العالم، بحسب جورج تينيت، مكان خطير جداً على المواطنين الأميركيين والمصالح الأميركية. هكذا افتتح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي. آي. اي" كلامه أمام لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ أول من أمس. تمكن أعضاء اللجنة من استقطاع بعض الوقت. تراجع اهتمامهم قليلاً بما دار في أروقة البيت الأبيض بين الرئيس والمتدربة السابقة مونيكا لوينسكي من أجل أن يتابعوا العرض "الرؤيوي" لتينيت الصالح لانتاج عشرات من أفلام الرعب. استمعوا بعدما كانوا استمتعوا. إن أميركا والأميركيين تحت الحصار. ليس مهماً أن يكون انتفى التهديد الذي تمثله عشرات الآلاف من الرؤوس النووية السوفياتية طالما أن مصادر التهديد أصبحت مبثوثة في العالم كله. يأتي بعضها من بقايا "الحرب الباردة" البلقان، وبعضها من التقدم التكنولوجي بخاصة إذا وقع في أيدي "أشرار" لم يكن أسلافهم يحلمون بالحصول على مثله. غير أن الأخطر من ذلك كله "الزواج" المحتمل بين "المنظمات الارهابية" وامكانية الحصول على أسلحة كيماوية وبيولوجية واشعاعية ونووية. يحذر تينيت مواطنيه من أنهم كانوا عرضة ل 35 في المئة من العمليات الارهابية في عام 1998 بعدما كانت النسبة 30 في 1997 و25 في 1996. ويجزم بأن "الأميركيين هدف مفضّل" وبأنهم معرضون للموت أو الخطف أو التفجير في أي مكان كانوا فيه في العالم. ويستطرد فيضيف انهم غير آمنين حتى لو كانوا في بيوتهم الوديعة. فالهند وباكستان دولتان نوويتان، وتايبو دونغ 1 والغوري، وشهاب 3 أسماء الصواريخ الكورية والباكستانية والإيرانية البعيدة المدى قادرة على الوصول إليهم في عقر دارهم، ويمكن أن ينضم إليها صاروخ عراقي بمجرد رفع العقوبات عن بغداد. ويرفع تينيت أسامة بن لادن إلى مستوى الخطر الوطني على الولاياتالمتحدة. فالرجل سيضرب حيث يستطيع في العالم و"أحد أكبر مخاوفي" حصوله على أسلحة الدمار الشامل. وعندما لا يكون زعيم "القاعدة" مصدر الخطر يكون العراق كذلك. فصدام حسين، على رغم اضعافه بالحرب والحصار والضربات، ما زال قوياً ونظامه "على عكس ما يدعي بعضهم، ليس بيتاً من ورق". وكذلك فإن إيران دولة خطيرة لأنها ترعى الارهاب، ولأن رئيسها المعتدل محمد خاتمي انتقل إلى الخط الدفاعي، ولأن مرشدها علي خامنئي "لا يزال يعتبر الارهاب سياسة مشروعة ويسيطر على المؤسسات التي يمكنها القيام به". كوريا الشمالية لا تشكو من شيء كمصدر للرعب. لماذا؟ لأنها بلد يجمع إلى التسليح الشديد الجوع الشديد. روسيا، بالنسبة إلى تينيت، هي بلد السؤال المفتوح، أما الصين فهي القوة الصاعدة ديبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياً، وفي امكانها "تهديد" المواقع الأميركية في آسيا تمهيداً لما هو أوسع من ذلك. لكن الأخطار ليست عسكرية وأمنية فحسب، فتهريب المخدرات مشكلة خصوصاً من كولومبيا وأفغانستان وبورما، واحتمال الهجوم على أنظمة الكومبيوتر الوطنية مشكلة. عالم جورج تينيت هو عالم "القلعة الأميركية المحاصرة" و... المهددة والمحاطة بالأعداء... في حين أن العالم كله يشكو سطوتها، ومبالغتها في ممارسة الهيمنة والانفراد. قد يكون الرجل يصدق هذه الصورة الخرافية، لكنه، بالتأكيد، يتعمد المبالغة فيها من أجل تبرير الزيادات التي يريدها الرئيس بيل كلينتون في موازنة الدفاع بعد سنوات متتالية من التخفيض.