أكد وزير لبناني ل"الحياة" أن زميله وزير المال الدكتور جورج قرم "عازم ترك منصبه فور انتهاء المجلس النيابي من المصادقة على مشروع قانون الموازنة للعام 1999"، مشيراً الى انه كان صارح مراراً كبار المسؤولين برغبته في ان يعفى من الحقيبة التي أسندت إليه، لكنهم تمنوا عليه البقاء ريثما تعد الموازنة. وكشف ان قرم قرر نزولاً عند رغبة رئيسي الجمهورية إميل لحود والحكومة الدكتور سليم الحص الإستمرار في مهامه، حتى ذلك الحين، وأنه كان بادر اثناء مناقشة البيان الوزاري في المجلس النيابي، وفي ضوء الحملة التي شنّها عليه احد النواب، بمصارحة الرئيس الحص، على مسمع بعض الوزراء الجالسين الى جانبه في المقاعد الوزارية، بأن لا مانع لديه من ان يعفى من منصبه اذا كان وجوده في الحكومة يشكل احراجاً له. وتابع الوزير "إلا ان الرئيس الحص ومن ثم الرئيس لحود تمنيا عليه البقاء، وأكدا ان لا مشكلة في وجوده في الحكومة، وأن من يتعاطى الشأن السياسي العام يجب ان يعتاد الحملات النيابية خصوصاً خلال الجلسات المخصصة لمناقشة البيان الوزاري". ولفت الى ان تريث قرم في تقديم استقالته لم يدفعه الى صرف النظر كلياً عن ترك الحكومة، خصوصاً ان المراحل التحضيرية لإعداد مشروع قانون الموازنة شهدت تبايناً في الرأي على ابرز التوجهات المالية المقترحة لتعزيز واردات الخزينة من جهة ولخفض نسبة العجز من جهة ثانية". حتى ان الوزير تحدث عن تباين في الرأي بين الوزير قرم ووزير الاقتصاد والتجارة والصناعة ناصر السعيدي الذي يحاول من حين الى آخر ان يقدم نفسه على انه الشخص المحتمل ليحل محله في وزارة المال في حال قرر زميله المضي في استقالته". وإذ أشاد الوزير بالجهود التي قام بها قرم لبلورة مشروع الموازنة، قال انه "ينتمي الى مدرسة اقتصادية تتعارض مع المدرسة التي ينتمي اليها عدد من الوزراء والمستشارين الذين ساهموا في اعداد المشروع، وهذا برز في مرحلة إعداده، خصوصاً زيادة الواردات". وأوضح الوزير انه "اذا استقال قرم فلن يؤدي ذلك الى طرح التعديل الوزاري"، مستبعداً في كل الأحوال ان يحل مكانه "وزير من الحكومة، بل أن يتولى الحقيبة وزير جديد، قد يكون من النواب. وقد يقع الخيار على رئيس لجنة المال والموازنة النيابية خليل الهراوي، في حال عدم اجراء مبادلة محدودة بين وزراء يحملون حقائب رئيسية". واشار الوزير ايضاً الى ان "حقيبة المال قد تسند بالوكالة ولبعض الوقت الى احد الوزراء، في انتظار ان يعيّن الوزير الذي سيخلف قرم اذا استقال"، مؤكداً "ان مجرد التعيين يعني ان الحكومة باقية طويلاً". وعلى رغم ان الوزير بات على اقتناع بأن قرم سيخلي وزارة المال لسواه، فان مصادر وزارية ما زالت تراهن على ان المصادقة على الموازنة ستسمح مجدداً لرئيسي الجمهورية والحكومة بالتدخل لديه بغية اقناعه بأن يصرف النظر عن رغبته في الاستقالة".