كان ذلك اجتياحاً أميركياً لكوبا، لكن لا كالذي اعتاد فيديل كاسترو التحذير منه. فالاسلحة لم تكن سوى آلات غيتار وطبول، احتفالاً بمباراة للبيسبول اقيمت في هافانا بين فريق "بالتيمور اوريولز" الاميركي الزائر والمنتخب الوطني الكوبي. قلة من السياح الغربيين او المواطنين الكوبين تسنت لهم فرصة مشاهدة المباراة أو متابعة الحفلة الموسيقية التي اعقبتها وأحياها نجوم اميركيون وكوبيون مساء اول من امس . والمفارقة ان معظم البطاقات ذهب الى المدعوّين، وفي مقدمهم اعضاء الحزب الشيوعي والمنظمات التابعة له. وحضور المسؤولين الكوبيين لم يفشل "ديبلوماسية البوب الممزوج بالبيسبول" إذ سعى الموسيقيون واللاعبون الاميركيون الى ردم الهوّة الايديولوجية بين الولاياتالمتحدة والجزيرة الشيوعية في البحر الكاريبي . غير ان بعض المغالين في عدائهم لكاسترو لم يكونوا في مزاج احتفالي. فالاجتياح الاميركي أدى الى انقسام الكوبيين حول المعضلة القديمة: هل يسقط نظام كاسترو بحصار اقتصادي أو ب "إختراق ديبلوماسي" كالذي شهدته كوبا اول من امس؟ الكوبيون المنفيون في ميامي الذين هربوا من الجزيرة، كانوا متوتّرين طوال احتفالات نهاية الاسبوع، فنعتوا الموسيقيين والرياضيين الاميركيين ب"الخونة" ورددوا ان رحلتهم ستؤمن المزيد من الاوكسيجين لمساعدة النظام الشيوعي المتداعي على البقاء. وينحى أولئك باللائمة على الادارة الاميركية لكونها سمحت للموسيقيين ولفريق "بالتيمور اوريولز" بزيارة كوبا على رغم الحظر الاميركي على سفر الاميركيين الى الجزيرة. ... "انه تصرّف خاطىء للاسباب نفسها التي قد تدفع اليهود الى عدم ارسال نادي بالتيمور اوريولز الى ألمانيا للترفيه عن هتلر"، كتب المحرر الرياضي في صحيفة "ميامي هيرالد"، مضيفاً "ان كاسترو لا يستخدم غرف الغاز، بل يعتمد طرد الفرق والسجناء السياسيين وهو يغتصب أرض أجدادي منذ أربعة عقود". وكانت الولاياتالمتحدة فرضت حصاراً على كوبا منذ أزمة الصواريخ بين كينيدي وخروتشوف مطلع الستينات، ثم شدّدته عام 1996 بعدما أسقطت مقاتلة كوبية طائرتين أميركيتين خفيفتين، ما أسفر عن مقتل اربعة أميركيين من اصل كوبي. بيد ان الرئيس بيل كلينتون قرّر هذا العام تشجيع التواصل الانساني مع سكان الجزيرة آملاً في أن يؤدي ذلك الى تعود الشعب الكوبي على فكرة الديموقراطية وفرض عزلة على كاسترو. للسبب نفسه، سُمح لسبعمئة طالب أميركي بزيارة الجزيرة الشهر الماضي فاقاموا حفلة مشتركة مع طلاب كوبيين، وهو الامر الذي كان وراء طرح فكرة الحفلة الموسيقية ومباراة البيسبول. غير ان معارضي كاسترو عبّروا عن اشمئزازهم من الامر برمته. كذلك انتقد عدد من مشجعي لعبة البيسبول والقيمين على نوادٍ عدة في الدوري الاميركي، المناسبة. وقال المتشائمون ان مالك "بالتيمور اوريولز" بيتر أنجيلوس، يسعى الى شراء لاعبين كوبيين، يُعتبرون بشكل عام اكثر جدارة من أولئك الذين في الولاياتالمتحدة. وسيقوم المنتخب الكوبي بزيارة بالتيمور في ايار مايو المقبل. والسؤال الذي طُرح امس في هافانا كان: "كم لاعباً منهم سيعود الى كوبا"؟