تضع وزارة الطاقة الأميركية اقتراحات تتناول زيادة المخزون الاستراتيجي الأميركي من البترول وتقديم دعم فني لمنتجي البترول الأميركيين المحليين، ما يشكل البوادر الأولى لما تبديه ادارة الرئيس بيل كلينتون من استعداد لمساعدة قطاع البترول الأميركي المحلي على مواجهة تدني أسعار البترول ومساعدة المنتجين الأميركيين على مواصلة الانتاج. وأعلنت وزارة الطاقة الأميركية خلال الاسبوع الجاري عن برنامجين يتناولان المساهمة في نقل آخر التكنولوجيات وأحدثها الى حقول البترول الأميركية بغية الحؤول دون التوقف على نحو مبكر عن الاستفادة من مخزون الولاياتالمتحدة الطبيعي من البترول رداً على تدني أسعاره، على حد ما يقول المسؤولون الأميركيون. ويوفر البرنامجان 19 مليون دولار من الأموال الفيديرالية لتشجيع منتجي البترول المحليين على اختبار التكنولوجيات الحديثة وتبنيها بغية "اطالة أعمار" حقول البترول الحالية. وسيكون البرنامج متاحاً لمنتجي النفط الثقيل والخفيف الذين يمثلون نحو نصف البترول الأميركي الذي لا يزال في باطن الأرض، بما في ذلك باطن أرض ألاسكا. وفي حسابات وزارة الطاقة الأميركية سيتطلب البرنامجان انفاق 50 مليون دولار خلال السنوات الخمس الى الست المقبلة على ان يشارك القطاع الخاص في هذا الانفاق. وقال وزير الطاقة الأميركي بيل ريتشاردسون فيما أعلن عن البرنامجين: "نحن مصممون على تعزيز أمننا في مجال الطاقة عن طريق ابقاء حقول البترول الأميركية منتجة. وقد تكون ثمة أوضاع معينة تستطيع فيها التقنيات المحسنة ان تكون الحد الفاصل بين استمرار الانتاج وبين اغلاق الآبار على نحو مبكر وسابق لاوانه. والغاية من البرنامجين الجديدين هي اعطاء منتجينا المحليين الوسائل المالية لتطوير هذه التقنيات واستخدامها مساهمة منهم في ابقاء مورد وطني ذي قيمة كبيرة في نطاق الاستخدام المنتج". وشهد هذا الاسبوع أيضاً اعلان وزارة الطاقة الأميركية انها تفسح المجال أمام شركات البترول الأميركية لكي تضيف ما يصل الى 70 مليون برميل من البترول الخام الى المخزون الاستراتيجي الأميركي. ويشكل هذا الاعلان/ الاقتراح ثاني اقتراح يقدم في خلال اسبوعين ويهدف الى زيادة هذا المخزون الاستراتيجي. ففي الاسبوع الماضي اعلنت الادارة الأميركية انها على استعداد لشراء 28 مليون برميل من البترول المرخص لشركات البترول بانتاجه ابتداء من نيسان ابريل المقبل. وهذه الاضافة الجديدة، البالغة 98 مليون برميل، ستجعل المخزون الاستراتيجي 660 مليون برميل وهو ما يقرب من طاقته القصوى. وأعلنت وزارة الطاقة الأميركية، الخميس الماضي عن مبادرة جديدة تتناول تشجيع منتجي البترول الأميركيين المحليين وشركات توليد الطاقة الكهربائية الأميركية على تبني استخدام معدات توفر الطاقة بغية خفض تكاليف الانتاج. وتشكل اقتراحات وزارة الطاقة الأميركية العناصر الأولى من سلسلة من المبادرات تبلورها هذه الوزارة بالتعاون والتنسيق مع مجموعة عمل طارئة في مجال البترول انشئت في داخل الوزارة لكي تنظر في الطرق الآيلة الى تمكين الحكومة الفيديرالية من الرد بفعالية على الآثار السلبية التي يخلفها تراجع أسعار البترول على الانتاج المحلي الأميركي منه. ورحب ممثلو قطاع البترول باقتراحات وزارة الطاقة وقالوا انها تشكل خطوة أولى ايجابية تشير الى ان ادارة الرئيس بيل كلينتون تصغي الى همومهم وشكاويهم من الآثار السلبية التي يخلفها تدني أسعار البترول على المنتجين المحليين وخصوصاً المستقلين منهم، وهم كثيرون، الذين ينتجون بترولاً من آبار ثانوية متوزعة على 48 ولاية أميركية. ويبلغ عدد هذه الآبار الثانوية نصف مليون بئر تنتج معاً 1.3 مليون برميل في اليوم، أي ما يعادل تقريباً ما تستورده الولاياتالمتحدة من دول الخليج. ويأمل العاملون في قطاع البترول الأميركي في أن تتقدم الادارة الأميركية باقتراحات أخرى تتناول خصوصاً اعفاءات ضريبية وتغييراً في شروط الترخيص بالانتاج. وسيصب هؤلاء العاملون اهتمامهم على خطاب مهم سيلقيه بيل ريتشاردسون أمام حكام الولايات الأميركية الخمسين غداً، وهو خطاب من المنتظر ان يتضمن بياناً ذا أهمية حول سياسة الادارة الأميركية الحالية حيال قطاع البترول. كما ان ريتشاردسون سيدلي بشهادة أمام الكونغرس، الاسبوع المقبل، حيث من المنتظر ان يصدر قريباً عدد من القوانين التي تهدف الى مساعدة قطاع البترول الأميركي. وقال كريس كيلي، الناطق باسم مؤسسة البترول الأميركية ل "الحياة" ان العاملين في قطاع البترول يرغبون في "نظام منصف وعلمي للتقويم يحل محل النظام القائم حالياً الذي نتفق مع الحكومة على أنه بحاجة الى اصلاح". وأضاف ان الوقت حان لتبني صيغة "الحصة العينية" التي "تجنب الشكوك والدعاوى القضائية وتتسم بالانصاف". ويذكر ان قطاع البترول الأميركي أعرب عن ارتياح حيال الاعلان، الاسبوع الماضي، عن اضافة 28 مليون برميل من البترول، الذي تحصل عليه الحكومة كحصتها من الانتاج، الى المخزون الاستراتيجي، لأن ذلك الاعلان كان اعتراف أول من الحكومة الأميركية بأن صيغة الحصة العينية سليمة وجيدة. لكن من المشكوك فيه أن تكون الادارة الأميركية على استعداد لاعفاء قطاع البترول من أي ضرائب. فقد قال وزير الخزانة الأميركي روبرت روبن، الذي يجب أن تؤخذ موافقته على أي اعفاء ضريبي، أمام لجنة من الكونغرس، في وقت سابق من الشهر الجاري، انه لا يعتقد ان أزمة قطاع البترول مماثلة لأزمة قطاع الصلب الذي ساعدته الادارة الأميركية من طريق اعفائه من بعض الضرائب لتعويضه الآثار السلبية التي خلفتها الأزمة الآسيوية. لكن كبار العاملين في قطاع البترول يردون بأن على الادارة الأميركية ان تفعل شيئاً قريباً لمساعدة هذا القطاع، على اعتبار ان الانتاج الأميركي الخام تدنى من 6.3 مليون برميل في اليوم، منذ عام من الزمن، الى 5.8 مليون برميل في اليوم حالياً. وفي تقدير جمعية العاملين في قطاع البترول الأميركي المستقلة، التي تمثل ثمانية آلاف منتج مستقل، ان أكثر من 136 ألف بئر بترول و57 ألف بئر غاز أغلقت منذ التراجع في أسعار البترول عام 1997، لأن الأسعار تدنت الى أقل من تكاليف الانتاج.