قرأت، في "الحياة" عدد 20 تشرين الثاني نوفمبر 1999، مقالة محمد علي فرحات تعليقاً على مقالة مئير زمير المنشورة في العدد نفسه. فارتحت حقاً الى هذا التعليق المناسب الدقيق الذي قام كاتبه، في آخر الأمر، يعبِّر عن مراحلنا الوطنية فكراً وعملاً. ولا يخفى على كل ذي بصيرة أن تلك المراحل قد تقدم لها، لنحو من خمسمئة سنة وخصوصاً مع فخرالدين الكبير، أن أرست طموحنا المشترك بيننا، مسلمين ومسيحيين، في حقيقة تاريخه، ثم أطلقت مسيرتنا القومية بعيداً عن سُبل الهذر والزيف. وفي يقيني ان تلك المراحل - منذ نهضتنا الثقافية العربية الى تحديدنا مبادئ دولة القانون على هدي المفاهيم الحديثة المعاصرة وأصول الحوار القومي، والاحترام المتبادل، والعزم الوطني المشترك - في يقيني أن تلك المراحل هي ما يحق لنا وما يحق علينا أن نبديها فنؤديها للعالم شرقاً وغرباً. ان كتّابنا عامة، ومؤرخينا على الخصوص، ليجدر بهم أن يفتخروا بالمقاربة الواقعية الشجاعة التي اضطلع بها محمد علي فرحات ناطقاً باسمهم في اطار صفحة "أفكار". فإن في مقالته ما ينبغي أن يجمع أفكارهم - أفكارنا - جميعاً على نص قال الحقيقة لا أقل ولا أكثر. لمحمد علي فرحات، تهنئتي وتقديري لأنه أعاد مفهومنا الوطني الى نصاب طبيعته التي على ضوئها ينبغي أن نكتنه معنى لبنان ومصير لبنان، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، في رسالته الى العالم العربي والى عالم الغرب. باريس 24/11/1999 * كاتب لبناني مقيم في باريس. سفير لبنان لدى اليونيسكو سابقاً. والنص المكتوب أصلاً بالفرنسية، نقله الى العربية خليل رامز سركيس.