وقع الاتحاد الأوروبي واسرائيل اتفاق تمديد التعاون العلمي والتكنولوجي بينهما خلال الأعوام الخمسة المقبلة وذلك بعد أسابيع من الجدل داخل المؤسسات الأوروبية حول "الجدوى السياسية" من ابرام الاتفاقات في ظل الظروف الراهنة في الشرق الأوسط. وقالت مصادر أوروبية ان الاتفاق يضمن مصالح المؤسسات والمختبرات العلمية من الجانبين ويمكنها الاستفادة من أحدث الأبحاث العلمية والتكنولوجية بما يدر عليها من فوائد كبيرة. ووقع الاتفاق عن الجانب الأوروبي كل من السفير الألماني ديتريش فان كيواف لأن بلاده تترأس الدورة الحالية للاتحاد وعضو المفوضية مسؤولية الشؤون العلمية اديت كريسون وعن الجانب الاسرائيلي السفير هاري كنايتان. وتنفرد اسرائيل ضمن البلدان غير الأوروبية بالمشاركة في البرامج الخماسية التي وضعها الاتحاد لتطوير الأبحاث في القطاعات الاستراتيجية مثل تكنولوجيا المعلومات والفضاء والأبحاث الطبية. ورأت مصادر ديبلوماسية عربية ان التوقيع على الاتفاق الأوروبي - الاسرائيلي في ظل جمود عملية السلام وأعمال القصف الاسرائيلي ضد لبنان "يدعم بشكل غير مباشر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مواصلة تشدده". وصرح الأمين العام للجمعية البرلمانية للتعاون العربي - الأوروبي جان ميشيل ديمون بأن الاتحاد الأوروبي "أضاع فرصة مهمة وأهدر امكانية الضغط السياسي على اسرائيل. ويدل تجديد اتفاق التعاون العلمي مع الدولة العبرية في ظل الظروف الراهنة على ضعف السياسة الأوروبية وانعدام انسجامها حيال تل أبيب"، وذلك في اشارة الى أن فرنسا وبريطانيا وهولندا كانت دعت خلال اجتماعات مجلس المندوبين الدائمين للبلدان ال 15، قبل نهاية العام، الى تأجيل اتفاق تجديد التعاون العلمي والتكنولوجي بسبب وقف نتانياهو عمليات إعادة الانتشار وتنفيذ اتفاقية واي ريفر. واكتسب موقف هولندا التي تعرف تقليداً بمناصرتها اسرائيل بعض الأهمية ويفسر بانزعاج لاهاي بعد اكتشاف فضائح الحمولة السامة للطائرة الاسرائيلية التي سقطت قبل ستة أعوام في امستردام. وتولت المانيا، الرئيسة الحالية للاتحاد، مهمة الدفاع عن تجديد الاتفاق ورأته "اتفاقاً فنياً لا يرتبط بالوضع السياسي في الشرق الأوسط". ويبلغ اجمالي موازنة الأبحاث العلمية والتكنولوجية الأوروبية قيمة 14.96 بليون يورو 16.4 بليون دولار وتشارك اسرائيل في تمويل البرامج التي تستفيد منها المؤسسات الاسرائيلية. وكانت ساهمت في الأعوام الخمسة الماضية في ما لا يقل عن 350 مشروعاً. وأوضح مصدر مطلع الى "الحياة" ان حكومة اسرائيل كانت تنبهت قبل نهاية العام الماضي الى مخاطر تعليق مشاركتها في البرامج الأوروبية وعبأت أنصارها في مختلف العواصم الأوروبية ومؤسسات الاتحاد والمؤسسات الصناعية الأوروبية التي تساهم في المشاريع العلمية المشتركة مع المختبرات والمؤسسات الاسرائيلية. كما حظيت مساعي حكومة اسرائيل بمساندة المبعوث الأوروبي لعملية السلام ميغيل انخيل موراتينوس الذي دافع، في اجتماعات سابقة مع النواب الأوروبيين، عن ضرورة تجديد اتفاقات التعاون العلمي مع اسرائيل "لأن العقوبات لا تجدي نفعاً" على حد قوله أمام نواب البرلمان الأوروبي. وكان موراتيونس أكد أيضاً ان تجميد الاتفاق مع اسرائيل "سيكون خطأ كبيراً لا يفيد أحداً"، مما أثار في حينه انتقادات في صفوف الأوساط الديبلوماسية العربية وبعض النواب الأوروبيين الذين اعتبروا اندفاع المبعوث الأوروبي "انحيازاً" لفائدة اسرائيل "وخروجاً عن الموقف الجماعي لبلدان الاتحاد إزاء عملية السلام". وبذل المفوض العام الفلسطيني في بروكسيل شوقي الارملي وكذلك زميلته في باريس ليلى شهيد جهوداً في اتجاه وزارة الخارجية الفرنسية والبرلمان الأوروبي لكنهما اصطدما بكثافة نشاط اللوبي الاسرائيلي وحماسة عضو المفوضية الأوروبية اديت كريسون، المسؤولة عن برامج الأبحاث العلمية، لفائدة تجديد الاتفاقات مع اسرائيل. ولا تعرف رئيسة الوزراء الفرنسية السابقة كريسون، بتعاطف خاص مع الفلسطينيين ورأى مصدر أوروبي في بروكسيل ان اندفاعها لتجديد الاتفاقات مع اسرائيل "يعكس حرصها على الدفاع عن مصالح المؤسسات الأوروبية من ناحية أولى وحاجتها في الظرف الراهن، من ناحية أخرى، لاستمالة تفهم أكبر عدد من النواب بما قد يساعدها على تفادي مذكرة حجب الثقة وطلبات الاستقالة التي تستهدفها منذ أسابيع"، وتتهم لجنة التحقيق في البرلمان الأوروبي كريسون بسوء التسيير والمحسوبية وتحملها مسؤوليات هدر موازنة التدريب المهني التي تشرف على تسييرها.