولم يكن بتاريخ 15 نيسان، على رغم أن الاستماع في جلسة المحاكمة صدر صباح ال 15 منه . وما هي التهمة؟ - اتهموني بأني قمت بالتأثير على طريقة ابرام عقد مع إحدى الشركات. أنا لم أؤثر على طريقة ابرام أي عقد، وأطالب بتحقيق مستقل ليروا ويتحققوا من أني لم أؤثر على الاطلاق على أي عقد كان. لم يتحدثوا الى زوجي بهذا الخصوص ولا أي شخص آخر. العقد قدم في عهد نواز شريف. والمناقصة جرت في عهده والشركة تأهلت في عهده. وفي عهدي، جرى لقاء واحد للبحث في هذه المسألة. ولم أفعل ذلك بصفتي الشخصية بل في لقاء جماعي كان فيه عشرة إلى 12 شخصاً قرروا بالاجماع الموافقة على العقد لزيادة دخل باكستان. والادعاء العام أخفق في إقامة البرهان على أن باكستان عانت من خسارة نتيجة هذا العقد. وماذا عن الشهود؟ - انهم يعذبون الناس للحصول على شهادات مزورة. احدهم هرب من البلاد الى كندا لأنه لم يرغب في ارتكاب عملية تزوير. هناك أيضاً ضابط شرطة يعيش حالياً في لندن. لم أعرفه من قبل في حياتي. التقيته هنا. قال إنهم أرادوا مني أن أورط عائلتك في عملية قتل شقيقك. هرب لأنه لم يرغب في تعطيل سير العدالة. والمفوض السامي حسن هنا لأنهم أرادوا تدبير تهمة أخرى وأرادوا منه الادلاء بشهادة زور. أرادوا الاخلال بالقضاء من خلال تلفيق لأدلة. لهذا السبب شعرت بالغضب الشديد لأن ما يحدث لا يتعلق بي فقط . ولو كان الأمر يتعلق بفرد فما هي أهمية فرد في حياة أمة؟. لكن ما يحاولون القيام به هو سلب حق شعب باكستان في انتخاب زعمائه. إنهم لا يرتكبون جريمة ضدي بل ضد الشعب في باكستان. إنهم لا يريدون للشعب في باكستان أن يكون له زعيم وطني يستطيع أن ينافس نواز شريف الذي يريد فرض ديكتاتورية الحزب الواحد. وهو يستخدم وسائل عنيفة من تعذيب الناس والقضاء على خصومه، ليستطيع أن يقبض على زمام الأمور. لقد نال من وزير العدل في باكستان ومن رئيس جمهورية باكستان ومن رئيس الأركان وهاجم الصحافة والآن يحاول النيل مني. اذا كانوا سيواصلون الهجوم عليك بعد صدور الحكم، ماذا ستكون الخطوة المقبلة؟ - الخطوة المقبلة ستكون اننا سنرفع طلب استئناف الى المحكمة العليا في باكستان. متى؟ - الحكم سلّم لمحامي الاثنين 19 نيسان ابريل، وسيستغرق امر المحامين مدة اسبوع او اسبوعين لدراسته واعداد رد . وعندما ينتهي الموضوع سيأتي المحامون لرؤيتي خلال الايام المقبلة بعد اعداد العريضة ونأمل ان ننتهي منها في مدى اسبوع. وكيف تتوقعين ان يكون موقف المحكمة من طلبك؟ - انا قلقة للغاية من موقف المحكمة العليا. لأننا لو نظرنا الى التوقيت لوجدنا ان وزير العدل في باكستان سيتقاعد في تموز يوليو المقبل. وسيتم تعيين وزير جديد للعدل. وانا اشعر بالخوف من ان يتم تقديمي ثمناً للرجل الذي يريد ان يكون وزيراً للعدل.ولديّ شعور بأنهم سيطلعون بمزيد من الاحكام بحقي لأنهم يريدون ابقائي تحت الضغط. العودة الى ... السجن في حال رفضوا استئنافك وفقدت الحق في التمتع بحريتك في باكستان. هل ستعودين الى بلادك؟ - أرغب في العودة الى وطني، لأني اظن انني اذا كنت في السجن سيكون الامر جزءاً من نقطة تلاقٍ وحشد لشعب باكستان. لكني لا اريد ان اقوم بأمري من دون تدبّر. اريد ان اقوم بخطوتي بطريقة مدروسة تساعد نضالنا السياسي ولكن علينا اولاً ان نرى الاستئناف المقدم الى المحكمة العليا وبعدها نقرر. قبل 20 سنة نال العسكر من والدك. وانت الآن ربما تواجهين المشكلة نفسها. ما الذين ترين انه خطأ في باكستان؟ هل هم العسكر وحدهم؟ هل هناك عدم توازن في طريقة توزيع السلطة؟ - هناك نقص في التوازن وخلل في توازن المجتمع السياسي. وليست هناك عمليات تدقيق ومساءلة كما في المجتمعات العادية. الناس الذين ربوا في ظل الحكم العرفي، مثل نواز شريف، يحاولون الاستيلاء على السلطة بكاملها. لقد حكموا البلاد حتى عام 1998. وعندما أتينا الى السلطة لم نتمكن ابداً من حكم البنجاب. انتخبت مرتين رئيسة وزراء، ولم يتمكن حزبي، ولا مرة واحدة، من حكم البنجاب. البنجاب هي الولاية التي يأتي منها العسكر. البنجاب هي الولاية التي يأتي منها علماء الدين. ونواز شريف استغل سلطته في البنجاب ثم كرئيس وزراء ليبني قاعدة خاصة في صفوف العسكر ورجال الدين واستهدافي على اعتبار اني "غريبة". في كل مرة كنت احاول بناء مؤسسات كان يأتي ويسعى الى تدمير هذه المؤسسات. مشكلة باكستان انها اليوم في ازمة عميقة. وهي ازمة عميقة لانها اخفقت في بناء مؤسسات. الغطاء الاسلامي التخلص من المعارضة يبدو حسب اقوالك جزءاً من خطة مدبّرة، ما الهدف الاستراتيجي ؟ هل هو احداث فراغ كامل في الساحة السياسية؟ - لا، ليس احداث فراغ في الساحة السياسية، لاننا في باكستان نشاهد معركة بين القوى الثيوقراطية والليبرالية، بين الظلامية والحداثة، بين التعصّب والحرية. وما يحدث في باكستان هو انهم يحاولون التخلص من الطبقة السياسية الليبرالية والمؤسسات التي يستند اليها المجتمع التعددي والمجتمع المدني. نواز شريف حاول في فترتي رئاسته الحكومة اقرار ما يسمى بمشروع القانون الاسلامي. لانه يحاول التغطية على سياساته القمعية والتعسفية من خلال اعطائها نوعاً من اللباس الاسلامي. انه يتعمد ايصال باكستان الى شفا الانهيار ، وبهذه الطريقة لن يكون هناك اي اهتمام دولي واسع النطاق بها. وتصبح باكستان سودانَ آخر او صومالَ آخر او افغانستان اخرى حيث تحكم المافيا وحيث يكون هناك قدر من الفقر الى حد يدفع العالم الى القول: اذا كانت هذه الامة تريد تهميش نفسها فلتكن امة مهمشة. ولن يصدروا تعليقات عنها. انه يوصل باكستان الى شفا الانهيار. اثار نفور المستثمرين الاجانب. انه يسعى بدلاً عن ذلك الى الحصول على مزيد ومزيد من السلطة لنفسه. في البداية كان رجلاً يرفض سداد ديونه واليوم باكستان اصبحت بلداً يرفض دفع ديونه. اعماله وحدها ما يهمه. واعماله ليست مربحة . هي اعمال تولد مالاً من خلال الدعم الحكومي. وهو يبيع السكر الى الهند. وهذا مدعوم من قبل الدولة. عندما يكون في السلطة يغيّر اسعار مصانع الحديد التي تتبع القطاع العام. وبهذه الطريقة مصانع الحديد لديه تحقق ارباحاً. يأخذ اموالاً من المصارف. يأخذ عمولات من عقود مشاريع لا تحتاجها باكستان مثل مشروع التاكسي الاصفر الذي انشأه. وهو ادى الى خسائر هائلة للبلاد لان عدداً فائضاً وكبيراً من السيارات تم استيراده. هناك ايضاً مشروع بناء الطريق السريعة. كان المشروع سيئاً الى درجة كبيرة الى حد ان كلفة الصيانة لا يمكن استعادتها من دون الحديث عن الديون. باكستان بلد يعاني من الفقر. وتم سحب بليون دولار لبناء طريق سريعة لا يمكن حتى ان تغطي اكلاف صيانتها. والسبب الوحيد الذي يجعله يطبق هذه السياسات هو انه يريد الحصول على 18 او 20 في المئة من اصدقائه. انهم يسيطرون على صناعة النسيج والمصارف والاسمنت وزيت الطهي والسكر. ولانه يسيطر على مقاليد الامور الاقتصادية في البلاد، يعتقد ان بوسعه مع بطانته الفاسدة ان يسيطروا على كل المجتمع في باكستان. وهم يحظون بدعم رجال الدين والاسلاميين الذين كبروا في فترة الجهاد الاسلامي في افغانستان. العسكر لم يكن بوسعك التعامل مع العسكر حينما كانوا اقل تطلباً. فكيف اليوم وهم متحالفون مع الاسلاميين؟ - في الماضي حاول الشعب في باكستان ان ينتصر على العسكر. ولكن ليس العسكر كمؤسسة. العسكر لم يكونوا ابداً معنيين بالجهاد بمعناه اليومي المتواصل. هناك عناصر في آلة الاستخبارات لديهم مشاعر تعاطف كبيرة تجاه الاسلاميين. وقد بنوا خارج اجهزة الاستخبارات استخباراتهم الخاصة ومدارسهم الخاصة ومنظماتهم الخاصة. وهم الآن قوة سياسية ذات بأس كبير. ولكن على احد ما ان يتصدى ويقاوم هذه القوة السياسية. لا يمكن ان نقول: لانهم اطاحوا بنا مرتين يجب الا نتحرك الى الامام. هناك لوبي ليبرالي قوي للغاية في باكستان وهم يريدون زعيماً ويريدون حزباً. ولا يريدون نظام الحياة الذي يفرض عليهم بالاكراه من قبل "طالبان" في افغانستان او بقية المتطرفين. وعلينا ان نخوض هذه المعركة. ولا يمكننا القول اننا سنربح. ولكن علينا ان نقاتل. واشعر، مع مرور الوقت، ان الاستثمار الذي قام به حزب الشعب والذي يحاول ان يبعده نواز شريف ولّد طبقة جديدة تماماً في باكستان تفهم اهمية السلام والاستقرار. القضايا الاقتصادية تفرض نفسها بقوة متزايدة. هل تعتقدين ان مشروع نواز شريف قد يتضمن اقامة بلد اسلامي في باكستان بالاتجاه مع افغانستان؟ - تماماً. هذا ما كان الاسلاميون يريدونه. عام 1989 ، عندما كانت القوات السوفياتية في طور الانسحاب ابلغت ان الحكومة الافغانية الانتقالية ستطلق نداء لاقامة كونفيديرالية وستدعو الجيش الباكستاني ليهبّ الى نجدتها. الا اني قلت لا، لا يمكننا ان ندخل في كونفيديرالية لان العالم يعمل بطرق مختلفة. لم يكن بالامكان الوقوف في وجه القوى العظمى آنذاك، وعالم الاستقطاب الثنائي. وقلت هذه القوى لن تسمح لكم بذلك لذا أشهرت الفيتو في وجه الخطة. ما يريده السيد نواز شريف هو السيطرة على مجلس الشيوخ عام 2000. يعتقد ان الدستور الحالي متهالك وغير ملائم لذا يريد تمزيقه واعطاء السلطة التنفيذية تقرير ما هو صحيح والحق في اصلاح ما هو خطأ. وهو يريد حكم البلاد كما لو كانت معقلاً شخصياً له. وقد حاول بناء قصور تشابه قصور الممالك التي تحكمها أُسر حاكمة لها جذورها وقوتها في التاريخ. هي ليست ديموقراطيات حديثة عادت فجأة الى العالم القديم. وهذا هو ما يحاول القيام به ... يحاول اعلان نفسه أمير المؤمين مثل الملا عمر. باكستانوايران هناك تشابه الى حد ما بين ما يحدث في باكستان وما يحدث في ايران. الا تجدين الصراع بين المتشددين وخصومهم متشابهاً في البلدين؟ - لست معتادة على متابعة الامور في ايران . لكني اقرأ في الصحافة ان هناك توتراً داخل المجتمع في ايران بين الذين يريدون تحديث البلاد وبين اولئك الذين يريدون البقاء وفق النمط القديم. وهذه المعركة تدور في العالم الاسلامي كله، بين القوى التي تريد التغيير والقوى التي ترفض التغيير. الناس الذين يخافون من التغيير سيبقون العالم الاسلامي في طور التخلّف اما الناس الذين يرحبون بالتغيير ويتكيفون مع التغيير اولئك يفهمون اساس الاسلام وهو الاجماع الذي يعني التوافق والاحياء والتجديد.