نُقل وزير النفط اللبناني السابق شاهي برصوميان ظهر أمس من نظارة قصر العدل إلى سجن رومية، بعدما أصدر قاضي التحقيق الأول في بيروت سعيد ميرزا في الأولى فجراً مذكرة توقيف وجاهية في حقه، في ملف التحقيق الجاري في بيع الرواسب النفطية. ويأتي هذا التطور في القضية، في وقت نقل زوار رئيس الجمهورية إميل لحود عنه أمس تعليقه على الدعاوى التي قدمت أو التي ستقدم إلى القضاء، "ان السياسة التي أكدنا عليها في خطاب القسم تقول بأن ليس هناك أي حماية أو غطاء لأحد في هذا الإتجاه". ونقل أيضاً عنه، خلال لقائه المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم "دعم الدولة للقضاء واستقلاله في ممارسة مهامه ضمن الأصول والقوانين المرعية الإجراء". ووصف رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص مبادرة القضاء بوضع يده على الملفات ب"الجيدة"، مؤكداً أنه سيتابعها "حتى النهاية". ونفى ان يكون مجلس الوزراء سيتطرق في جلسته أمس الى هذا الملف "لأن القضاء مستقل في عمله". وكان الحص التقى وفداً من الجمعيات الاهلية في صيدا اثار معه موضوع توقيف مدير مصفاة الزهراني خليل قمبريس، وهو رئيس احدى هذه الجمعيات. نقل برصوميان فقد نُقل برصوميان ورئيس مجلس إدارة "اورو غولف" ناجي عازار الى سجن رومية مكبّلين، في شاحنة سوق الموقوفين تنفيذاً لمذكرتي التوقيف الوجاهيتين الصادرتين في حقهما عن القاضي ميرزا، واللتين صادقت عليهما النيابة العامة المالية، على ان يتابع التحقيق معهما من النقطة التي وصل اليها. وأصدر ايضاً مذكرة توقيف في حق رئيسة مصلحة الديوان المسؤولة عن العمليات التجارية في وزارة النفط وداد سعادة. ورافقت الشاحنة التي سيق فيها برصوميان وعازار الى سجن رومية، سيارة تابعة لقوى الأمن الداخلي، في حين استأنف وكيل الوزير السابق المحامي أكرم عازوري قرار ميرزا ردّ الدفوع الشكلية التي أدلى بها هو اول من امس عن عدم صلاحية القضاء العادي النظر في قضية برصوميان واستئناف قرار نقابة المحامين في بيروت ترك الأمر للقضاء في موضوع محاكمته لدى محكمة الإستئناف في بيروت. وفي القضية نفسها، نفّذ العاشرة والنصف قبل ظهر امس قرار ميرزا الذي اصدره فجراً بترك رئيس مصلحة الشؤون المالية والإقتصادية في وزارة النفط بدوي سمعان الذي قال لدى مغادرته مع وكيله المحامي صلاح ضاهر قصر العدل ان مدة توقيفه "تجربة مريرة"، معلناً انه "سيعود الى مكتبه لممارسة مهامه وسيوجّه كتاباً بالمدة التي غاب فيها عن عمله الى وزير النفط سليمان طرابلسي للحفاظ على حقوقه كموظف". وأكد ثقته بالقضاء "الذي لا يهدف إلا الى كشف الحقائق وإحقاق الحق"، متمنياً للمؤسسات "ان تستمر في عملها لتحقيق مصلحة الوطن العليا". وشكر لوسائل الإعلام مواكبتها الحدث، طالباً منها "التخفيف من التشويه الإعلامي قدر الإمكان". وتمنى "ان يصل كل انسان الى حقه". وقال ضاهر "في الحالات العادية عندما يترك احدهم بسند اقامة يعتبر تقريباً كبراءة ذمة ولكن ما دام الملف موجوداً بكامله والإجراءات القانونية تتابع فالإدعاء يبقى حتى صدور القرار الظني". وتابع القاضي ميرزا امس تحقيقاته باستجواب المدير العام السابق للوزارة نقولا نصر في حضور وكيله المحامي موسى كلاس ومحامي الدولة حافظ جابر. وأوضح جابر أن وكيل برصوميان المحامي عازوري استأنف قرار ردّ الدفع الشكلي الذي تقدم به امام القاضي ميرزا وقرار نقابة المحامين اول من امس، امام الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة زاهي كنعان لبتّها. وأشار الى ان المبالغ التي ستطالب بها الدولة لم تحدد بعد. مواقف وفي المواقف، قال النائب روبير غانم، رداً على مواقف لسياسيين بينهم النائب فارس بويز "ان سمعة لبنان تلطخت عندما كان مسؤولون كبار وبعض الوزراء يتراشقون بالتهم عبر وسائل الإعلام، فصوّروا لبنان كأنه بؤرة فساد". وأضاف "هناك ملفات يجب ان تفتح ويجب ان يعرف المسؤول انه مسؤول عن اموال الدولة والخزينة العامة والشعب، ففي الماضي وصلت الوقاحة ببعض السياسيين بأنهم كانوا يعملون "السبعة وذمّتها" ويعطوننا دروساً في الوطنية والعفّة والأخلاق وهذا شيء نرفضه ونقول أن لدى التفتيشين المركزي والمالي ملفات كانت مجمّدة ويجب أن تفتح وأن تستمر التحقيقات من دون توقف وأن يعاقب المسؤول عن كل إهدار او مخالفة او إثراء غير مشروع وعن تبديد الأموال العامة لمصالح خاصة". واعتبر "ان القانون سيد الأحكام وعلى الجميع ان يكونوا تحته، فلا كبير ولا حجم فوق حجم الوطن، وأن سمعة لبنان وثقة الناس به وبالنظام الديموقراطي وبالقضاء تعود لأن الجميع رأى ان هناك مسؤولين عن إهدار وتجاوزات ومخالفات كبيرة، وإذا صحّت هذه المعلومات معنى ذلك ان الثقة ستعود بين المواطن والدولة وبين الدولة والمستثمرين في لبنان لأن القضاء يحكم وفق الحق والأصول ليصل كل صاحب حق الى حقه". وطالب النائب السيد ابراهيم أمين السيد "بملاحقة عملية الفساد والإهدار في شكل كامل"، مشدداً على "اهمية المناخ السياسي الذي وفّره العهد والذي جعل القضاء قادراً على التحرك في اتجاه هذه الملفات خصوصاً في ما يتعلق باستعادة اموال الدولة الى الخزينة، ما ينعكس إيجاباً على الإقتصاد في الوقت الذي نرى ان قسماً كبيراً من الشعب دون الحد الأدنى من العيش، بينما بَنَتْ طبقة من السياسيين الذين مارسوا السلطة السياسية في العهد السابق، أمجاداً مالية هائلة، والإنطباع السائد عند الناس ان مال الدولة سرق وأهدر ولا بد من إعادته الى الخزينة". وعبّر مفتي صيدا والجنوب الشيخ محمد سليم جلال الدين عن ارتياحه الى "الخطوة المباركة والجريئة التي قامت بها الدولة للحفاظ على أموالها ومحاسبة المسؤولين"، مؤكداً ثقته "بالقضاء اللبناني".