باشر قاضي التحقيق الأول في بيروت سعيد ميرزا أمس تحقيقاته في ملف بيع الرواسب النفطية، بسرّية تامة وتكتم شديد على مجرياته. واستجوب في الاولى والنصف بعد الظهر وزير النفط السابق شاهي برصوميان الذي سيق الى مكتبه في قصر العدل من النظارة التابعة له، مخفوراً، وكان حليق الذقن يرتدي سروالاً كحلياً وقميصاً أزرق وكنزة كحلية، لكنه بدا غير مرتاح، وقد منع الصحافيون من الاقتراب منه والمصوّرون من التقاط صور له، في حين أغلقت نوافذ النظارة ب"منجور" حديد لمنع المارة من رؤية الموقوفين فيها. واستمر استجواب برصوميان، في حضور وكيله المحامي أكرم عازوري الذي نودي عليه الى مكتب ميرزا قبله بدقائق، نحو اربعين دقيقة، اوضح خلالها الوزير السابق انه محام، فسطّر القاضي كتاباً الى نقابة المحامين في بيروت طالباً الإذن بملاحقته. وتسلم نقيب المحامين انطوان قليموس الكتاب ودعا أعضاء مجلس النقابة الى جلسة استثنائية العاشرة قبل ظهر اليوم، موضحاً انه اتخذ هذا الإجراء لتعجيل العمل القضائي وعدم عرقلة سير العدالة. وعليه أرجأ ميرزا استجواب برصوميان الى حين بتّ الطلب. وقال المحامي عازوري بعد الجلسة "ان القاضي ميرزا يطبق مبدأ سرية التحقيق الى اقصى الحدود، واحتراماً منا لهذا المبدأ نمتنع، في مرحلة التحقيق، عن التصريح". لكنه جدد موقفه الوارد في مذكرة رفعها الى القضاء، عن عدم صلاحية القضاء العادي للنظر في دعوى تتعلق بوزير. وقال "ان من مصلحة موكله استكمال التحقيق الى النهاية كي لا تبقى علامات استفهام قائمة حوله"، ونفى معرفته بامكان استجواب برصوميان اليوم. ثم استجوب ميرزا سائق برصوميان، سركيس قيومجيان نحو ثلثي الساعة، فمدير مصفاة الزهراني خليل قمبريس اكثر من اربع ساعات. وكان، قبل جلسات الإستجواب هذه، عرض اوراق كل من الخبير الكيميائي في مختبر الزهراني نبيه صفير ورئىس مكتب الجمارك في المصفاة وليد كيوان ومدير الوكالة البحرية "بلو وايف" جوزف ثلج الذين اوقفهم اول من امس، على النائب العام المالي القاضي احمد تقي الدين فادعى عليهم بجرم الإهمال في الوظيفة والتدخل في الرشوة، وطلب استجوابهم من جديد وإصدار مذكرات توقيف في حقهم. فاستجوبهم ميرزا، كلاً على حدة، من العاشرة والثلث إلى الأولى بعد الظهر. وتركزت التحقيقات معهم على التقارير المنظمة عن كميات النفط التي تم تصديرها وقيل انها رواسب نفطية ليتبين انها نفط خام، وعلى طريقة شحن شركة "بلو وايف" لهذه الكميات وبموجب اي استمارات. واستمرت التحقيقات مع الموقوفين الآخرين حتى ساعات الليل ومن المتوقع ان تتابع اليوم وغداً قبل اصدار القرار الظني في القضية. وفي اول تحرك أرمني بعد توقيف برصوميان، زار وفد من حزب الطاشناق امس رئىس المجلس النيابي نبيه بري يرافقه النائبان خاتشيك بابكيان وجاك جوخادريان الذي قال ل"الحياة": "بحثنا مع الرئىس بري في الموضوع بشمولية من دون التطرق الى النواحي الشخصية وموقفنا هو مع الحق والعدالة شرط ان تطبّق على الجميع"، مضيفاً "نحن مع العدالة ولسنا في صدد الدفاع عن شخص إذا اخذ التحقيق مجراه الطبيعي، ونرى انه يجب ان يتوسع ليشمل كل من هو مسؤول وألا يتوقف عند حدود وزارة واحدة". وأكد جوخادريان "ان الرئيس بري كان في الاتجاه نفسه، وقال لنا: خلّينا نشوف سير التحقيق، وإلى أين سيصل وفي ضوء ذلك سنرى ما هي الخطوات اللازمة".