} جددت الحكومة السودانية امس استعدادها اجراء تعديلات على قانون التوالي السياسي الذي ينظم الاحزاب، ودعت القوى السياسية الى عرض اقتراحاتها في هذا الشأن امام مجلس الوزراء، والى ممارسة عملها السياسي. وجاءت هذه الدعوات عشية بدء اجتماعات هيئة قيادة "التجمع الوطني الديموقراطي" المقررة اليوم في كمبالا. وتنعقد الاجتماعات وسط خلافات حادة بين فصائل "التجمع" ازاء اعلان "نداء الوطن" الذي صدر بعد لقاء الرئيس عمر البشير ورئيس الوزراء السابق زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جيبوتي في 25 من الشهر الماضي. وقرر امس احد قادة الحزب "الاتحادي الديموقراطي" في الخارج مقاطعة اجتماعات كمبالا، فيما وصف قيادي آخر في الداخل اعلان "نداء الوطن" بأنه لتمزيق وحدة المعارضة. كما رفض قادة الحزب الشيوعي المشاركة في اجتماعات كمبالا. دعت اللجنة العليا لمعالجة قضايا الوفاق والسلام السودانية التي يترأسها الرئيس السوداني عمر البشير، كل القوى السياسية المعارضة لممارسة عملها السياسي والاستفادة من الحريات المتاحة الآن في اثراء الحوار السياسي وجهود الوفاق والسلام. كما دعت القوى السياسية احالة اي تعديلات تراها في قانون التوالي السياسي قانون تنظيم الاحزاب السودانية تستوجبها مسيرة التفاوض مع القوى المعارضة الى القطاع السياسي لمجلس الوزراء لمتابعة اجازتها من خلال الدورة التشريعية المعروفة. وقالت اللجنة ان قانون التوالي بصورته الحالية يتيح للمعارضة حق التجمع واتخاذ الترتيبات التنظيمية والاجراءات التمهيدية قبل التسجيل. وقال وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، عضو لجنة الوفاق الرئاسية الدكتور غازي صلاح الدين: "ان الحكومة ترحب بكل القوى السياسية التي تشارك في التحرك الذي تشهده الساحة السياسية الآن بهدف بلورة رؤى مشتركة تخدم قضية لم الشمل السوداني". الى ذلك كشف مسؤول بارز في الحزب الحاكم في الخرطوم عن بدء الاجهزة المعنية في مراجعة التشريعات التي تتعارض وممارسة الاحزاب المعارضة لنشاطها في المرحلة المقبلة. وقال عضو الهيئة القيادية لحزب المؤتمر الوطني الدكتور المعتصم عبدالرحيم ان تنسيقاً متكاملاً لمراجعة التشريعات التي يراد تعديلها لمواكبة اعلان "نداء الوطن" وضعت موضع التنفيذ، ورفض المعتصم في تصريح لصحيفة "الرأي العام" كشف تلك التعديلات. وأكد المعتصم استعداد ولاية الخرطوم لاستقبال نشاط حزب الأمة المعارض الذي يهدف من خلاله الحزب لتعبئة الرأي العام السوداني حول اعلان "نداء الوطن" الموقع بين البشير وزعيم الأمة السيد الصادق المهدي في جيبوتي. أمين الاعلام يقاطع وفي القاهرة، قرر قيادي بارز في الحزب الاتحادي مقاطعة اجتماع كمبالا لهيئة القيادة للمعارضة السودانية المقرر عقده اليوم. وقال القيادي الدكتور فاروق احمد آدم الذي يشغل منصب امين الاعلام في "التجمع الوطني الديموقراطي" ل"الحياة" إن مقاطعته تأتي بسبب ازدواجية موقف الحزب الاتحادي حيال اتفاق جيبوتي الموقع بين حزب الامة والحكومة السودانية. وعلمت "الحياة" ان محاولات جرت مع الدكتور آدم لمحاولة إثنائه عن موقفه لكنه تمسك بالمقاطعة، وقال "نحن في مرحلة مصيرية لا نقبل المراوغة او اتباع اساليب المناورة لأن ذلك ليس في مصلحة المعارضة والشعب السوداني". وأوضحت مصادر في المعارضة ان زعيم حزب الامة الصادق المهدي ومبارك الفاضل لن يشاركا في اجتماع هيئة القيادة وكلفا الدكتور عمر نور الدايم المشاركة فيه. "الاتحادي" يعارض الى ذلك، أعلن الحزب الاتحادي الديموقراطي المعارض في الخرطوم ان اعلان "نداء الوطن" الموقع بين حكومة الخرطوم وحزب الأمة المعارض سيؤدي الى اغلاق الباب امام أي جهود للحوار ومساعي تحقيق الوفاق بين النظام الحاكم وأطراف المعارضة. وقال القيادي "الاتحادي" البارز الوزير السابق سيد أحمد الحسين: "ان الاتفاق قُصد منه تمزيق وحدة المعارضة وتفتيتها في اطار سياسة فرق تسد التي يستخدمها النظام في مواجهة فصائل التجمع الوطني الديموقراطي المعارض. وانتقد الحسين في تصريح لصحيفة "الصحافي الدولي" بشدة الصادق المهدي قائلاً: "ان المبررات التي ساقها للتحالف مع نظام الجبهة الاسلامية غير مبررة ولا مقنعة للتجمع المعارض ... انها تشبه المبررات التي ساقها عند مصالحته مع النظام المايوي"، في اشارة الى نظام الرئيس السابق جعفر نميري. وجدد رفض المعارضة في الداخل والخارج اعلان "نداء الوطن" وقال: "اننا ماضون في معارضتنا للنظام بكل الوسائل الى حين اسقاطه". ... و"الشيوعي" يرفض في غضون ذلك اصدر قادة الحزب الشيوعي السوداني المعارض بياناً امس رفضوا فيه التصالح مع الحكومة واعتبروا هرولة اعضاء "التجمع" نحو النظام بمثابة "نكوص للتعهدات وخيانة لدماء الشهداء وابتذال للتضحيات وارتداد من الموقع المتقدم الذي بلغته المعارضة في مقاومتها". ولفت الحزب الشيوعي الى انه "لن يشارك في الهرولة للنظام تحت اي دعاوى او تبريرات، وسيظل وفياً للعهد ولن يلقي براية النضال والمقاومة". وسرد مراحل العمل الوطني التي بدأت باجتماع سجن كوبر نهاية العام 1989 الذي شهد ميلاد "التجمع الوطني الديموقراطي".