الزفة في مصر من أبجديات أفراح العرس، وهي استخدام للموسيقى والغناء في بداية الحفلة أثناء دخول العروسين مكان الاحتفال، وهي أنواع: فالوجه البحري تنتشر فيه الزفة الدمياطية والزفة الاسكندرانية. أما في الوجه القبلي فتسوده زفة المزمار البلدي، وفي القاهرة ظلت الشموع البيضاء والزهور الملونة وأنواع مختلفة من الزفاف البحري والصعيدي هي ملامح حفلات الزواج سنوات طويلة. لكن العروس القاهرية بدأت تُتقبل في السنوات الأخيرة على نوع جديد هو الزفة النوبية التي أصبحت الفنادق الكبرى تستعين بها في حفلات الزفاف التي تقيمها فاختفت الشموع لتحل محلها الفوانيس، وأصبحت الدفوف والسيوف هي ديكور الحفلة. وتقاليد الزواج النوبية التي تتسم بها النوبة - أقصى جنوب مصر - شديدة الخصوصية والتميز، لا سيما زفة العرس. ومثلما يقول سيد السمان صاحب إحدى فرق الزفة النوبية فإن اللون النوبي يستمد جذوره من التراث، لذلك فهو يلقى إقبالاً كبيراً في حفلات الزفاف، وذلك بعدما أصبحت الأغاني الحديثة متشابهة بل تكاد تكون متطابقة ونحن نقدم الزفة النوبي في القاهرة بالطريقة نفسها التي تقام بها في الجنوب. تستمر الزفة النوبية لمدة ساعة كاملة، ويشارك فيها 20 شاباً يرتدون الزي النوبي التقليدي "العراجي"، وهو عبارة عن جلباب أبيض قصير، وسروال، وصديري قصير مطرز بالخيوط الملونة، والطاقية النوبية المزركشة. ويقف هؤلاء الشباب في صفين حول العروسين، ويمسكون بالدفوف، بينما يؤدي البعض الآخر الرقصات النوبية بالكرباج أو السيف، وهو من سمات العرس في النوبة وفي شبه الجزيرة العربية إذ أنه رمز لفروسية العريس وقوته، وهي عادة قبلية معروفة. ويتقدم الزفة شيخ الخفر، وهو حارس الفرح ببندقيته مرتدياً البالطو البني والطربوش الأحمر، ويضع شارباً كبيراً. كما يتقدم الزفة حاملو الفوانيس، إذ كانت الزفة في الجنوب قبل دخول الكهرباء تتم في ضوء الفوانيس، واستمرت هذه العادة حتى بعد دخول الكهرباء قرى النوبة. وتؤدي الفرقة مجموعة من الأغاني، بعضها باللغة النوبية الكنوز أو الفاريكي، وتقول كلمات أشهر الأغاني من التراث النوبي: "ارفع يا عريس سيفك لضيوفك / وبشر حي" للقبائل / من كل جلة منطقة / عريسنا البشوش طالع بجماله / يدعوا له صحابه / من كل جلة منطقة". ويضيف السمان: تطلب منا الفنادق الكبرى تقديم البرنامج الغنائي الساهر كاملاً، وقد صممنا رقصات نوبية للأغاني الحديثة، ويشارك معنا المدعوون في الرقص والغناء. فالفن النوبي بدأ فناً شعبياً وجماعياً وفطرياً، إذ نشأ من خلال التفاعل الاجتماعي والمناسبات المختلفة فنتجت رقصات فيضان النيل وسبوع الطفل والحنة والدخلة. وهو فن تلقائي جذوره تعود الى عهد الفراعنة، فنجد على جدران المعابد نقوشاً للدف والطمبورة التي هي أساس الايقاع النوبي، وقد بدأت عملية التقنين العلمي للفن النوبي على يد الفنان الدكتور حمزة علاء الدين، الذي يحاضر في الجامعات الاميركية واليابانية عن الفن، وأيضاً الفنان علي كوبانا والذي حصل على جوائز دولية عدة. وعن سر النجاح الذي يلقاه الفن النوبي حالياً يقول سيد السمان إنه فن فولكلوري له إيقاع مميز جذاب، كما أن هناك لوناً جديداً له من خلال مزجه بموسيقى الجاز، وذلك بهدف الوصول الى العالمية، علماً بأن ايقاعات الموسيقى الغربية الحديثة منبعها الرئيسي هو أفريقيا. ونظراً لنجاح اللون النوبي لجأ العديد من الفنانين المصريين الى تطعيم أغاني الفيديو كليب بالرقصات النوبية، ومنهم عمرو دياب في اغنية "عودوني". ويقول المسؤول عن تنظيم حفلات الزفاف في أحد الفنادق الكبرى في القاهرة السيد أحمد وجدي: "دائماً نبحث عن الجديد في تنظيم الأفراح، ونغير برنامج حفلات الزفاف بصورة مستمرة، بدءاً من شكل الكوشة والورود والإضاءة الى برنامج الحفلة، وأيضاً الزفة باعتبارها الفقرة الأولى التي نقدمها في حفلة الزفاف، فبعد ما كانت تقتصر على المشاعل والفتيات صغيرات السن اللائي كن ينثرن الورود على العروسين، أضفنا الزفة الدمياطي، ثم زفة الحنطور". ويضيف: "بدأ الفندق في الأشهر الأخيرة الاستعانة بإحدى الفرق النوبية، بعد ما لاحظنا زيادة الطلب عليها إذ أنها تضيف جواً من الحيوية والبهجة، ويشارك فيها الحاضرون، بل إن نزلاء الفندق لا سيما الاجانب يستمتعون بموسيقى هذه الفرق، ويشاركون بالرقص والغناء، فيتحول الفرح الى مهرجان غنائي". وتقول هناء كمال مضيفة طيران، والتي صممت على أن تزف على الطريقة النوبية "شاهدت الزفة النوبية في حفلة زفاف، وبهرتني بموسيقاها وروح المرح التي تشيعها، وقبل زواجي، اتصلت بمدير الفرقة، واتفقنا على أن تزفني فرقته ما منحني إحساساً بالتميز بين صديقاتي وقريباتي، لا سيما أنني بحكم كثرة أسفاري أعلم كم يحظى هذا الفن في الخارج بشعبية هائلة".