رحّبت لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل بعد اجتماعها مساء الثلثاء الذي استمرّ حتى فجر امس ب "التزام الاطراف التقيد بالتفاهم"، فيما تحدث وزير الدفاع الاسرائىلي موشي ارينز عن "ضرورة اعادة النظر في التفاهم لانه يقيد النشاطات العسكرية الاسرائىلية في لبنان ويضمن الحصانة لمقاتلي حزب الله". وجاء كلام ارينز في سياق استمرار السجال الاسرائىلي الداخلي والمبارزة الانتخابية على سبل التعاطي مع الاحتلال الاسرائىلي لجنوبلبنان وبقاعه الغربي، اذ طرح وزير الخارجية الاسرائىلي ارييل شارون، بعد السجال الذي دار اول من امس بين رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وزعيم حزب العمال المعارض ايهود باراك في شأن الانسحاب، اقتراحاً بتأجيل الانتخابات العامة المقررة في ايار مايو المقبل وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتخذ قرار سحب القوات الاسرائىلية من لبنان من جانب واحد. واعتبر شارون ان هذه الطريقة الوحيدة للخروج من المتاهة اللبنانية، وحكومة الوحدة الوطنية هي وحدها التي في وسعها اتخاذ مثل هذه القرارات، مشيراً الى ان تنفيذها قد يستغرق شهوراً عدة. وكان بيان لجنة المراقبة الذي وزع ظهر امس لاحظ "الدور المهم الذي يمكن ان تلعبه في حماية المدنيين من خلال تعزيز ضبط النفس وتخفيف التوتر ومنع التصعيد. وقالت انها "لتحقيق هذه الغاية، تدعو الاطراف الى تعزيز تطبيق بنود التفاهم على ضوء مصلحتهم المشتركة في تجنّب الاعمال الاستفزازية واحتواء أثر العنف على المدنيين". ودرست اللجنة خمس شكاوى قدّمتها اسرائيل، اربع منها تتعلق باطلاق النار من مجدل سلم وتمّ اقرارها واعتبارها خرقاً للتفاهم، وأخذت اللجنة علماً ببيان الوفد اللبناني بأن اجراءات مناسبة بوشر بها في شأن حوادث اطلاق النار هذه. اما الشكوى الخامسة والمتعلقة بسقوط كاتيوشا في مستوطنة اسرائيلية فأقرت بأن صاروخين من هذا النوع أطلقا على اسرائيل من مجموعة مسلحة لبنانية، وأن احدهما أضر بمنزل وسيارة فيما سقط الآخر على طريق قرب المستوطنة، ما يشكل خرقاً للتفاهم. وأبدى رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص ارتياحه الى النتيجة التي انتهى اليها اجتماع اللجنة، مؤكداً التزام لبنان التفاهم نصاً وروحاً. وقال في اول تعليق رسمي لبناني على صدور البيان: "لم يكن لبنان يوماً سبباً في التوتر أو في تعريض المدنيين للاضرار، وهو يؤكد اليوم التزامه تفاهم نيسان نصاً وروحاً ويحمّل اسرائىل مسؤولية خرقه مرات عدة وتعريض المواطنين الى الاخطار. اما القضاء الكامل على التوتر فهو تنفيذ القرار 425 وانسحاب اسرائيل غير المشروط الى الحدود المعترف بها دولياً". ونفت مصادر الوفد اللبناني في اللجنة انباء تحدثت عن طرح تعديل لتفاهم نيسان، مشيرة الى ان هذا الامر لم يطرح في الاجتماع. واوضحت المصادر ان اجتماع اللجنة ساعد في تنفيس الاحتقان، وانه ردّ على الشكوى الاسرائىلية في شأن صواريخ كاتيوشا على شمال اسرائيل، نافياً ان يكون "حزب الله" أطلقها، مؤكداً ان الحزب ملتزم التفاهم مثل الدولة اللبنانية. واعتبر الوفد اللبناني ان قصف الكاتيوشا غير مبرر لأنه يخرق بنده الاول وان التحقيقات مستمرة لمعرفة من أطلقها. ورغم ان بيان اللجنة رحّب بالتزام الاطراف التقيّد بتفاهم نيسان فإن ارينز قال لصحيفة "جيروزاليم بوست" الاسرائىلية "أنا مقتنع بأن تفاهم نيسان كان سيئاً للجيش الاسرائىلي لانه يقيد أيديه ولا يمكنه من استخدام كامل قدراته ويوفر حصانة لحزب الله". وفي رده على سؤال عما اذا كانت اسرائيل ستتخلى عن هذا التفاهم، قال ارينز "هذه إمكانية بين امكانات عدة يجب ان نبحثها". واضاف "ان تغيير شيء تمّ الاتفاق عليه ليس بالامر السهل". ورأى ان التفاهم "خلق وضعاً يجعل حزب الله حراً في شنّ هجمات على القوات الاسرائىلية وجيش لبنانالجنوبي ومواقع في المنطقة الامنية ونحن لسنا احراراً في مهاجمة قواعدهم في القرى". ورفض ارينز في الوقت ذاته دعوة شارون الذي خلفه ارينز بعد حرب 1982 لاقامة "حكومة طوارىء وطنية" للانسحاب من لبنان، ووصفها بأنها غير عملية، مؤكداً رفضه كما المؤسسة العسكرية الاسرائىلية الانسحاب من جانب واحد. وأعلن حزب العمل المعارض الشريك المحتمل لحكومة الطوارىء التي دعا شارون الى اقامتها رفضه القاطع للاقتراح. ورأى ان "شارون فهم ايضاً ان نتانياهو فاشل وغير قادر على ادارة شؤون الدولة". وقالت مصادر الحزب ان هذه الدعوة تأتي "لاغراض انتخابية" ولا يأخذها احد على محمل الجد. وأيد الرئيس الاسرائىلي عزرا وايزمن تحديد باراك موعد الانسحاب من جنوبلبنان في العام 2000 في حال فوزه. وكان شارون قد قال في حديث مطول مع الاذاعة الاسرائىلية "ان المشكلتين المركزيتين اليوم امام اسرائيل هما لبنان وحقيقة ان الفلسطينيين يرفضون التقدم في المفاوضات ويهاجمون الحكومة مع المعارضة ما يضعف مواقف اسرائيل"، وهما تستدعيان قيام حكومة وحدة وطنية، ويؤيد شارون انسحاباً تدريجياً أحادي الجانب من الاراضي اللبنانية ترافقه عمليات عسكرية "قاصمة" في العمق اللبناني. في باريس، عبّر ناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية امس عن ارتياحه لنتائج الاجتماع الذي عقدته لجنة المراقبة في الناقورة. وقال: "أخذنا علماً بالاستعداد الذي أبدته الاطراف لاحترام تفاهم نيسان". اضاف ان لجنة المراقبة "تعد بالنسبة الينا أفضل سبيل لتجنب التوتر في جنوبلبنان، وحماية المدنيين".