قال مصدر وزاري، في قراءته بيان "النقد الذاتي" الذي أذاعه رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص، ان بيت القصيد فيه يكمن في استمرار الخلل في العلاقة بين الحكومة ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، "لانها مترجحة ولم تستقر على رؤية واضحة". وأكد ل"الحياة" ان "هناك تبايناً في الرؤية بين رئيس الجمهورية اميل لحود والحص في شأن العلاقة مع بري، وان الحوار القائم بينهما لم ينتهِ الى رسم تصور واضح، فتعثر الاصلاح الاداري ان لم يكن اجهض". وكشف ان غياب لقاءات التشاور بين بري والحص والتي اقتصرت على لقاء يتيم، أفسح في المجال امام تسخين الاجواء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في وقت يعتقد لحود ان هناك حاجة الى التعاون مع بري باعتباره يوفر الغطاء السياسي للحكومة في المجلس النيابي. وأوضح ان ما يقصده لحود لا يعني "التسليم على بياض" لبري بمطالبه، بل من غير الجائز تصوير الوضع في الادارة كأنه لا يستقيم ما لم يتم اخراج جميع المحسوبين عليه من الادارات. واعتبر ان العلاقة مع بري يجب ان تكون تحالفية، خصوصاً ان الاعفاءات الادارية شملت مديرين عامين مقربين منه، وان مراعاته لضرورات سياسية لن تأتي على حساب الاصلاح الاداري بالانتقام من كل مدير عام يمت اليه بصلة، بصرف النظر هل لديه ملف يستدعي اتخاذ التدابير في حقه أم لا. وأكد المصدر ان رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان التقى السبت الماضي رئيس التفتيش المركزي كمال سابا، وتبين ان المعلومات التي سيقت ضده لم تكن في محلها، وعلى رغم ذلك يصرّ البعض على اقصاء المقربين من بري مع انه أبلغ من يعنيه الامر انه لن يتدخل لإنقاذ المرتكبين أو الذين قاموا بتجاوزات، لكنه يرفض في المقابل الرضوخ لحملات التحريض ضده التي اخذت تصوّر ان كسب تأييد الشارع في مواجهة حملة المعارضة وبالذات رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، لن يتحقق في ظل ابقاء رموز في الادارة محسوبين على حركة "أمل". ونقل المصدر نفسه عن أوساط في "أمل" ان بري لا يبدي ارتياحه الى طريقة التعامل مع الحكومة، واضعاً المسؤولية على عاتق رئيسها، خصوصاً بالنسبة الى موقفه من الذين رشحهم لينتقي من يراه مجلس الوزراء مناسباً لتعيينه مديراً عاماً للاعلام أو رئيساً لمجلس الادارة المدير العام للمكتب الوطني للدواء، منهم. واذ أحجم عن الدخول في تفاصيل المداخلات التي تمارس على السلطة التنفيذية لترجيح من يقترحهم بري لملء بعض الشواغر، رأى مصدر آخر ان العقدة الشيعية والخلاف على الاسماء المقترحة في التعيينات أو الاعفاءات كانا السبب في تجميد التغيير الاداري. وفي المقابل، اعترف احد الوزراء بان ملف الاصلاح الاداري أصيب بعطل وأخذ يستنزف الجميع لصعوبة اقفاله، مؤكداً ان العلاقة بين الحكم ورئاسة المجلس تتجاوز التعيينات الى تثبيت حلف سياسي على المستوى الرسمي يحظى بموافقة سورية. وتابع ان لحود لا يود الدخول في صدام سياسي مع بري ما دام البديل غير موجود، في ظل تردد مؤيدين في الدفاع عن الحكومة ولجوء آخرين الى الابتعاد عنها، رافضاً التمادي في اضعافه من خلال اخراج من تبقى له في الادارة بذريعة استرضاء الشارع وتنفيس الاحتقان وكسب منافسي بري الذين لن يعوضوا للعهد، خسارته له. واعترف المصدر بوجود خلل في ادارة ملف العلاقات السياسية الذي أدى وقد يؤدي الى خسارة من أعلن دعمه العهد والحكومة، وهذا يتطلب مراجعة جديدة لاستعادتهم، لافتاً الى ان اصلاح الخلل يبدأ من تصحيح العلاقة بين بري والحص برعاية لحود، من دون ان يعني ذلك احياء "الترويكا".