سادت واشنطن أمس، بعدما انتهت فضيحة "مونيكا غيت" التي استمرت 13 شهراً بنجاة الرئيس بيل كلينتون من الاقالة وتبرئته من جانب مجلس الشيوخ الاميركي، أجواء من التفاؤل بامكان تجاوز آثار الفضيحة والجروح التي خلّفتها في الحياة السياسية. وعززت مشاعر الارتياح تصريحات بعض الزعماء الجمهوريين والكلمة التي القاها كلينتون بعد ساعتين على قرار المجلس وعبّر فيها مرة أخرى عن اعتذاره العميق للشعب الاميركي والكونغرس عن دوره في الفضيحة، داعياً الى المصالحة الوطنية. واعتبر هنري هايد "رئىس الادعاء" في محكمة مجلس الشيوخ، وهو احد زعماء الجمهوريين في مجلس النواب، ان على المدعي المستقل كينيث ستار التخلي عن توجيه التهمة الى الرئيس بيل كلينتون امام محكمة عادية بعد انتهاء فترة رئاسته في كانون الثاني يناير 2001. وقال "لا اعتقد ان توجيه التهمة اليه ورفع دعوى جنائية ضده بعد كل ما عايشناه سيكون مفيداً للبلاد". كما عبّر هايد عن ارتياحه الكبير لانتهاء المحاكمة. وقال للصحافيين، فيما غادر مجلس الشيوخ متجهاً الى مكتبه في مجلس النواب، "انكم تنظرون الى رجل مطلق السراح!". وعكست نتائج استطلاعات الرأي ارتياحاً عاماً في انحاء البلاد لانتهاء المحاكمة بتبرئة كلينتون. وعبّر 64 في المئة من الاميركيين عن تأييدهم لقرار مجلس الشيوخ، وهي نسبة تعادل تقريباً مستوى التأييد الذي حظي به كلينتون منذ تفجر الفضيحة. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من استمرار ذيول المواجهة بين الديموقراطيين والجمهوريين وآثارها على المجتمع الاميركي ومؤسساته. وقال السناتور الديموقراطي روبرت بيرد اول من امس "اخشى الاّ تكون هناك نهاية سعيدة. ألحق هذا الفصل التعيس والمؤسف في تاريخ بلادنا الضرر بكل مؤسسات الحكم وبالرئاسة ومجلسي النواب والشيوخ والنظام القضائي، وحتى بوسائل الاعلام". لكن السناتور ترنت لوت، رئىس الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، اثار استغراب كثيرين عندما اعلن بعد انتهاء المحاكمة انه لا يثق بالرئىس كلينتون ويشك في انه لن يعاود تصرفاته اللااخلاقية. وقال السناتور لوت، الذي حظي بإشادة واسعة لأسلوبه الدمث خلال المحاكمة: "أخشى ألاّ يكون هذا المسلسل الوسخ قد انتهى". ورداً على سؤال اذا كان يتنبأ بأن كلينتون سيرتكب مزيداً من الحماقات الجنسية، قال "ليس هذا تنبؤاً، بل أنه خوف". لكنه تعهد في الوقت نفسه ان يتعاون مع كلينتون كرئىس في تمرير القوانين وادارة البلاد. ولا يزال مصير بعض ابطال الفضيحة معلقاً في الميزان. ومن ضمن هؤلاء مونيكا لوينسكي والمدعي المستقل ستار. لكن يبدو ان الاشكالات القانونية التي واجهتها لوينسكي توشك على الانتهاء، ولا يتوقع ان يسعى ستار الى استثمار أي ثغرات في الافادات التي أدلت بها 23 مرة تحت القسم. كما ان الاتفاق الذي وقّعته مع ستار ويمنحها الحصانة من الملاحقة القضائية قد يصبح لاغياً في المستقبل القريب، ما يطلقها لتواصل حياتها. أما وضع ستار فإنه أكثر تعقيداً بكثير. وعلى رغم انه لا يزال يواصل مهمته كمدعٍ مستقل بالتحقيق في تجاوزات كلينتون، فإن السلطات التي منحها اياه الكونغرس ستنتهي في 30 حزيران يونيو المقبل. وستعقد إحدى لجان مجلس الشيوخ جلسات استماع في وقت لاحق الشهر الجاري للنظر في تجديد "قانون المدعي المستقل" أو إلغائه أو تعديله، أخذة في الاعتبار انه انفق 45 مليون دولار خلال 4 سنوات من التحقيقات. كما ان ستار نفسه قيد التحقيق حالياً من جانب وزارة العدل، ومن المحتمل ان توجّه اليه تهمة اساءة استعمال صلاحياته الواسعة في مجرى التحقيق بفضيحة "مونيكا لوينسكي".