لندن - رويترز - بعد نحو عام من المشاحنات وصلت الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الامن الدولي الى مرحلة حاسمة بشأن مستقبل العقوبات واجراءات الحد من التسلح المفروضة على العراق. وتمارس الولاياتالمتحدةوبريطانيا ضغوطاً على روسيا لقبول قرار لمجلس الأمن هذا الشهر يمكن ان يؤدي الى تعليق العقوبات على السلع المدنية اذا التزم العراق خلال فترة اختبار بنظام جديد لنزع الاسلحة. وقال ديبلوماسي اوروبي قريب من المفاوضات "انها مسألة سياسية بحتة الان. والامر متروك لتقييم كل من الروس والامريكيين لمصالحهم بصفة عامة". وتخوض روسيا نزاعاً غاضباً مع الغرب بشأن الشيشان وكوسوفو والحد من الاسلحة النووية لكن محللين غربيين يعتقدون ان موسكو التي تسعى للحصول على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي سترى ان لها مصلحة مالية وسياسية في التعاون مع واشنطن بشأن هذه القضية. وقال رعد القادري وهو محلل عراقي في مؤسسة "بتروليوم فاينانس" الاستشارية في واشنطن: "يبدو الأمر وكأنه اذا مورست ضغوط كافية على الروس فإنهم سيسمحون بتمرير القرار". وأضاف وهو يشير الى ان موسكو كانت حريصة على احترام العقوبات: "العراق عنصر مهم لسياسة روسيا في الشرق الاوسط لكنه لم تكن له اولوية كافية للتضحية بالمصلحة الأكبر في الاحتفاظ بالنزر اليسير من حسن النية للولايات المتحدة والدعم المالي والاقتصادي". وفرض الحظر الذي دمر الاقتصاد العراقي وسبب مصاعب واسعة النطاق لبغداد بعد غزوها الكويت في عام 1990. وفوض مجلس الامن لجنة خاصة لازالة اسلحة الدمار الشامل التي لدى بغداد بعد حرب الخليج عام 1991. ورفض العراق السماح بعودة مفتشي الاسلحة التابعين للأمم المتحدة لمراقبة برامج الاسلحة البيولوجية والكيماوية منذ ان شنت الولاياتالمتحدة الهجوم الذي استمر أربعة أيام في كانون الاول ديسمبر الماضي. ويقول متحدثون باسم الاممالمتحدة ان هدف واشنطن الرئيسي هو عودة مفتشي الاسلحة الى العراق بعد غياب دام عاماً ليصبح من الصعب على الرئيس صدام حسين اعادة بناء اسلحة الدمار الشامل. ويقول محللون ان الاهداف الاخرى لواشنطن هي الحيلولة دون رفع العقوبات بالكامل مادام صدام حسين في السلطة والمحافظة على القيود الصارمة على الكيفية التي تنفق بها بغداد الاموال وتجنب ان يصبح العراق احدى قضايا حملة انتخابات الرئاسة الاميركية وتحويل اللوم في المعاناة الانسانية. وحتى اذا التزم العراق تماماً وعلى الفور، فإن الأمر يحتاج الى ثمانية اشهر قبل ان يتخذ مجلس الامن قراراً بشأن التعليق المؤقت للعقوبات. ويقول منتقدون ان واشنطن تعول على ان صدام حسين سيرفض القرار في البداية مما سيزيل أي احتمال لأن تضطر الى تخفيف العقوبات الى ما بعد انتخابات الرئاسة الاميركية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وبعث صدام حسين اكبر مبعوث له الى موسكو هذا الاسبوع لتقديم نداء اخير الى روسيا اكبر دائن للعراق لاستخدام حق النقض الفيتو ضد القرار. لكن نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز لقي صداً رقيقاً من الروس. ووصف عزيز التعليق المشروط للعقوبات بأنه "ليس سوى وهم واكاذيب" وقال إن الرفع الكلي للعقوبات هو وحده الامر المقبول. لكن وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف لم يقدم لطارق عزيز أي تأكيد علني وقال ان تعليق العقوبات يمكن ان يصبح خطوة انتقالية نحو رفعها في نهاية الأمر. ونأت فرنسا الحليف التقليدي الآخر لبغداد بنفسها أيضاً عن موقف العراق هذا الاسبوع قائلة إنه "ليس من مصلحة العراق ان يرفض التعاون مع اعضاء مجلس الامن". وقال مسؤولون إن باريس تعمل على تقريب هوة الخلافات مع روسيا وعودة الاجماع لمجلس الامن. وتطالب روسيا بوقف للهجمات الجوية الاميركية والبريطانية شبه اليومية رداً على اعتراضها في منطقتي حظر الطيران في شمال العراق وجنوبه اللتين فرضهما الغرب بعد حرب الخليج. لكن الديبلوماسيين الغربيين يشكون في ان موسكو ستفوز بأي التزام علني. وفي الولاياتالمتحدة تتصاعد الضغوط السياسية لانتهاج موقف اكثر تشدداً وليس أقل تشدداً مع العراق. وتبدي واشنطنولندن تصميماً على صدور قرار بالاجماع هذا الشهر بينما تتولى بريطانيا الرئاسة الدورية لمجلس الامن وقبل ان تنضم للمجلس دول جديدة من غير الاعضاء الدائمين وهو الأمر الذي يحتاج لديبلوماسية أكثر مضيعة للوقت. ويعتقد مسؤولون غربيون بأنه اذا اعطت موسكو الضوء الاخضر، فإن الصين واعضاء آخرين في مجلس الامن يتمتعون بحق النقض الفيتو سيسمحون بصدور القرار. وقال القادري: "لخلق وهم بالاجماع فان القرار يحفل بالغموض البناء مثلما يحلو للبريطانيين ان يطلقوا عليه، وهو ما سيؤجل المشاكل الى موعد لاحق". ومشروع القرار لا يحدد بالضبط ماالذي يتعين على العراق ان يفعله لتعليق العقوبات. وستقوم لجنة تحقق ومراقبة وتفتيش جديدة تابعة للأمم المتحدة باعداد برنامج وقائمة بالمهام الرئيسية المتبقية لنزع الاسلحة. وسيرفع رئيس هذه اللجنة الذي سيعينه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تقاريره الى مجلس الامن بعد فترة اختبار ربما تبلغ ستة اشهر بشأن ان كان العراق يتعاون تماماً مع نظام المراقبة الجديد ومدى التقدم الذي تحقق في تنفيذ هذه المهمات. وسيتعين على مجلس الامن ان يصوت انذاك على ان كان سيعلق العقوبات لمدة 100 يوم. وتسري العقوبات مرة اخرى اذا لم يصوت مجلس الامن على تمديد العقوبات. وقال القادري ان النتيجة الأكثر احتمالاً ستكون اغراق هذه القضية لكي تترك للحكومة الأميركية المقبلة في عام 2001.