قبل اقل من عامين لدغ "الدبور" جريس تادرس مرمى المنتخب السوري بهدف كان كافياً لأن تتدلى الميداليات الذهبية من اعناق لاعبي المنتخب الاردني... كان ذلك في المباراة النهائية لمسابقة كرة القدم في الدورة الرياضية العربية الثامنة التي احتضنتها بيروت صيف 97. ويعترف الاردنيون ان مسابقة دورة بيروت لم تجمع كل اقوياء العرب، لكنهم مع ذلك يتمسكون باعظم انجاز حققته الكرة الاردنية عبر تاريخها الممتد لاكثر من نصف قرن، ولا ادل على ذلك من الاستقبال الخرافي غير المسبوق الذي حظي به المنتخب لدى عودته بطائرة ملكية خاصة، وكان الراحل الكبير الملك حسين ونجله الملك الحالي عبدالله على رأس المستقبلين. خلال الاشهر الماضية فقد المنتخب الاردني الكثير من هيبته لدى اقصاء مدربه محمد عوض واستقدام اليوغسلافي فولي فوكاشين الذي وصف بأنه استخدم وسائل صارمة ضد اللاعبين وعاملهم معاملة المحترفين مع انهم هواة يختلسون الوقت اختلاساً للتدريب وخوض المباريات... وخلال فترة وجيزة ابعد فوكاشين كلاً من تادرس الملقب ب "الدبور" كهداف من طراز فريد، ومراد عوينة وهو هداف ايضاً، ثم كاد يستبعد اربعة نجوم آخرين منهم حارس المرمى محمد ابوداود لولا تكتل جميع اللاعبين ومن ورائهم عدد من اعضاء الاتحاد، فخاض المنتخب مسابقة كأس العرب في قطر، الخريف الماضي، بروح معنوية بلغت الحضيض، وبغياب قائد الفريق جمال ابوعابد الذي آثر اعتزال اللعب دولياً. ايجابيات... ولكن؟ قبل فترة وجيزة، استنجد الاتحاد مجدداً بالمدرب الوطني محمد عوض، على غرار ما كان يفعله الاتحاد العراقي مع المدرب الشهير عمو بابا، فأعاد ضم تادرس وعوينة الى المنتخب واقنع ابو عابد بالعدول عن قرار الاعتزال، وبدا ان الاتحاد الجديد الذي تشكل برئاسة الامير علي بن الحسين جاد في توفير الاجواء المريحة للمنتخب بتفريغ اللاعبين وصرف مكافآت شهرية توازي رواتب موظفين مرموقين، مع البحث الجاد عن معسكرات تدريبية خارج الاردن. واصدر الاتحاد امراً الى الاندية يحظر عليها اشراك لاعبيها الدوليين سواء في تدريباتها او في المباريات الودية، وارجأ الاتحاد اقامة مسابقة الدوري الممتاز الى ما بعد انتهاء الدورة الرياضية العربية التاسعة التي تقام من 15 الى 31 آب اغسطس المقبل... وكل ذلك من اجل ضمان تنفيذ خطة الاعداد للمنتخب الذي يفترض به ان يدافع عن لقبه فوق ارضه وبين جمهوره، لكن طرأ ما لم يكن في الحسبان. على الجانب الغربي من نهر الاردن، في مدينة اريحا تحديداً، كان نادي هلال اريحا يعد العدة لتنظيم بطولته الشتوية السادسة، ودعا الى المشاركة فيها الوحدات والفيصلي، ولان موعد البطولة تزامن مع فترة الحداد الرسمي على رحيل الملك حسين، اعتذرت ادارتا الناديين عن عدم الاشتراك، فأرجا المنظمون اقامتها حتى مطلع الشهر الحالي ضماناً لمشاركة الفريقين الاردنيين الى جانب اربعة فرق فلسطينية. ولان الفيصلي والوحدات التزما بقرار اتحاد كرة القدم بعدم اشراك اللاعبين الدوليين، اخطرا هلال اريحا بالامر وطلبا تعديل الكشوفات التي تتضمن اسماء اللاعبين للحصول على تصاريح جديدة لدخول اراضي سلطة الحكم الذاتي في فلسطين، وبقي اتحاد الكرة مصمماً على موقفه من عدم اشراك اللاعبين الدوليين الى ان تدخلت شخصيات سياسية فلسطينية رفيعة المستوى ليجد الاتحاد نفسه راضخاً لهذه التدخلات التي ربطت بين الرياضة والعلاقات الاخوية المميزة بين الاردنوفلسطين. وهكذا انفرط عقد المنتخب الوطني وتوقفت تدريباته،ذلك انه يضم في صفوفه من الفيصلي جمال ابوعابد وصبحي سليمان وجريس تادرس وهيثم الشبول واسامة طلال ومؤيد سليم ومهند محادين وعدنان عوض، ومن الوحدات محمد ابو داود وعبدالله ابو زمع وسفيان عبدالله وفيصل ابراهيم ورأفت علي ومراد عوينة وعلي جمعة. واذا اضفنا الى هؤلاء لاعبي الفيصلي حاتم عقل وحسونة الشيخ ولاعب الوحدات هيثم سمرين وهم اعضاءالمنتخب الاولمبي ومرشحون للعب مع المنتخب الاول، ادركنا مدى حجم النقص الذي طرأ على صفوف المنتخب الاول. الطريف في الامر، ان الفيصلي تأهل الى الدور قبل النهائي من بطولة اريحا الشتوية بفوزه على طولكرم 1-صفر وعلى صور باهر 3- صفر، وان الوحدات تأهل اثر فوزه في الافتتاح على هلال اريحا 1- صفر قبل ان يلتقي جبل المكبر الذي تمكن من ادراك التعادل مع الوحدات 3-3 بعدما كان متخلفاً 1-3. ويرى المراقبون في عمان ان مباريات اريحا لم تضف جديداً الى اللاعبين الدوليين، وإن جاءت في اطار توثيق وشائج الاخوة بين البلدين الا انها افسدت برنامج اعداد المنتخب... وهناك من يقول: "ذهب بيروت استحال سراباً في عمان... من الآن".