تابع المجلس العدلي اللبناني برئاسة القاضي منير حنين وحضور المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم الاستماع الى وكلاء الدفاع عن قائد "القوات اللبنانية" المحظورة الدكتور سمير جعجع في دعوى اغتيال الرئيس رشيد كرامي وهي المرحلة الاخيرة في هذه القضية قبل لفظ الحكم. فقد رافع امس وكيل جعجع المحامي كريم بقرادوني مدافعاً عن نفسه اولاً فقال "هالني ما قرأت وما قيل فيّ من جانب النيابة العامة ومرافعات الادعاء من أمور تمسّ سمعتي الشخصية والمهنية اذ من غير المألوف التعامل مع زميل بهذا الاسلوب خصوصاً ان هذا الكلام لا يدخل في نطاق هذه المحكمة وقد حملوا عليّ كمحامي دفاع لان لم يعجبهم مثولي كشاهد". ثم بدأ مرافعته عن جعجع بهجوم على الكفاح المسلح الفلسطيني "الذي تحمّل كل ما حصل في لبنان من مشكلات وأعمال حربية وأمنية". وقال "ان هذه المنظمة لم تكن تريد تحرير فلسطين بمقدار ما راحت ترمي الى حكم لبنان والشواهد كثيرة على ذلك خصوصاً ما كانت تقوم به في طرابلس من تفجير واطلاق نار واعتقال حتى وصفتها الاحزاب والقوى هناك وفي حضور الرئيس كرامي نفسه بانها قوى عميلة وخارجية تستهدف الواقع الأمني في المدينة". وإذ قال ان "جعجع مظلوم، ولو كان متفاهماً مع اسرائيل لما كان في السجن اليوم"، سأل "لماذا يطلق مجرمون وتتم حمايتهم وكذلك رؤساء الميليشيات الذين تبوأوا مناصب في الدولة ويتمتعون بحرية تامة فيما هو يقبع في السجن؟ ولماذا لم يطلق وقد ثبتت براءته من جريمة كنسة سيدة النجاة التي اعتقل على أساسها؟". واستشهد بحديث للمدعي العام التمييزي السابق القاضي منيف عويدات الذي كان أمر باعتقال جعجع الى مجلة "المسيرة" في 9 آذار مارس 1998 وهو الذي يطالب اليوم بالعفو عنه قائلاً "حكموا عليه بقانون يحتاج الى تعديل". وسأل بقرادوني "لماذا الاستثناءات؟ أعفوا عن الكل أو احكموا الكل". وأكد في احصاء حصل عليه ان ما بين 1977 و1989، 206 حالات اغتيال حصلت داخل لبنان ذكر من ضحاياها كمال جنبلاط وطوني فرنجية وابو حسن سلامة وسليم اللوزي والإمام الشيرازي والسفير الفرنسي لوي دي لامار والشيخ حليم تقي الدين ورياض طه والشيخ راغب حرب والشيخ صبحي الصالح ورشيد كرامي ومستشار رئيس الجمهورية محمد شقير والمفتي حسن خالد وبشيرالجميل وابنته مايا والرئيس رينيه معوض وغيرهم... وهنا سأله القاضي حنين: وغيث خوري مسؤول كتائبي قُتل في جبيل؟ فرد بقرادوني "انه موجود ولكن لا وقت لذكر اسماء الجميع". وتابع "ما دام جعجع يحاكم في 4 أو 5 قضايا فأين المئتي حال اغتيال الباقية؟ علماً ان ثمة اناساً اعتقلوا ثم تركوا". وسأل "أين حبيب الشرتوني الذي كان معتقلاً واعترف بقتل بشير الجميل وفرّ منذ سقوط العماد عون؟ وأين اصبح ملف اغتيال الرئيس معوض: أليس غريباً ان نشكو من سياسة ازدواجية المعايير؟". وفيما لم يستبعد احتمال الاختراق الاسرائيلي للقوات كما ظهر في قضية الكنيسة، قال ان "مجلس قيادة "القوات" تلقى تحليلاً ان وراء اغتيال كرامي منظمات فلسطينية بسبب الغاء اتفاق القاهرة، علماً ان هذه المنظمات وجهت تهديدات الى كل المسؤولين اللبنانيين للسبب نفسه". وأضاف ان "الذين قتلوا هؤلاء جميعاً الذين عددنا اسماءهم هم وراء المؤامرة الخارجية نفسها التي قتلت كرامي". وقال "ان اغتياله فاجعة وأن جعجع بريء من دم الرشيد". ورأى ان "اطار هذه الدعوى مؤلم وقاس غير ان الاطار الواقعي اللازم لتكوين قناعة مجلسكم لتقتربوا من الحقيقة فتحقوا الحق، ولإظهار براءة الموكل يقوم على خطة بحث من ثلاثة اجزاء مترابطة وهي انتفاء الدوافع المزعومة لاغتيال كرامي، مؤكداً ان كل الدوافع المزعومة للإغتيال غير ثابتة وغير صحيحة وغير واقعية وغير مقنعة ما يفيد بأنه لم يكن لديه أي غاية وبالتالي يقضي تبرئته". وقال ان "الدوافع المزعومة ساقطة ولا علاقة سببية بينها وبين الاغتيال، وكذلك الأدلة والقرائن". وأشار الى ان "القرار الاتهامي قائم على مجموعة مصادفات ومفاجآت، اذ استند الى كلمات متقاطعة منها ما جاء على لسان شهود مشكوك بسلوكهم وصدقيتهم كروبير صعب وخوسيه باخوس وأمال عبود الذين يستحضرون بدورهم اشخاصاً غائبين كبيار رزق وغابي توما وميرنا الطويل كي لا نقدر ان نثبت كذبهم". واضاف: "تبين ان القرار الإتهامي ومطالعة النيابة العامة التمييزية ومرافعة عضوم حاولت عبثاً ان تربط بين جعجع واغتيال كرامي بواسطة شبكات من الكلمات المتقاطعة والوقائع المركّبة الشبيهة بقطع متناثرة من لعبة فسيفساء، مؤكداً ان الكلمات والوقائع دسّت دساً اثناء التحقيقات ونسبت الى اربعة اشخاص هم مطر والشهود: ابي صعب وعبود وباخوس. وقال ان "هؤلاء لديهم عقدة اسمها غسان توما". ولفت الى انه "عندما يصبح تطبيق القانون استنسابياً او انتقائياً فهو يسقط لمخالفة الدستور او تسقط السلطة التي تطبقه لمخالفتها الدستور لجهة عدم مساواتها المواطنين امام القانون". وأكد "في الجزء الثالث سقوط نظرية الآمر الناهي والفاعل الذهني او الفاعل المعنوي عن الدكتور جعجع". وخلص الى مخاطبة المجلس العدلي: "انكم تعون تماماً ان الحكم في هذه القضية سيدخل التاريخ. انكم محكمة استثنائية بهيئة استثنائية وبصلاحية استثنائية امام مسألة استثنائية فلا تصدروا حكماً عادياً، ولا تحمّلوا جعجع ثمن هزيمة لم تلحق به، ولا تعاقبوه على جريمة لم يرتكبها. لا تبرّئوا الخارج من دم رشيد كرامي، برئوا سمير جعجع تبرئوا لبنان باسم شعب لبنان".