اعتبرت الحكومة الاسرائيلية لنفسها "انجازاً كبيراً" لها ما سمّته "تراجع" السلطة الفلسطينية عن اعلان الدولة المستقلة في الرابع من أيار مايو المقبل موعد انتهاء فترة المرحلة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقات اوسلو. راجع ص 3 وفيما عكفت لجنة خاصة شكلها المجلس المركزي الفلسطيني المنعقد في مدينة غزة على صياغة البيان "الختامي" لجلسته، التي بات من شبه المؤكد أن يتم تعليق اعمالها الى ما بعد الجولة الثانية من الانتخابات الاسرائيلية، صرح وزير الخارجية الاسرائيلي ارييل شارون بأن القرار الفلسطيني بارجاء اعلان الدولة جاء نتيجة تمسك حكومته بموقفها. وقال شارون في تصريحات صحافية ان "تراجع السلطة الفلسطينية عن قرارها اعلان الدولة يشكل انجازاً اسرائيلياً". واعتبر شارون رسالة الضمانات الاميركية التي سلمت للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "فرصة قدمها الاميركيون لعرفات لافساح المجال له للنزول من على الشجرة التي اعتلاها".وانتقد شارون في الوقت ذاته الاتصال المستمر بين السلطة وحركة "حماس". ورجحت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان يعلن المجلس المركزي في جلسته المسائية امس الأربعاء عن تعليق اجتماعه حتى الرابع من شهر حزيران يونيو المقبل، اي الى ما بعد اجراء الجولة الثانية من الانتخابات الاسرائيلية بيومين، ليتم عندئذ اتخاذ قرار باعلان الدولة او عدمه. ويأتي قرار "اللاقرار" الفلسطيني بعد ضغوط شديدة مارستها الولاياتالمتحدة على السلطة الفلسطينية للاعلان عن تأجيل اعلان الدولة العتيدة لسنة كاملة اي في ايار عام 2000، وهو التاريخ الذي تضمنته رسالة الضمانات التي بعث بها الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى الرئيس عرفات كموعد لانهاء مفاوضات الحل النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وكشفت المصادر ذاتها ل"الحياة" ان القنصل الاميركي التقى مع عرفات في الليلتين الماضيتين "لاقناعه بعدم تعليق اعمال المجلس المركزي حتى شهر حزيران المقبل بل حتى ايار من السنة المقبلة". ورأت مصادر صحافية اسرائيلية ان "المنتصر الحقيقي" في لعبة اعلان الدولة هم الاميركيون. وقالت "يديعوت احرونوت" كبرى الصحف العبرية ان واشنطن استطاعت ابطال مفعول ألغام التهديدات الاسرائيلية بضم الأراضي الفلسطينية، والتهديدات الفلسطينية باعلان الدولة، وتهديدات الاتحاد الأوروبي بتأييد هذه الدولة حال الاعلان عن قيامها. وقللت الصحف الاسرائيلية من اهمية رسالة الضمانات الاميركية التي تعهدت بأن "يقرر الفلسطينيون مستقبلهم على ارضهم كشعب حر"، مشيرة الى ان "الدولة" الفلسطينية ستقوم في أي حال، ولكن المهم "تعريف" هذه الدولة. وقال احد المعلقين السياسيين الاسرائيليين ان في امكان الفلسطينيين ان يعلنوا عن "جمهوريتهم وحتى امبراطوريتهم في منطقتي "أ" و"ب" في اشارة الى تقسيمات اتفاق اوسلو للأراضي الفلسطينية، ولكن من المؤكد انه لن تكون هنالك دولة". نتانياهو وشارون وفي وقت لاحق أمس التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، والوزير شارون، مع أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين في تل أبيب. وبدا نتانياهو واثقاً بالفوز في الانتخابات المقبلة، إذ أعلن "قبوله" عقد قمة فلسطينية - أميركية - إسرائيلية في واشنطن بعد الانتهاء من الجولة الثانية من هذه الانتخابات، وفقاً لما جاء في رسالة الضمانات التي بعث بها الرئيس كلينتون إلى الرئيس عرفات الاثنين الماضي. وراح نتانياهو إلى أبعد من ذلك، حين قال إنه ووزير خارجيته شارون كانا "أصحاب الفكرة"، وعرضاها على كلينتون خلال مفاوضات واي ريفر في تشرين الأول اكتوبر الماضي. وزاد: "أنا مرتاح لاعتبار الرئيس كلينتون هذه الفكرة بناءة". وعقد اللقاء الذي دعا إليه نتانياهو وشارون جميع السفراء الأجانب بمن فيهم سفراء الولاياتالمتحدة ومصر والأردن في فندق الملك داود في القدس الغربية بعد تأكد الحكومة الإسرائيلية من عزم السلطة الفلسطينية على ارجاء موعد الاعلان عن بسط السيادة على أراضيهم. وعاد نتانياهو فأكد أن القرار الفلسطيني بالتأجيل جاء نتيجة "للجهود الكبيرة لإسرائيل". وقال إن هذا التأجيل مهم جداً لأنه "انقذ مسيرة السلام من التحطم". أما شارون فخاطب الديبلوماسيين بلهجة تهديدية حين حذرهم من أن "أي محاولة للعودة إلى قرار الأممالمتحدة 181 قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية ستؤدي بالتأكيد إلى انهيار العملية السلمية التي تودون بشدة أن تستمر". إلا أن مهندس اتفاق أوسلو عن الجانب الإسرائيلي اوري سافير هاجم ترحيب حكومة نتانياهو برسالة الضمانات الأميركية واصفاً يوم وصولها بأنه "يوم أسود". وأضاف سافير في تصريحات صحافية ان نتانياهو بإهداره ثلاثة أعوام من المفاوضات ادخل الأميركيين في المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين، مشيراً إلى أن الرسالة الأميركية المذكورة جعلت من المفاوضات المقبلة مفاوضات ثلاثية، فيما كان رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين نجح بتوقيع اتفاق ثنائي مع الفلسطينيين.