أوقف المحامي المالي العام في لبنان القاضي خالد حمود امس وزير النفط السابق شاهي برصوميان "على ذمة التحقيق"، بتهمة "اهدار اموال عامة خلال ممارسته مهامه"، في ابرز تطور يشهده التحقيق في ملف الرواسب النفطية. ويعتبر توقيف برصوميان الذي تولى وزارة النفط بين العامين 1995 و1998 سابقة في تاريخ لبنان الحديث، ويتم بعد اسبوعين من التحقيقات المتواصلة التي اجراها حمود مع عدد من موظفي وزارة النفط وأصحاب شركات النفط في لبنان ومديرين وموظفين في مصفاتي الزهراني وطرابلس، بناء على اخبار تقدمت به شركة "فالكون انترناشونال" في شأن بيع كميات من النفط الخام على اساس انه رواسب نفطية. وأوقف مع برصوميان في نظارة قصر العدل ايضاً مرافقه سركيس قيومجيان والمدير العام السابق للوزارة نقولا نصر والمسؤول في شركة "اورو غولف" النفطية ناجي عازار ومدير مصفاة الزهراني خليل قمبريس ورئيسة مصلحة الديوان والعمليات التجارية في وزارة النفط وداد سعادة التي نقلت الى ثكنة بربر الخازن سجن النساء ورئيس مصلحة الشؤون المالية والاقتصادية في الوزارة بدوي سمعان، وخلي بسند اقامة رئيس مصلحة الرواتب والاجور في مصفاة الزهراني سمير قسيس وموظف الاستقبال في مصفاة طرابلس بركات بركات. وتبين بحسب التحقيق "وجود مخالفات بدءاً من بيع النفط الخام على انه رواسب وصولاً الى استيراد كميات من النفط ومشتقاته بموافقة الوزارة، على رغم عدم مطابقتها الشروط الفنية عبر اجراء صفقات بالتراضي، وافراغ حمولة بعض البواخر في الاراضي اللبنانية على رغم عدم موافقة اجهزة الرقابة". وكان حمود امر بتوقيف برصوميان في موضوع بيع نفط على اعتباره رواسب نفطية، قدرت بنحو35 ألف طن، وبيع الطن ب7 دولارات ثم بيعت في هيوستن في اميركا ب70 دولاراً، واهدار اموال عامة عائدة الى وزارة النفط، بعد استجوابه نحو ساعة. ثم اقتيد الى نظارة قصر العدل يرافقه رئيس مكتب مكافحة الجرائم المالية العقيد سمير فرنجية، من دون ان يقيد بسلاسل، في حين وجهت الى قيومجيان تهمة اخفاء معلومات ورشوة. وتردد ان برصوميان، بحسب مصادره، اكد في رده على الاخبار الموجه ضده ان "الرواسب التي بيعت بسعر سبعة دولارات للطن، بعد 20 سنة من وجودها في المستودعات، تم تحليلها من خمسة مختبرات على انها رواسب، وان الادعاء بأنها نفط خام، يمكن التأكد من صحته من خلال جردة موجودات النفط الخام الموجودة في الوزارة". مذكرة ردّ وكان وكيله المحامي أكرم عازوري تقدم من النائب المدعي العام المالي القاضي أحمد تقي الدين بمذكرة جوابية عن مذكرة الاخبار المبرزة في ملف الرواسب النفطية، اكد فيها عدم جواز ملاحقة الوزير او المسؤولين السياسيين عن جرائم الوظيفة امام القضاء العدلي وانما يجب التقدم بطلب الاذن بالملاحقة امام المجلس النيابي لتتم بعدها محاكمته في حال اعطاء الاذن امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وأشار ايضاً الى ان برصوميان "محام ولا يجوز اتخاذ تدبير في حقه قبل الحصول على اذن من نقابة المحامين بذلك". واستشهد في موضوع عدم صلاحية القضاء العادي بمطالعة صادرة عن النيابة العامة المالية في كانون الثاني يناير 1996 وباجتهاد صادر عن محكمة التمييز الجزائية. وقال المحامي عازوري في تصريح بعد ظهر امس ان "كل ملف فيه شبهة يفتح، نأمل بأن يتم التحقيق فيه وفقاً للاصول الدستورية وأن يصل الى نهايته من دون لفلفة. ولا يجوز ان يكون اي شخص فوق المحاسبة فهذا يشجع الناس على الثقة بدولتها". اما نصر الذي كان موضوعاً في التصرف، فافادت مصادر مطلعة على التحقيق افادت انه استجوب عن "التلزيم بالتراضي وتعيين ابن اخيه مستشاراً للوزير براتب مليون ليرة شهرياً وتقاضي أجر شهري 250 دولاراً لخادمته من مصفاة طرابلس". واستجوبه حمّود، أول مرة نحو اربع ساعات ثم اقتاده العقيد فرنجية الى النظارة. اما عازار، وكان استجوب من قبل، فأوضحت المصادر "انه اوقف بسب العثور في منزله على سندات مدفوعة بقيمة 7 ملايين دولار". ثم امر بتوقيفه. التحقيقات الاولية انتهت يذكر ان النيابة العامة المالية سبق ان سارت في قضية مشابهة تتعلق بالوزير السابق الراحل جميل كبي وفق المادتين ال60 وال70 من الدستور اللتين تنصان على عدم ملاحقة الوزير امام القضاء العدلي وانما امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الا ان المجلس النيابي لم يتحرك حينها ويباشر ملاحقته على اساس ان قانون المجلس لم يكن وضع بعد. وأعلنت مصادر قضائية ان كل التحقيقات الاولية انتهت وتقرر توقيف الاشخاص السبعة على ذمة التحقيق ليدعى عليهم اليوم بموجب ورقة طلب واحالتها مباشرة مع الموقوفين والملف وكل المستندات على قاضي التحقيق الاول في بيروت سعيد ميرزا لإصدار المذكرة القانونية اللازمة بذلك. ورفض القاضي حمود اعطاء اي معلومات عن القضية على اعتبار التحقيق سرياً مكتفياً بالقول ان "القضاء قال كلمته"، معلناً صلاحيته للنظر في هذه القضية والتحقيق فيها على اعتبار ان برصوميان "ارتكب جرائم عادية لا تمت الى الوظيفة بصلة".