الأستاذ جهاد الخازن أطلعت على مقالكم اليومي عيون وآذان الذي نشر في "الحياة" العدد رقم 13082 في 29/12/1998. قدرت مثل الكثيرين متابعتكم لقضية لوكربي وتأييدكم لبلادي بشأن ضرورة اجراء محاكمة عادلة ونزيهة للمواطنين الليبيين المشتبه فيهما وايرادكم لأخطاء القضاء الانكليزي وأحكامه المجحفة في عدد من القضايا. غير أنني فوجئت بمقالكم الذي لم استطيع أن أفهم كنهه أو أدرك أسبابه. فبلادي لم تتراجع عن موقفها المعلن إزاء قبول محاكمة المشتبه فيهما في بلد ثالث، وعلى رغم ان أميركا وبريطانيا استصدرتا بطريقة لا تخفى عليكم القرار رقم 11/92 أو 53 من دون تشاور مع ليبيا أو حتى مع المنظمات الاقليمية صاحبة الاقتراح بالمحاكمة في بلد ثالث على رغم التحذيرات الليبية من السياسة السلبية التي تضمنها مشروع القرار المراد به دفع ليبيا الى رفضه، فإن بلادي تعاملت بكل ايجابية مع القرار لكنها أصرت في الوقت نفسه على توفير الضمانات التي تعالج الجوانب السلبية التي حفل بها. وأمام الاصرار غير القانوني وغير الشرعي من قبل أميركا وبريطانيا على رفض مناقشة موضوع الضمانات مباشرة أرسلت بلادي فريقاً قانونياً الى الأمانة العامة للأمم المتحدة وأجرت لقاءات متصلة مع فريقها القانوني برئاسة الأمين المساعد للشؤون القانونية لمعالجة هذا الموضوع وأمكن بالفعل تحقيق تقدم في هذا الخصوص. بقيت نقطتان عالقتان لا زلنا في انتظار الرد الأميركي - البريطاني بشأنهما، وتتعلقان بمكان قضاء العقوبة في حال الادانة وبرفع الحظر والاجراءات الظالمة كلها بمجرد وصول المشتبه فيهما الى البلد الثالث. بالنسبة للنقطة الأولى لو كان القبول باسكتلندا مكاناً لقضاء العقوبة لما تحمل شعبنا المعاناة طوال السنوات السبع الماضية، ولكن البلدين المعنيين حاولا الالتفاف على مواقف وقرارات المنظمات الاقليمية والدولية بالتظاهر بالاستجابة لها في حين أنهما قصدا العودة بالخلاف في قضية المحاكمة، وهي القضية الوحيدة المتبقية في تنفيذ قرار مجلس الأمن 731 الى نقطة الصفر وهي التسليم الذي يحرمه القانون ووصول المشتبه فيهما الى اسكتلندا. ولا أظن ان نقبل الآن بما رفضناه منذ سبع سنوات لمجرد تغيير الغطاء الذي يتم ذلك بموجبه. وتتلخص النقطة الثانية في أن الحظر بكل تفاصيله الظالمة فرض لسبب محدد وهو تعذر تسليم المشتبه فيهما الى أميركا أو بريطانيا لأن القانون يمنع ذلك، وبالتالي ألا يدعو العقل والمنطق والعدل والقانون الى رفع هذه الاجراءات الظالمة عندما ينتهي سببها؟ وأتساءل إذا كان الاجراء الليبي على هاتين النقطتين أي الاصرار على رفع الاجراءات الظالمة وليس بمجرد تعليقها لتبقى سيفاً مسلطاً على رقابنا، ورفض العودة بالمشكلة الى نقطة بدايتها منذ سبع سنوات في ما يتعلق بقضاء فترة العقوبة في حال الادانة في مكان رفضه المشتبه فيهما ورفضناه منذ البداية. اما الزعم بأن المحكمة الاسكتلندية ستقضي بضرورة بالسجن في اسكتلندا فهو صحيح لو أنها ستحاكم المشتبه فيهما في اسكتلندا وليس في بلد ثالث لكن الواقع انه في مقابل كل التنازلات التي قدمتها بلادي وأمام قرار محكمة العدل الدولية لم تقابلنا أميركا وبريطانيا بالمثل ويصبح من حقنا، إذا كانت المحكمة الاسكتلندية في بلد ثالث ستعيد المشكلة الى نقطة الصفر، البحث عن صيغة أخرى للمحاكمة ترضي الأطراف جميعاً وتظهر الحقيقة وتحقق العدالة. ولن يكون ذلك تراجعاً بل خطوة للأمام للاسراع بالمحاكمة، اذ أننا أكثر الناس حاجة وحرصاً على طي هذه الصفحة المؤلمة للتخلص من معاناتنا التي طال أمدها. ناصر محمد خليفة فاليتا - مالطا من جهاد الخازن: دعوت في كل مرة كتبت، من دون استثناء اطلاقاً، الى رفع العقوبات عن ليبيا من دون قيد أو شرط. ومع ذلك فتسليم المتهمين واجب، ولو لرفع التهمة عن أنهما تصرفا بأمر من رؤسائهما.