انتقلت أزمة "لوكربي" الى مرحلة نهائية تعد ببدء العد العكسي لمثول المواطنين الليبيين المشتبه بتورطهما في تفجير "طائرة بان اميركان" فوق لوكربي امام المحكمة في هولندا بموجب القضاء الاسكتلندي. وصدر أمس السبت بيان باسم الأمين العام للامم المتحدة، كوفي انان، جاء فيه انه يشعر "بالتشجيع البالغ بسبب التقدم المهم نحو حل أزمة لوكربي الذي نقل اليه نتيجة جهود المملكة العربية السعودية وجنوب افريقيا". وصدر بيان عن الرئاسة في جنوب افريقيا أكد التوصل الى "نتائج ايجابية" عبر عنها أيضاً السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان الذي زار ليبيا اكثر من مرة مع جاكس غيرويل مبعوث رئيس جنوب افريقيا، في اطار الجهود المشتركة لإيجاد حل لأزمة "لوكربي". وصدر بيان عن وزارة الخارجية الليبية تضمن تصريح "مصدر في اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي" بأن اللجنة الشعبية "تعتقد انه تم احراز نتائج ايجابية في شأن التوصل الى حل لما يسمى بقضية لوكربي وذلك بعد الجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة العربية السعودية وجمهورية جنوب افريقيا، وهو ما أكده التصريحان اللذان صدرا عن البلدين، وكذلك الجهود التي بذلها كوفي انان، الأمين العام للامم المتحدة". وتابع البيان ان اللجنة الشعبية، وفقاً لذلك، ترى "ان المراجعة الدورية القادمة للاجراءات الظالمة المفروضة على الجماهيرية العظمى يجب ان تؤدي الى رفع هذه الإجراءات، وذلك انسجاماً مع النتائج الايجابية التي تحققت حتى الآن، والتي أكدت انه لم يبق سوى التنسيق بين الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان والأطراف المعنية الأخرى". وقالت مصادر قريبة من الأمين العام ان كوفي انان "متفائل ويشعر بأننا على وشك الانتهاء" من هذه الأزمة. وزادت ان مساعد الأمير بندر السيد رحاب مسعود، أبلغ الى الأمين العام ليل الجمعة ان "كل المسائل المعلقة قد تم حلها ومعالجتها". وعلمت "الحياة" ان مسعود نقل ايضاً الى انان ان الليبيين طلبوا "توثيقاً مكتوباً" لما تم التفاهم عليه مع الأطراف المعنية، وهي الولاياتالمتحدةوبريطانيا، وذلك لضمان "عدم الانحراف" عن التطمينات والضمانات المعنية بحل الأزمة. وبدأت الدائرة القانونية في الاممالمتحدة اعداد ورقة توثق التفاهم الذي تم التوصل اليه بين ليبيا وبريطانياوالولاياتالمتحدة. وقالت المصادر المطلعة ان الأمين العام وافق على طلب ليبيا توثيق التفاهمات، وانه ينوي اطلاع الاطراف الثلاثة على فحوى الورقة ليضمن موافقتها ثم يبعث برسالة الى مجلس الأمن تتضمن الاختراق الذي وقع وتفاصيل التفاهمات بين الأطراف الثلاثة المعنية. وحسب السيناريو، فإنه بعد اعلان ليبيا موافقتها على الترتيبات ولدى الانتهاء من وضع ورقة التوثيق، تنطلق آلية الترتيبات والإجراءات التي ينتقل بموجبها المواطنان الليبيان الى هولندا على متن طائرة تقل ايضاً قانونيين من الاممالمتحدة على رأسهم وكيل الأمين العام للشؤون القانونية، هانز كوريل، وهو الذي اجرى المفاوضات المفصلة مع القانونيين الليبيين والمحامين، والتي وضعت كل الاجراءات المتعلقة بالمحاكمة وضمان حقوق المشتبه بهما. كذلك، وحسب ما وافقت عليه بريطانيا، يوجد دور لمراقبين تابعين للامم المتحدة في اطار ضمان حقوق المواطنين الليبيين، اذا صدر الحكم بادانتهما أثناء قضاء العقوبة في سجن في اسكوتلندا. وحسب التفاهمات التي تمت بين ليبيا وبريطانياوالولاياتالمتحدة، يتم تجميد العقوبات المفروضة على ليبيا لدى مثول المواطنين الليبيين امام المحكمة، ثم بعد فترة، يقدم الأمين العام تقريراً الى المجلس ينص على ان ليبيا أوفت بالمطالب التي ادرجتها قرارات مجلس الأمن بهدف تحويل "تجميد" العقوبات الى "رفع رسمي لها". وفيما تحركت الأمور بسرعة فائقة خلال اليومين الماضيين، بقي الجميع في حال تأهب للتطور الملموس والذي يتمثل في مغادرة المواطنين الليبيين طرابلس في طريقهما الى هولندا. وتوقع المعنيون، في حال تحرك الأمور نحو التنفيذ الفعلي للاتفاقات، ان يبدأ تنفيذ الترتيبات العملية مطلع الاسبوع المقبل، اذا لم يطرأ تعقيد غير مرتقب يعطل كل التوقعات. وهذا ما سمي الى الآن "الحلقة المفقودة". وفي واشنطن، ذكرت مصادر مطلعة في الإدارة تعليقاً على الأنباء عن قبول وجود مراقبين تابعين للأمم المتحدة في مكان سجن المتهمين الليبيين في اسكتلندا في حال دينا، ان الجانب الأميركي لا يمانع في ذلك، وان هذا الموضوع تبته بريطانيا. وأكدت المصادر إصرار واشنطنولندن على سجن المتهمين في اسكتلندا في حال ادانتهما. واعتبرت لندن الأنباء عن ردود فعل ليبية ايجابية ازاء معالجة أزمة لوكربي "مشجعة". وقال ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية أمس "اطلعنا على تقارير عن توافق بين الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ورئيس جنوب افريقيا نلسون مانديلا وتشجعنا كثيراً". وكان الناطق يعلق على بيان مانديلا عن توصل البلدين إلى "تفاهم متبادل" في شأن مسائل مهمة متعلقة بالأزمة بين ليبيا والغرب. وكانت جنوب افريقيا أعلنت أمس رويترز، ان جهود الرياض وبريتوريا نجحت في كسر الجمود الذي حال دون بدء محاكمة المتهمين الليبيين. وقال مصدر حكومي في جوهانسبورغ إنه "تم التوصل إلى اتفاق في شأن محاكمة المشتبه بهما ومكان تنفيذ عقوبتهما في حالة ادانتهما". وأفادت تقارير صحافية بريطانية ان لندن قبلت تقديم تسهيلات خاصة في شأن سجن المتهمين في اسكتلندا تسمح بوجود مراقبين دوليين يعينهم أنان في السجن لضمان حسن معاملة الليبيين ومنع تعرضهما للتحقيق على يد أجهزة استخبارات أميركية وبريطانية بهدف حصول إدانة سياسية للنظام الليبي. وقال باركس مانكهلانا، الناطق باسم مانديلا: "تمت تسوية كل الأمور والمسألة حالياً في يد الأمين العام للأمم المتحدة". وجاء في بيان أصدره مكتب مانديلا أمس: "يسعدنا اعلان تحقيق نتائج ايجابية في المناقشات بين السعودية وجنوب افريقيا من جانب وليبيا من جانب آخر والتوصل إلى تفاهم مشترك في شأن المشاكل العالقة". وأشار إلى أن "ذلك اتيح بفضل التعاون الصادق من القذافي الذي بعث برسالتين في هذا الصدد إلى السعودية وجنوب افريقيا". وأجرى الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز السفير السعودي لدى الولاياتالمتحدة وجاك غرويل مستشار رئيس جنوب افريقيا جولات محادثات خلال الأسابيع الماضية هدفت إلى اخراج المفاوضات في شأن انهاء الأزمة من الطريق المسدود الذي دخلت فيه. وأصرت طرابلس أخيراً على ضرورة قضاء المتهمين أي فترة سجن تفرضها عليهما المحكمة في هولندا في بلادهما". وقال الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولاياتالمتحدة، في رد على سؤال من وكالة الأنباء السعودية عن ما صدر من جنوب افريقيا في شأن المحادثات مع القذافي: "أؤكد ما ذكره الاصدقاء في جنوب افريقيا عن أنه تم التوصل إلى نتائج ايجابية في قضية لوكربي". وأشاد ب "التعاون الصادق من قائد الثورة الليبية". وأضاف ان ذلك "يمثل حدثاً سعيداً لليبيين والعرب والأفارقة ومحبي السلام كافة". وأوضح ان ذلك تحقق "نتيجة لجهود كبيرة وصادقة" من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ومانديلا وأنان. إلى ذلك، بدأ وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي زيارة أمس إلى طرابلس. وقال خرازي لدى وصوله إن الزيارة "ستسمح لنا بتعزيز علاقاتنا إلى جانب مناقشة عدد من الشؤون الاقليمية والعالمية المهمة". وبثت الاذاعة الليبية ان خرازي اجتمع مع نظيره الليبي عمر مصطفى المنتصر.