أثار كتاب "جواسيس جدعون - التاريخ السري لموساد" الذي ألفه غوردون توماس ونشر في الولاياتالمتحدةوبريطانيا، اهتماماً واسعاً. إذ ادعى ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية موساد تنصت على المكالمات الهاتفية التي طغى عليها موضوع الجنس بين الرئيس بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي من أجل "ابتزاز" الإدارة الأميركية وضمان بقاء عميل الموساد السري، الذي يحمل اسم ميغا "الحركي"، في البيت الأبيض. ونفت الولاياتالمتحدة وإسرائيل هذا الادعاء نفياً قاطعاً، لكنه واحد من الادعاءات المتعددة التي يتضمنها كتاب توماس الذي يحقق في عمليات الموساد منذ انشئ عام 1951، بما في ذلك العمليتان الفاشلتان اللتان نفذهما العام الماضي في الأردن وسويسرا. والكتاب، الذي يقع في 354 صفحة، وضع بأسلوب شيق، وهو يبدأ بحكاية مفادها ان عميلاً للموساد يحمل اسم موريس جنّد في باريس هنري بول مساعد كبير المسؤولين في فندق ريتز الباريسي الذي كان يتولى أيضاً قيادة السيارات التي تنقل كبار النزلاء في الفندق. وكان هدف عملية "التجنيد" ان يتجسس هنري بول على كبار الشخصيات الشرق الأوسطية التي ترتاد الفندق الضخم. وهنري بول هو الذي قاد السيارة التي قُتلت فيها الأميرة ديانا مع دودي الفايد في 31 آب اغسطس 1997. ومن الأمور الأخرى الكثيرة التي يدعي توماس أنه يقدم تفاصيل جديدة عنها، دور الموساد في محاولة نزار هنداوي نسف طائرة "العال" واغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن، واغتيال عدد كبير من القادة الفلسطينيين في أنحاء العالم، واغتيال الصحافي البريطاني الإيراني الأصل فرهاد بازوفت على أيدي عملاء عراقيين، وقتل روبرت ماكسويل في يخته، بالاضافة إلى تفاصيل عن صلات الموساد بافريقيا وخطفه موردخاي فعنونو. ويتضمن الجزء المتعلق باغتيال ناجي العلي عام 1987 تفاصيل عن كيفية تجنيد الإسرائيليين شخصاً اسمه إسماعيل من الضفة الغربية للعمل مع الموساد، الذي قام باختراق منظمة التحرير الفلسطينية. وارسل الموساد إسماعيل صوان إلى لندن لمراقبة عبدالرحيم مصطفى الذي كان أصبح رئيس "القوةپ17" وكان يتردد كثيراً على العاصمة البريطانية. وقال صوان لاحقاً إن مصطفى كان شديد الغضب ازاء بعض رسوم ناجي العلي التي انتقدت الرئيس ياسر عرفات، وانه قال إن ناجي العلي يستحق الموت. ويصف توماس كيف ان الموساد ورط صوان باغتيال الرسام الفلسطيني عن طريق وضع أسلحة ومتفجرات في شقته كي يثبت للبريطانيين ان الموساد يستطيع ملاحقة "الارهابيين"، ولتقويض علاقة منظمة التحرير مع الحكومة البريطانية. لكن خطة الموساد احبطت عندما كشف صوان للشرطة البريطانية تفاصيل علاقته بالموساد، ونتيجة لذلك طُرد عملاء لموساد من بريطانيا، وبقيت بعدها محطة الاستخبارات الإسرائيلية في هذا البلد مغلقة لسنوات. ويصف غوردون توماس أساليب عملاء الموساد في اختراق الدول والمنظمات العربية وغير العربية والتسلل إلى صفوفها، ويقدم اسماء وتواريخ وتفاصيل عن لقاءات وعن الدور الذي لعبه العملاء والعملاء المزدوجون. ويشير المؤلف إلى أن سارة زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو طلبت أن يعطيها الموساد لمحة عن سيكولوجية زعماء دول وسفراء إسرائيل في العالم. ويقول غوردون توماس إن كتابه يثير مسائل ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى السلام في الشرق الأوسط، إذ يُظهر الموساد مؤسسة استخباراتية غير مستقرة وغير متوازنة، منقسمة إلى فئات و"أحزب"، كما ان هذه المؤسسة تعمل لحسابها الخاص بمعنى أنها "لا تتوانى عن أي عمل في سبيل إسرائيل، ولو استدعى الأمر إفساد أي شخص وتحطيم أي إنسان يقف في سبيلها".ونشر على مدى سنوات عدد من الكتب المتعلقة بالموساد، لكن توماس يقول إن كتابه مختلف، إذ يتضمن ما قاله له عدد كبير من الذين عملوا لحساب الموساد سابقاً، ويعملون لحسابه الآن من ذوي الرتب والمستويات الرفيعة. والكاتب قابل هؤلاء جميعاً كي يتمكن من تأليف كتابه وإعداد البرنامج التلفزيوني الذي بثته القناة الرابعة البريطانية العام الماضي. ومن مصادر الموساد التي يشير إليها الكتاب شخصان شغلا سابقاً منصب المدير العام للجهاز، هما مئير اميت وأيسر هاريل، وثالث كان نائب المدير العام للموساد وهو ديفيد كيمحي، وآخر كان نائب مدير العمليات في الجهاز، هو رافي ايتان. ومن الذين قابلهم المؤلف وليم كيسي حين كان مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي. آي. اي وعرب تأثروا بأكثر ما اشتهر من عمليات الموساد، وصحافيون. ويختلف المراقبون على مدى أخذ الكتاب الجديد بجدية، وليس غريباً أن أكثر الذين ينتقدونه هم من داخل إسرائيل، فيما يشكك بعض الخبراء العرب والغربيين في صحة بعض ما ورد فيه. وجاء في تقرير نُشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ان أيسر هاريل ومئير اميت ينفيان أنهما تحدثا إلى غوردون توماس، لكن الأخير ظهر في البرنامج التلفزيوني العام الماضي فيما اميت يتحدث إليه.