"أشعر اني لم اخرج بعد فيلم "بولانسكي" الأصلي الذي أحلم به والذي يجعلني فخوراً عندما أتكلم عن أفلامي، ولكن اعتقد أنه لا يزال هناك المزيد من الوقت لذلك وأتمنى أن يكون عامل الوقت بجانبي وليس ضدي" بهذه الكلمات افتتح المخرج البولوني رومان بولانسكي قبل فترة مهرجان استوكهولم الدولي للأفلام الذي استضافه لتكريمه بجائزة ضيف الشرف وعرض فيلمه الجديد "الباب التاسع". وعلى الرغم من أن بولانسكي ابن ال66 عاماً لم ينتج الفيلم الحلم الذي يتحدث عنه، إلا أن فيلمه الجديد الذي يقوم فيه بدور البطولة جوني ديب، فرض لون بولانسكي على مهرجان استوكهولم وكان حديث العديد من النقاد السينمائيين والصحافيين الذين أتوا الى المهرجان للتحدث مع بولانسكي عن فيلمه الجديد. تدور أحداث الفيلم حول جامع الكتب جوني ديب الذي يقوم بالبحث عن ثلاث نسخ من كتاب قيل ان الشيطان شارك في كتابته. لا يعتقد ديب في بادئ الأمر ان كتاباً كهذا موجود، حتى أنه يستبعد فكرة اشتراك الشيطان بعالم الكتب ولا يعتقد أن قوة الشيطان تستطيع أن تؤثر على البشر. إلا أن ديب يبدأ شيئاً فشيئاً يقتنع بوجود مثل هذا النوع من الكتب ويقترب أكثر من فكرة وجود الشيطان في عالمنا. وحكاية الشيطان ونهاية العالم ليست محصورة ببولانسكي، خاصة أنه يعرض الآن في أنحاء عديدة من العالم فيلم "نهاية الأيام" الذي يتطرق الى موضوع اليوم الأخير. حول هذا الأمر علق بولانسكي قائلاً: "ليست مشكلتي ان هناك العديد من الأفلام التي تتطرق الى نفس الموضوع، أنا شخصياً مقتنع بالذي أقوم به على الرغم من أنني لا اؤمن بوجود الشيطان. ولكن المثير في موضوع الشيطان أنه موجود في كل المجتمعات بغض النظر عن الدين والاعتقاد. لهذا اعتقد أن الانسان بحاجة دائمة الى خلق شيء يمثل الشر. والشيطان أقرب الأشياء لنا". ويتابع بولانسكي كلامه أمام عشرات الصحافيين الذين أتوا الى مهرجان استوكهولم الدولي للأفلام قائلاً انه لا يسعى الى شرح معنى الشر بل يترك هذه المهمة للكثير من الكتاب حاملي أفكار الكشف عن هوية الشر والسلطة وعالم الغيب. ويقول انه لا يستطيع شرح رغبته في اخراج أفلام مشوقة ومرعبة سوى انه يحب الرعب، وهذه العادة رافقته منذ الطفولة: - "عندما اذهب مع أطفالي الى مدينة الملاهي، أول شيء يختارونه هناك الدخول الى بيت الأشباح. وهذا الحب المخفي للرعب موجود في داخلنا جميعاً حيث أننا نحب أن نعيش حالة رعب ولكن بطمأنينة. نفس الشيء ينطبق على أفلام الرعب: نشاهدها ونحن جالسون على كنبتنا بارتياح ولكن نسافر مع الرعب من خلال الخيال". نشط بولانسكي في فترة الستينات وانشهر من خلال اخراجه "الحي الصيني" و"طفل روزماري" وغيرها من الأفلام التي تأثر بها الكثير من صانعي الأفلام وأصبحت منهجاً لطلاب السينما. ولكن بولانسكي تراجع في انتاجه حيث ان آخر فيلم عرض له على الشاشة البيضاء قبل فيلمه الجديد كان سنة 1994. لماذا؟ - "الشيء الوحيد الذي اتندم عليه هو أنني لم أصنع عدداً كبيراً من الأفلام. ولكن من الصعب الحصول على فكرة فيلم جيدة تعادل مستوى تكاليف الانتاج الباهظة الثمن. والفيلم الجيد يتطلب أكثر من سنتين من عمر المنتج ولهذا انتظر دائماً الأفكار الجيدة". عمل المخرج بولانسكي في مجالات فن كبيرة، فهو قام باخراج أعمال مسرحية عديدة كان آخرها مسرحية "اماديوس". وشارك شخصياً بالتمثيل بالعديد من الأفلام. وفي مرحلة من حياته انتقل بولانسكي الى باريس حيث يقيم ويعمل حالياً، ولكن اللون الأميركي الذي يميز أعماله يرافقه حتى في العاصمة الفرنسية حيث تعرض أعماله بالانكليزية وتترجم الى الفرنسية. ويقول عن نفسه انه ينتمي الى أوروبا ولكنه لا ينكر فضل السينما الأميركية عليه. ولكن السينما الأميركية التي جعلت من بولانسكي مخرجاً مشهوراً ابتعدت عنه بعد فضائح جنسية لحقت به. فحياته الشخصية كانت منذ فترة في مهب ريح النقد الصحفي في الولاياتالمتحدة وهذا عندما اتهم باغتصاب طفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها، وصدر حكم بالسجن ضده. إلا أنه استطاع ان يهرب من أميركا الى أوروبا ولم يعد الى الولاياتالمتحدة منذ صدور الحكم ضده. وعندما يسأل اليوم عن موضوع الطفلة يعلق بولانسكي بقوله: - "عندي كلمة واحدة أرد بها على هذا السؤال وهي: ليذهبوا الى الجحيم"! يصف بولانسكي عمل الاخراج بعلاج للروح ويقول ان صناعة الأفلام كانت حلمه الأكبر منذ الطفولة ويشير ممازحاً الى أن الجائزة التي حصل عليها في استوكهولم تهدف الى إحالته على التقاعد ولكنه يؤكد: - "لا أخطط للتقاعد لأني أشعر بطاقة كبيرة بداخلي يجب أن استغلها في عالم السينما وهذا ما سأفعله في المستقبل".