بعدما كانت دمشقوأنقرة على شفير الصدام العسكري بسبب التهديدات التركية في نهاية العام الماضي، يعكف مسؤولون في البلدين على "مدّ جسور واقامة شبكات بناء الثقة المتبادلة" على أساس "الروابط التاريخية وصلة الجوار والصداقة". واسفرت المحادثات التي جرت في الايام الاخيرة بين وزارتي النقل والمواصلات، عن توقيع اتفاق لتطوير التعاون في مجال النقل البحري والبري والجوي، اضافة الى إعادة إحياء خط السكة الحديد المعروف ب"الخط الحجازي" الذي أقامه الالمان لدعم السلطنة العثمانية في بداية القرن الحالي بين اسطنبول والمدينة المنوّرة. ويضع الجانبان في خلفية تفكيرهما ان تكون دمشق "عقدة ربط" لعدد من خطوط الحديد تصل الى أوروبا وآسيا الوسطى وايران شمالاً والى السعودية والاردن جنوباً، لتكون هذه الخطوط بمثابة "أعصاب في الجسم الواحد". وجاء في الاتفاق الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه، ان الجانب التركي وعد نظيره السوري بالبحث في موضوع تشغيل خط قطار نصيبين - القامشلي السورية، وان الطرفين اتفقا على "اتخاذ الاجراءات اللازمة لاستمرار خط قطار ركاب بين حيدر باشا قرب اسطنبول وحلب شمال سورية ليصل الى دمشق، وإزالة العقبات الفنية المتعلقة في هذا الخصوص". وستدرس لجان مختصة المسائل الفنية لاصلاح خط حلب - دمشق - درعا جنوب سورية، لربطه بخط حيدر باشا - حلب فيصبح طول الخط نحو ألفي كيلومتر، تمهيداً لإجراء اتصالات مع الجانبين الاردني والسعودي لتشغيل الخط الحجازي. وقال خبراء ان كلفة اصلاح الكيلومتر الواحد تبلغ نحو مليوني دولار اميركي حسب المقاييس التركية، وان أنقرة أبدت استعدادها ل"تقديم الدعم المالي والفني لهذا المشروع". ويدرس الجانب التركي احتمال تقديم نحو مئتي قاطرة لشحن البضائع والركاب وست ساحبات في اطار صفقة متكاملة لتشغيل الخط وتسهيل الانتقال بين البلدين بما في ذلك نقل نحو ستين الف حاج تركي الى الأراضي المقدسة. وعُقدت اللجنة المشتركة الخاصة بالنقل بين 26 و28 الجاري، بفضل توقيع الاتفاق الامني في تشرين الاول اكتوبر الماضي وزيارة نائب رئيس الوزراء السوري الدكتور سليم ياسين أنقرة في الشهر الماضي. وهذا هو الاجتماع الاول للجنة النقل منذ تأسيسها في أنقرة العام 1988. وقال مسؤولون اتراك: "لم تبق أي عقبة أمام تطوير العلاقات الثنائية في كل المجالات". وفي هذا الاطار تبحث لجان فنية مشاريع أربعة اتفاقات لتوقيعها خلال زيارة نائب رئيس الوزراء التركي الى دمشق لترؤس اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة. وقال المسؤولون الاتراك: "أهم شيء ان الثقة المتبادلة توافرت بين الطرفين، وان توجيهات عليا صدرت بتطوير العلاقات بيننا". وقال وزير النقل السوري الدكتور مفيد عبدالكريم: "ان علاقاتنا التاريخية وصلة الجوار والصداقة تدعونا من منطلق المصلحة المشتركة الى تعميق علاقاتنا".