ألغت السلطات الموريتانية نتائج الانتخابات البلدية في دوائر العاصمة نواكشوط حيث حصد الحزب الحاكم كل المقاعد. وعلل وزير الداخلية هذا الاجراء المفاجئ بحدوث تزوير، فيما نفى الحزبان المعنيان بالاقتراع، وهما الحزب الجمهوري الحاكم واتحاد القوى الديموقراطية - جناح محمد ولد مولود المعارض، أن يكونا تقدما بشكوى تطعن بالنتائج. وقال مراقبون ان السلطات ترغب، من خلال الغاء الانتخابات وتنظيم دورة جديدة، برفع نسبة المشاركة الى أكثر من ال 23 في المئة التي سجلت في الجولة الأولى من جهة، ومن جهة أخرى إرضاء ولد مولود الذي كان حزبه المعارض الوحيد الذي شارك في حين قاطعت الأحزاب المعارضة الأخرى. وقال وزير الداخلية الداه ولد عبدالجليل ان معلومات "أفادت باستخدام بطاقات هوية مشكوك فيها في الاقتراع ولذا تقرر الغاء النتائج في نواكشوط". وفاجأ القرار المراقبين، اذ انها المرة الأولى التي تعترف فيها السلطات بحدوث تزوير، وتلغي نتائج اقتراع. واللافت أكثر في الاجراء هو أن الحزب الحاكم فاز بكل المقاعد في كل دوائر نواكشوط التسع. وجرت العادة في مناسبات سابقة على أن تنكر السلطات حدوث تزوير برغم شكاوى المعارضة ووجود شهادات من مراقبين أجانب وصحافيين مستقلين. ولعله من الغريب أيضاً ان الحزبين اللذين تنافسا في العاصمة أكدا عدم الطعن بالنتائج. وفتح هذا الاجراء باب التأويلات في غياب معلومات أكيدة يستند اليها. ويقول بعض المراقبين ان "جهة عليا" لم ترض عن نسبة المشاركة المسجلة في نواكشوط خلال الجولة الأولى التي أجريت الجمعة الماضي. فأرادت نسبة أعلى من ال 23 في المئة المتدنية وأمرت باجراء جولة ثانية الجمعة المقبل لأن الرهان في هذه الانتخابات بين السلطة والمعارضة هو على نسبة الاقبال التي يفيد تدنيها جبهة المعارضة بقيادة أحمد ولد داداه على اعتبارها دليلاً على استجابة الموريتانيين للدعوة الى المقاطعة. ويذكر أن الاقبال كان ضعيفاً في المدن، وقوياً في الأرياف حيث وصل الى حدود 99 في المئة. وهناك تأويل آخر يقول ان الحزب الحاكم لن يخسر في الجولة الثانية بل في مقدوره المحافظة على نتيجة قريبة من النتيجة الملغاة لأن ميزان القوة لمصلحته. ولذا فمن المفيد تشجيع حزب "اتحاد القوى" - جناح مولود، ولو اقتصر هذا التشجيع على إفهامه أن الادارة تقف ضد التزوير مهما كان مصدره. وقال ولد مولود ل "الحياة": "اننا لم نتقدم بعد بطعون في النتائج وسنفعل ذلك لا في نواكشوط وحدها بل في مناطق أخرى". وأوضح ان الغاء نتائج نواكشوط "قرارا اتخذته السلطات قبل أن نطلب ذلك". وأعرب عن ارتياح حزبه للقرار ووصفه بأنه "يصب في اتجاه تصحيح الأوضاع" وقال ان السلطات لم تف بالتزامات تعهدتها من أجل انتخابات نزيهة"، لكنه أضاف ان "الاعتراف بحدوث التزوير مسألة مهمة وجديدة". وفاز الحزب الجمهوري الحاكم في كل البلديات التي حسمت نتائجها في الجولة الأولى باستثناء 8 بلديات من أصل 208. ومن المقرر اجراء جولة ثانية من الاقتراع بين الحزب و"مستقلين" في سبع دوائر الجمعة المقبل اضافة الى نواكشوط وبلدتين أخريين ألغى الاقتراع فيهما بسبب أخطاء إدارية.