لا يختلف اثنان على ان بوبي تشارلتون هو احسن لاعب كرة قدم في تاريخ انكلترا. ووحده بوبي لا يرى هذا الرأي صحيحاً، ويعتبر النجم الراحل دونكان ادواردز - زميله الذي لقي حتفه في حادث طائرة ميونيخ عام 1958 - هو احسن لاعب على مر العصور. ويضع خبراء الكرة العالمية بوبي باستمرار بين احسن عشرة لاعبين في التاريخ مع الافذاذ بيليه ودي ستيفانو وبوشكاش وياشين وبكنباور، واختاره الاتحاد الدولي ضمن العشرة الاوائل الذين انضموا الى قاعة المجد لنجوم الكرة عام 1998. حقق كل شيء في كرة القدم، ووصل الى كل درجات النجاح والمجد في الملاعب، لكن هذا النجاح الفريد الذي ارتبط دائماً بالموهبة الفذة والفاعلية الرهيبة لم يكن السبب الرئيسي في شهرته الطاغية اينما كان. فهناك ايضاً اخلاق عالية وروح رياضية شكلت المفتاح السحري ليدخل قلوب الملايين... ويكفي انه تعرض لانذار واحد في اكثر من 600 مباراة خاضها في المسابقات الرسمية في انكلترا وخارجها. وكان طبيعياً ان تكرمه الملكة اليزابيث بمنحه لقب "سير" عام 1995 ليكون القدوة الدائمة لشباب بريطانيا ولعشاق الرياضة وكرة القدم في كل انحاء العالم. بدأ بوبي مشواره مع اللعبة مبكراً جداً، وقبل ان يكمل 16 عاماً كانت عيون نادي مانشستر يونايتد وقعت عليه وضمته الى صفوفها، وخلال عامين صعد الى الفريق الاول واصبح اساسياً في التشكيلية التي وضعها المدرب الفذ مات بازبي. واصطدمت طموحات بوبي مبكراً بأكثر من حاجز، اولها الخسارة امام ريال مدريد الاسباني في المشاركة الاولى لمانشستر اوروبياً، وخسارة كأس انكلترا امام استون فيلا عام 1957 وهو ما حال دون احراز الثنائية في موسمه الثاني مع الفريق. الكارثة كانت في شباط فبراير 1958 بعدما تعادل مانشستر مع رد ستار اليوغسلافي في بلغراد، اذ هبطت طائرة الفريق في ميونيخ للتزود بالوقود، لكنها لم تتمكن من الصعود فاصطدمت بالارض على مسافة كيلو مترات من المطار، وتناثرت الشظايا والاشلاء ومات 22 شخصاً بينهم سبعة لاعبين في الحال، وتوفي آخرون في الايام التالية منهم دونكان ادواردز، ونجا الباقون وبينهم بوبي الذي تجاوز عامه العشرين قبل ايام قليلة. وبات الصغير بوبي العمود الفقري للفريق الذي اعاد بازبي بناءه في مانشستر يونايتد، ورغم خسارته نهائي كأس انكلترا بعد شهور قليلة امام بولتون واندررز الا ان الفريق دخل قلوب كل جماهير الكرة الانكليزية. وبعد شهرين فقط من الحادث الفظيع لعب بوبي مباراته الدولية الاولى ضد اسكتلندا في نيسان ابريل 1958، وسجل هدفاً. وعلى مدار مشواره الطويل الذي دام 106 مباريات خلال 14 عاماً، كان الفوز بكأس العالم 1966 هو الانجاز الاكبر. ولا تنسى الجماهير هدفه الصاروخي في مرمى المكسيك الذي كسر حاجز الصمت في الدور الاول، وهدفيه في مرمى البرتغال في الدور نصف النهائي عندما فازت انكلترا 2-1. ولم يقدم بوبي في المباراة النهائية العرض المتوقع بعد ان كلف هلموت شون مدرب المانيا الغربية نجمه الفذ فرانتس بكنباور مراقبة بوبي طوال المباراة، ولم يستفد الفريقان من اللاعبين الكبيرين ولكن المساحات اتسعت امام الان بول وجيف هيرست للتألق. وعقب الفوز الضخم ظل بوبي يبكي في الملعب وهو غير مصدق الانجاز الكبير. وكان يمكن للمنتخب الانكليزي ان يكرر الانجاز في كأس العالم التالية 1970 في المسكيك بعد ان تخطى الدور الاول باقتدار ثم التقى مجدداً نظيره الالماني في ربع النهائي، وتقدم باقتدار 2- صفر، لكن المدرب الانكليزي الف رامزي استبدل بوبي لاراحته لمباراة الدور نصف النهائي، وكان خروجه نقطة تحول وخسرت انكلترا 2-3 وخرجت من المسابقة. تميز بوبي بالمهارات الفردية العالية في المراوغة والاندفاع بالكرة والتمرير الجيد بالقدمين ولمسافات بعيدة مع تسديدات هائلة بالقدم اليسرى، وكانت قدرته على خداع منافسيه بالتمويه بحركة الكتف نموذجاً للمراوغة المثمرة في اصعب المواقف، وهو تعلم الكثير من خاله جاكي ميلبورن الذي كان احسن اللاعبين في فريق سانت جيمس بارك. الانتصارات التاريخية والالقاب الكثيرة والاهداف الجميلة والمباريات الجيدة لم تترك في عقل بوبي الاثر نفسه الذي تركته مباراة مانشستر يونايتد خارج ملعبه ضد ريال مدريد الاسباني في نصف نهائي كأس الاندية الاوروبية البطلة عام 1968 امام 100 الف متفرج في ملعب سانتياغو برنابيو، وتعادل يونايتد بجدارة في تلك المباراة 3-3، وتأهل الى الدور النهائي للقاء بنفيكا البرتغالي امام 100 الف متفرج في ملعب ويمبلي الشهير. ويعتبر بوبي شارلتون مباراة ريال مدريد الاحسن في تاريخه - له وللفريق - ولا ينسى الفوز على بنفيكا 4-1 في ويمبلي واحراز اول كأس اوروبية. وانتهت المباراة في وقتها الاصلي بالتعادل 1-1 قبل ان يجتاح مانشستر منافسه بثلاثة اهداف في الدقائق التسع الاولى من الوقت الاضافي. بوبي اصبح الوجه الابرز في كرة القدم والرياضة الانكليزية، واختارته مدينة مانشستر ليكون ممثلها في حملتها الدعائية لتنظيم الدورة الاولمبية عام 2000. وهو عضو اللجنة العليا في الاتحاد الانكليزي لكرة القدم في حملته لاستضافة كأس العالم 2006. أرقام وأعوام - روبرت تشارلتون من مواليد اشنغتون في 11 تشرين الاول اكتوبر 1937. - انضم الى مانشستر يونايتد وعمره 16 عاماً وخاض مباراته الرسمية الاولى مع الفريق الاول عام 1956 ضد تشارلتون اثلتيك واحرز هدفين. - خاض 13 مباراة مع الفريق الاول سجل 10 أهداف في موسمه الاول، ونال شرف خوض المباراة النهائية لكأس اتكلترا ضد استون فيلا وخسرها 1-2 بعد اصابة راي وود حارس مرمى مانشستر بعد 6 دقائق واكمل الفريق المباراة بعشرة لاعبين. - افلت بمعجزة من حادث سقوط الطائرة التي حملت فريقه في عام 1958، وتعرض لإصابات طفيفة وعاد الى الملاعب بسرعة جداً. - لعب مباراته الاخيرة مع مانشستر يونايتد ضد تشلسي عام 1973، ونال حفاوة هائلة من جمهور الناديين بترديد اسمه في كل مرة لمس خلالها الكرة. وبالصدفة لعب شقيقه الاكبر جاكي مباراته الاخيرة في اليوم ذاته. - تراجع عن الاعتزال وعاد لمساعدة نادي بريستون نورث اند واخراجه من ازمته، وخاض مباراته الاخيرة معه في 29 آذار مارس 1975 ضد بورت فيل. - اتجه الى العمل في ادارة الكرة في نادي بريستون نورث اند لفترة قصيرة جداً، واصبح عضواً في مجلس ادارة نادي مانشستر يونايتد، ويعمل حالياً مستشاراً كروياً للنادي وكشافاً للمواهب، واختير عضواً في اكثر من لجنة فنية في الاتحاد الدولي، وهو احد سفراء الفيفا للعب النظيف في العالم. - حقق بطولة الدوري الانكيزي 4 مرات وكلها مع نادي مانشستر يونايتد اعوام 57 و58 و55 و1967، وفاز بكأس انكلترا عام 1963. - قاد مانشستر الى الفوز الاول لأي ناد انكليزي في بطولة الاندية الاوروبية الابطال عام 1968. - كان النجم الاول للمنتخب الانكليزي بطل كأس العالم 1966. - خاض 648 مباراة في الدوري الانكليزي، وسجل 206 أهداف. - لعب 106 مباريات دولية، وظل هذا الرقم قياسياً لفترة طويلة، أحرز خلالها 49 هدفاً رقم قياسي. - اختاره النقاد والخبراء أحسن لاعب في انكلترا عام 1966، ونال الكرة الذهبية لأحسن لاعب في اوروبا عام 1966، واختاره لاعبو انكلترا أحسن لاعب محلي عام 1969. - منحته الملكة اليزابيث الثانية وسام الفارس ولقب "سير"عام 1995 تقديراً لجهوده في خدمة بلاده وكرة القدم والرياضة.