سيكون على الشركات التي لا تتعامل مع انترنت وليس لديها عنوان الكتروني خاص بها الانسحاب من عروض الاعمال والمناقصات التي ستعلنها الحكومة المغربية مستقبلاً في برامج التخصيص ومشاريع القطاع العام الكبرى. وبدأ العمل تدريجاً بالخطة بانتظار استكمال انشاء موقع في الشبكة الدولية تنجزه ادارة التوقعات الاقتصادية وتشاركها ادارات اخرى للغرض نفسه. ويقترح الموقع حجماً وافراً من المعلومات والمعطيات والاحصاءات الخاصة بالاقتصاد المغربي وأداء القطاعات مع وصفات دينامية خاصة بكل مشروع معروض. ويقول خبراء في المعلوميات ان حجم المساحة التي تتيحها الشبكة الاتصالية وخزن المعلومات يفوق بكثير مساحات اعلان العروض في الصحافة المكتوبة التي لا تزال الآن الوسيلة المتبعة للاعلانات والعروض، والمصدر الأهم للشركات للبحث في فرص العمل والاستثمار. ويحتاج تقديم عروض حول مشروع متكامل الى عشرات الصفحات والبيانات وأحياناً الصور التي يصعب الاعلان عنها جميعها في الصحف لضيق المساحة وكلفة الاشهار فضلاً عن التواصل مع جمهور اوسع وفي مناطق متباعدة. الموقع داخل الشبكة سيكون اشبه بالاطلاع على الصحف والمجلات المكتوبة والمصورة، مع الفرق البسيط بين قراءة الصحيفة وتصحف المواقع والعناوين المطلوبة على شبكة انترنت. لكن البرنامج لا يذهب الى حد سحب اعلانات الاعمال من الصحف لفائدة الكومبيوتر والشبكة لأن النشر في الصحف تستند عليه الشركات الخاصة والادارة العمومية في تعاملاتها التجارية وانجاز الصفقات وتسديد المستحقات، وهو ما يعني ان اعلان العروض والمناقصات في الصحف سيتراجع تدريجياً وربما اصبح ثانوياً ولن يشمل سوى تلخيص مقتضب للنصوص المقدمة على الشبكة مباشرة. نتائج مباشرة ومن النتائج المباشرة للخطة دعوة الشركات المعنية التي ترغب الترشح للمناقصات الى اعتماد الشبكة الاتصالية لادراج معطيات عن حجم نشاطها وتجاربها السابقة وقدراتها المالية والبشرية والفنية ووضعها مباشرة على الشبكة ضمن صيغة التعريف بالشركة. وهو ما يعني تقليل استخدام الورق والفاكس لفائدة توسع استخدام الارسال الالكتروني والتوفير الآني للمعطيات. ويقول مصدر مطلع لپ"الحياة": "ستكون تلك المعلومات حاسمة غداة اختيار الفائزين بالصفقات او اطراف منها، وهذه صيغة ستعمدها الحكومة في اختيار الشركات التي ستسند اليها لاحقاً اعمال الدولة او القطاع العام او تحصيل صفقات تموينات او اجراء دراسات أو غيرها". ويضيف: "الاتجاه هو لاضفاء مزيد من الشفافية على المعاملات الاقتصادية والتجارية وعمليات اسناد مشاريع الدولة والتأكد من الانجازات". وكان وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو قال لپ"الحياة" "ان تغييرات مهمة ادخلت على اسواق الصفقات العمومية ولم يعد السعر هو المرجع الأساسي كما كان الأمر سابقاً بل سيتم اعتماد معايير اخرى ليس اقلها الخبرة ودفتر التحملات والشفافية وبنية المؤسسة المالية والفنية والبشرية". وربما أتاح التواصل عبر العنوان الالكتروني الدقة والسرعة والقدرة على تحديث المعلومات والمقترحات لتزيد من حظوظ وفرص الشركات الأقدر على ادارة المعطيات وتدبير الاتصالات. الهاتف النقال الثاني على انترنت يتم حالياً اعتماد التجربة في مناقصة خدمات رخصة شبكة ثانية للهاتف الخليوي النقال تراوح قيمتها بين 400 و500 مليون دولار لزيادة عدد الخطوط ومحطات الارسال الأرضية. ووضع برنامج المناقصة، من بين شروط المشاركة في تقديم العروض الانتقائية، استخدام الاتصالات الالكترونية والتوفر على عنوان الالكتروني. وانتهت المناقصة في الرابع من الشهر الجاري ولم تعلن النتائج بعد. وتعاملت الشركات المهتمة باستقاء المعلومات الكافية عن المشروع وأهدافه من خلال موقع الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات www.anrt.net.ma وليس من الصحف كما جرت العادة، وهو اول تحول من نوعه من الورق الى الشاشة. وقالت مصادر الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات المعروفة باسم anrt التي تقود المشروع لپ"الحياة": "ان 15 شركة دولية عاملة في حقل الاتصالات قدمت ترشيحاً لطلب رخصة الهاتف النقال في المغرب منها شركات اوروبية وأميركية وآسيوية. وتم جل الاتصالات عبر شبكة انترنت والعناوين الالكترونية، وقدمت شركات الاتصالات المرشحة برامج متكاملة شملت عشرات الميغابيت من المعلومات والبيانات، أي ما يغطي مئات الصفحات المكتوبة. لكنها معلومات ضرورية لأنها تعطي اجوبة على تساؤلات عدة تحتاجها لجنة البت في المقترحات لانتقاء المجموعات التي قد تتحالف لتحصيل رخصة الشبكة الثانية للهاتف النقال. وعلق خبير في الوكالة بالقول: "ان التعامل مع الشبكة الاتصالية بالنسبة لعمالقة شركات الاتصالات الدولية شيء طبيعي وتفرضه قواعد التعامل. لكن الأمر ربما اختلف في حال الشركات التي لا تتوفر على العناصر البشرية، وحتى المالية، لتحصيل المناقصات عبر البريد الالكتروني". ويبدو هذا التساؤل وارداً حول مصير الشركات التي لم تتحول بعد الى استخدام انترنت وليس لديها عنوان الكتروني ولا تفكر حتى فيه وليس من مشاريعها، وهي الاغلب. وتقول المراجع التي تدعم الفكرة القائلة ان "الشبكة العنكبوتية تتيح طرقاً اكثر تطورا في التعامل على نوعية الخدمات المقترحة والعروض المختلفة المقدمة، ومفيدة للطرفين لتعميق التعارف، وهي صيغة بدأ العمل بها وتتوسع باطراد في ظل عولمة الاقتصاد والمعاملات التجارية". وتقابل هذه الحماسة مواقف شركات غير مهيكلة تعتقد نفسها مهددة بالاقصاء الطبيعي لعدم قدرتها على مسايرة العصر. ويكمن التحدي كذلك في كون جزء كبير من لغة التعامل الالكتروني تتم بالانجليزية وليس الفرنسية وهو عبء لغوي اضافي للشركات التي اعتادت على الصيغ التقليدية والطرق غير الشفافة لتحصيل المشاريع. خدمات الربط وتساند شركات بيع اجهزة الكومبيوتر وشركات خدمات الربط مع الشبكة فكرة عروض الاثمان والمناقصات الالكترونية، وتعتقد انها تساعد في زيادة مبيعات الاجهزة وتوسع استخدام انترنت في المعاملات الاقتصادية والتجارية. ويقدر فرع شركة مايكروسوفت في شمال افريقيا حجم المبيعات المتوقعة في المغرب خلال السنة الجارية بنحو 90 الف جهاز جديد نصفه لاستخدامات انترنت. وكانت احصاءات منشورة اشارت ان نسبة تملك الكومبيوتر قياساً بعدد السكان انتقل الى خمسة في المئة العام الماضي وكان اربعة في المئة عام 1997 وهو ينتشر بقوة في اوساط المتعلمين والشباب. وتتوسع بشكل مثير مقاهي انترنت الى درجة ان هدايا الاغاني وبطاقات التعارف بين الجيل الجديد اصبحت تمر عبر انترنت من خلال برنامج "بيت الصداقة" في اذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية: www.medi1.com. وتدعم الفكرة كذلك مصارف تجارية كبرى تقترح على زبائنها التعامل مباشرة مع الحساب البنكي الكترونياً سواء تعلق الأمر بتمويل الصفقات او تحويل العوائد او تحصيل ضمانات التسديد لحساب ادارة الجمارك والمتعاملين في التخزين والشحن والتوزيع. وتتيح الخدمة المصرفية التي يقترحها منذ فترة ما لا يقل عن ثلاثة بنوك كبرى، حلولاً امام المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين لامكان التحكم في الموارد المالية وضبط التوقعات والنفقات وادارة المشاريع عن بعد الى درجة ان كل ما يحتاجه المرء من المصرف يمكن تحصيله عبر برنامج تواصل خاص في الشبكة يقدمه المصرف مجاناً ويضمن السرية والامان ودونما حاجة للتنقل وانتظار الدور في الطابور. الشرط الوحيد المطلوب لدخول هذه الخدمة هو المال والقدرة على برمجة الكومبيوتر. وبقدر ما تقرب هذه الخدمات الاتصالية شركات ومستثمرين ورجال اعمال من مجالات التوسع والنجاح في ادارة المشاريع وتحصيل الصفقات، بقدر ما ستحكم على الآخرين بالتهميش والاقصاء. ان عولمة الاقتصاد والتقنية والمعارف لن يكون من ضحاياها بعض المستخدمين والعمال والاميين فقط بل كذلك رجال الاعمال غير القادرين على ولوج القرن الواحد والعشرين لدواعي مختلفة وسيكون على هؤلاء الاختيار بين تغيير النشاط او اكتساب عنوان غير ورقي وهو اختيار صعب عندما يتعلق الأمر بالصفقات والمشاريع في زمن المعارف.