بغداد، لندن، واشنطن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - بدت السلطات العراقية أمس مسيطرة على الأوضاع اثر الاضطرابات التي حصلت خلال الأيام الثلاثة الماضية في بغداد ومدن في الجنوب بعد اعلان اغتيال المرجع الشيعي البارز آية الله محمد الصدر ونجليه. وأفاد تقرير لوكالة "فرانس برس" ان مدينة الناصرية في الجنوب بدت هادئة، ولم يشاهد الصحافيون الذين نظمت لهم السلطات العراقية زيارة للمدينة، آثار مواجهات أو قصف. وكان معارضون أكدوا أول من أمس ان السلطات فقدت السيطرة على المدينة. واتفق ديبلوماسيون في بغداد وعراقيون في عمان على ان السلطات استعادت السيطرة على الأوضاع، فيما جدد المسؤولون العراقيون نفيهم حصول اضطرابات. وأشارت مصادر عراقية في عمان الى ان "الجيش والأجهزة الأمنية العراقية التي وضعت في حال تأهب قصوى منذ الاثنين، تسيطر على زمام الأمور الثلثاء أمس بعدما قمعت المتظاهرين". وكان مسؤول اميركي أكد ليل أول من أمس، حصول "اضطرابات" في العراق بعد اغتيال الصدر. وقال المسؤول، الذي رفض كشف اسمه: "بالفعل توجد اضطرابات في جنوبالعراق يشارك فيها الشيعة". ورفض اعطاء تفاصيل عن حجم هذه الاضطرابات، وقال: "يصعب التحديد في هذه المرحلة". وأفاد ديبلوماسيون عن "حوادث" حصلت السبت الماضي، وذكر أحد الديبلوماسيين المعتمدين في بغداد ان "الناس خرجوا الى الشوارع، لكن قوى الأمن احتوت المتظاهرين وأعادت الهدوء". وكشفت مصادر عراقية في عمان انه الى جانب "مدينة صدام" مدينة الثورة في بغداد ومدينة النجف في الجنوب "امتدت المواجهات الاحد الى الرمادي، وأوقعت ضحايا، ونجم عنها العديد من الاعتقالات". ووضعت الرمادي "عملياً تحت حصار الجيش" بحسب المصادر ذاتها التي أشارت الى ان المدينة شهدت "توتراً منذ بضعة أسابيع عقب اعتقال عدد من ضباط الجيش المتحدرين منها في كانون الأول ديسمبر الماضي". وذكر مصدر ان "آية الله الصدر كان يعرف ان أيامه معدودة وقد أبلغ علماء الشيعة خارج العراق" ذلك. وأوضح انه "استبدل رداء أبيض كالكفن بعباءته السوداء التقليدية دلالة على الاستشهاد، مدركاً خطر اغتياله". وتفيد مصادر عراقية ان "السلطات في بغداد استاءت من إصرار آية الله الصدر على اقامة صلاة الجمعة التي كانت ترى في خطبها وسيلة تعبير للمعارضة ضد الحكم". ورفض الصدر طلباً للنظام قبل خمسة أشهر بأن يدرج ضمن خطبه تأكيدات بأن السلطات تسعى الى اعتقال المسؤولين عن اغتيال ثلاثة من كبار رجال الدين الشيعة في العراق، وبپ"أنها ساهرة على الأمن". يذكر ان بغداد أكدت السبت الماضي اعتقال عدد من المسؤولين عن اغتيال الصدر، لكنها لم تكشف هويتهم. صحافيون في الناصرية الى ذلك، لم يشاهد الصحافيون الاجانب، والذين نظمت لهم السلطات العراقية امس زيارة لمدينة الناصرية، للوهلة الأولى وجود آثار قصف أو اضطرابات في المدينة، وخلافاً لما أعلنته المعارضة. وقال اللواء الركن أحمد عبدالله صالح محافظ ذي قار للصحافيين: "لا توجد معارضة في ذي قار، ولا يوجد أي شيء مما تناقلته وكالات الانباء". وأكد ان "الحالة اكثر من طبيعية على رغم قصف الطائرات المعادية الاميركية والبريطانية مناطق الحظر الجوي". وتساءل: "ضد من يتظاهرون؟ لم يعتقل أي خطيب أو إمام كما تردد في وسائل الاعلام وليست هناك أي اعتقالات". ولم يذكر الصحافيون آثار قصف في شوارع الناصرية التي تجولوا فيها، كما لم يشاهدوا أي عسكري باستثناء شرطة المرور. وكانت المتاجر مفتوحة وحركة السير طبيعية، ولكن لم يسمح للصحافيين بتوجيه اسئلة الى المواطنين في السوق. أما في ساحة الحبوبي وسط الناصرية فكانت المتاجر مفتوحة، فيما عشرات من السكان يتسوقون. وقال المهندس يوسف محمود: "لم نسمع أي رصاصة والوضع طبيعي جداً". وقال الحلاق وائل: "لم نر أي تظاهرة". ولدى رؤية الصحافيين، تجمع عشرات من السكان وهتفوا "بالروح بالدم نفديك يا صدام". وسمح للصحافيين الاجانب الثلاثين بالتجول بمفردهم في الساحة التي كانت مزدحمة. وعلى الطريق بين بغداد والناصرية لم يكن هناك أي وجود عسكري باستثناء الحواجز على مداخل التجمعات الكبيرة ومنها الناصرية. كما لم تشاهد تحركات للجيش ولا أي قاعدة مدفعية. في المقابل، أعلن "حزب الدعوة الاسلامية" في بيان له أمس، ان "ان النظام أنزل قوات كبيرة داخل مدن الناصرية والعمارة والبصرة والديوانية وقام بحملات دهم واعتقالات كبيرة". وأشار الى "محاولة مجموعة اقتحام مديرية الأمن العام في بغداد بسيارة مفخخة، لكن السيارة انفجرت قبل بلوغ الهدف واستشهد فيها اثنان من المجاهدين". وذكر بيان جبر ممثل "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" في العراق بزعامة محمد باقر الحكيم في دمشق ان قوات بقيادة الفريق علي حسن المجيد والحاكم العسكري لمنطقة الفرات الأوسط محمد حمزة الزبيدي "اجتاحت الاثنين مدينة الناصرية بعد قصف مدفعي استمر ليل الأحد - الاثنين"، مشيراً الى "عمليات اعدام علنية" في المدينة. واعتبر كينيث بولاك، الخبير في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في واشنطن، ان الاضطرابات في العراق تظهر ان "الشيعة يريدون التمرد" على النظام العراقي وأوضح ان "النظام لم يتمكن من اخماد تمرد الشيعة في شكل كامل". ورأى ان عملية "ثعلب الصحراء" في كانون الأول ديسمبر الماضي "أوجدت فعلاً مشاكل لصدام الذي أصبح يتأثر أكثر بكثير من السابق بالمعارضة الداخلية". وقال عبدالعزيز ساشيدينا، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ان آية الله السيستاني وهو من كبار المراجع الشيعية في العراق بات "يخشى على حياته كثيراً". تظاهرات أمام البيت الأبيض وفي اطار الاحتجاجات على اغتيال الصدر، أفادت "هيئة الإرسال العراقية" التابعة لپ"المؤتمر الوطني العراقي" ان اكثر من 600 عراقي تظاهروا أول من أمس أمام البيت الأبيض. وأشارت حركة "الوفاق الاسلامي في العراق" الى ان الصدر "اغتيل الخميس الماضي واستولت السلطات على جثمانه واخفته ثم دفنته السبت، وهذا يدل على قيامها بعملية الاغتيال".