انطلقت في الاردن امس وبقوة بورصة التكهنات حول "رجال المرحلة" المقبلة في ضوء شروع العاهل الاردني الملك عبدالله بن الحسين في مشاورات لتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة. ورغم ان الطراونة اكد لمجلس النواب الاسبوع الماضي ان الملك عبدالله جدد ثقته بالحكومة ودعاها الى الاستمرار، الا ان الاوساط السياسية تترقب تغييراً حكومياً في غضون ايام معدودة بعدما اجرى الملك سلسلة لقاءات مع عدد من الشخصيات التي بدأت اسماؤها تطرح في الصالونات السياسية. وفتحت التغييرات التي اجراها الملك عبدالله اخيراً في قيادة القوات المسلحة الاردنية الباب على التكهنات حول اشخاص المرحلة المقبلة خصوصاً أن لتغيير في القيادات العسكرية لم ينتظر انتهاء فترة الحداد على وفاة العاهل الراحل الملك حسين بن طلال الذي غاب في السابع من الشهر الجاري. وعلى رغم وجود مؤشرات الى تغيير حكومي آت تقول مصادر حكومة الطراونة ان "احتمال التمديد وارد". الا ان بعض الوزراء يصف حال الحكومة بأنها"قيد الاستقالة"، مشيرين الى ان الاوساط السياسية والبرلمانية تتعامل معهم كأنهم مستقيلون فعلاً. وفي وقت اعتبرت اوساط سياسية رئيس الوزراء السابق عبدالكريم الكباريتي "رجل المرحلة" باعتباره "اول المبشرين بالعهد الجديد" ودوره السابق في اعادة العلاقات الاردنية - الخليجية الى مسارها بعد انتكاسة حرب الخليج الثانية، فان قريبين منه يؤكدون نقلاً عنه "بقاءه في القطاع الخاص" خصوصاً انه قادر على أداء اي دور يطلب منه من خلال موقعه كنائب لرئيس مجلس الاعيان. ويرأس الكباريتي مجلس ادارة البنك الاردني - الكويتي الذي حقق قفزة مالية في عهده يسعى الى المحافظة عليها. وبرز في الاسبوع الاخير ترشيح النائب علي ابو الراغب الذي يرأس اللجنة المالية في مجلس النواب الاردني، بعدما التقاه الملك عبدالله اكثر من مرة منذ توليه العرش. كما تناول الملك عبدالله طعام الغداء الى مائدة ابو الراغب في حضور مجموعة محدودة من السياسيين كان بينهم رئيس الوزراء السابق طاهر المصري ورئيس مجلس ادارة صحيفة "الرأي" السابق محمود الكايد. ويعتبر ابو الراغب من رجال "القطاع الخاص" في الاردن وهو من عائلة بورجوازية شرق اردنية تملك عدداً من الشركات الناجحة. ولم تسجل عليه مآخذ مالية او سياسية. كما انتخب مرتين نائباً عن الدائرة الثالثة غرب عمان. وكان ابو الراغب دخل الحياة السياسية من بوابة "التجمع الديموقراطي" الذي تشكل مطلع التسعينات من رموز يسارية وليبيرالية وقومية. وكان احد ممثلي التجمع في حكومة طاهر المصري عام 1991 ولم تستمر اكثر من ستة اشهر. غير انه واصل حضوره في حكومات شكلها الأمير زيد بن شاكر والكباريتي شاغلاً منصب وزير الصناعة والتجارة. وفي مطلع الاسبوع دعا الملك عبدالله عشر شخصيات على مائدته، غلب عليها الطابع الاقتصادي اذ حضرها رئيس غرفة التجارة حيد مراد ورئيس غرفة الصناعة خلدون ابو حسان ورئيس جمعية رجال الاعمال حمدي الطباع، وحضرها ايضاً رئيس الحكومة فايز الطراونة ورئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي ورئيس مجلس النواب عبدالهادي المجالي ورئيس هيئة الاركان عبدالحافظ مرعي الكعابنة ومدير المخابرات سميح البطيخي. وكان اللافت حضور النائب ابو الراغب. من جهته يؤكد "ابو الراغب" لقريبين منه انه لم يكلف بتشكيل الحكومة غير انه لا ينفي لقاءاته مع الملك الذي يسير على خطى والده في "التلميح بدل التصريح والاشارة بدل العبارة". في المقابل، ترشح الاوساط السياسية "التقليدية" رئيس مجلس الاعيان زيد الرفاعي لرئاسة الحكومة المقبلة، خصوصاً انه من "رجالات الدولة الذين خدموا مدة طويلة مع الملك الراحل". الا ان اوساطاً برلمانية تستبعد ذلك. ويقول نائب شاء عدم ذكر اسمه "اذا كانت الديموقراطية ثمرة لاقصاء الرفاعي فلماذا يأتي في هذه المرحلة"؟ وكان الرفاعي اقيل من رئاسة الحكومة بعد احداث نيسان ابريل سنة 1989 اذ اندلعت المواجهات في مدينة معان جنوبالاردن احتجاجاً على الفساد وارتفاع اسعار الوقود. والرفاعي معروف بعلاقاته الجيدة مع دمشق التي تحسنت علاقاتها مع عمان بعد مشاركة الرئيس حافظ الاسد المفاجئة في جنازة الملك الراحل. وهذا ما يعزز فرص عودة الرفاعي. ويتردد ايضاً اسم مدير المخابرات سميح البطيخي لرئاسة الحكومة، خصوصاً انه كان الاقرب الى الملك الراحل في فترة استشفائه التي امتدت نصف عام. غير ان مصادر مطلعة ترجح بقاءه في موقعه الذي تمكن من اشغاله "باقتدار في الظروف التاريخية التي شهدتها البلاد". ولا تقتصر التغييرات المتوقعة على الحكومة بل تشمل الديوان الملكي والمواقع الاعلامية الاساسية، خصوصاً ان رئيس الديوان سيكون المستشار الاقرب الى الملك. وبموجب الدستور تشكل الحكومة بارادة ملكية الا انها تحتاج الى ثقة البرلمان ايضاً. وحتى تصدر ارادة الملك عبدالله الثاني بتشكيل الحكومة الخامسة والثمانين في تاريخ الاردن تظل الحكومة في علم "الله والملك عبدالله" كما يقول الاردنيون.