أفادت مصادر قريبة من الجيش الجزائري ان قيادته تعاقدت خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع مؤسسات متخصصة في صناعة الأسلحة لتحديث عتاد قوات الأمن، وذلك استعداداً لمواجهة محتملة مع عناصر جماعات ارهابية رافضة للوئام المدني، بعد 13 من الشهر المقبل. وهذا التاريخ هو آخر مهلة لعناصر الجماعات الجزائرية المسلحة لتسليم اسلحتهم في مقابل الاستفادة من عفو جزئي او كلي للاحكام القضائية. وأضافت المصادر نفسها ل"الحياة" ان الصفقات عقدت مع شركات في جنوب افريقيا والصين والولايات المتحدة، وان بعض دول الخليج العربي قدمت تمويلاً ميسراً للجيش الجزائري في هذه الصفقات التي تشمل نحو 20 نوعاً من الأسلحة الآلية، بينها بنادق تستخدم رصاصاً مغلفاً بالمطاط "تهدف الى شل حركة كل من يصاب بها من دون ان تقتله" اضافة الى بعض الغازات المخدرة. وذكر المصدر نفسه: "نريد من هذا المسعى الجديد في ادارة المواجهة مع الجماعات المسلحة الحصول على أكبر قدر من المعلومات"، وذلك على خلاف حرب المواجهة القاتلة التي شنها الجيش ضد معاقل هذه الجماعات منذ العام 1992. وقال ان "الهدف الأساسي ينبغي ان يكون في المرحلة المقبلة الحصول على هؤلاء أحياء …. الحرب الحديثة تهدف الى عزل الجناة ومحاكمتهم وليس قتلهم". وكان قائد الجيش الجزائري الفريق محمد العماري زار الصين ودولاً خليجية قبل أسابيع، واستقبل في الجزائر وزيرة دفاع جنوب افريقيا في تشرين الأول اكتوبر الماضي، كما زار ممثلون عن قيادة الجيش جنوب افريقيا والولايات المتحدة للهدف نفسه. الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة كان أكد قبل أسابيع ان الجزائر تريد فتح ملف التعاون العسكري مع فرنسا وانتقد بشدة عدم تعاون باريس مع الجزائر في مواجهة الإرهاب. وزار قبل ذلك ايطاليا وتحادث مع رئيس الحكومة ماسيمو داليما في شأن عدد من القضايا منها التعاون التقني والأمني بين البلدين لمكافحة الجماعات المسلحة. وتوجت هذه الزيارة بالتوقيع على إتفاق أمني بين البلدين اضافة الى الدورات التدريبية للأمن الجزائري، تعاون تقني في مجال الأسلحة المستعملة في مكافحة المافيا في ايطاليا. وترى اوساط أمنية مطلعة ان الجزائر استفادت الى حد كبير من العرض الذي قدمه مسؤولو الأمن الإيطالي في شأن مكافحة نشاط عصابات المافيا وان تنفيذ هذه التجربة سيبدأ بعد 13 كانون الثاني يناير المقبل. وفي مقابل السعي الى الحصول على خبرات وأسلحة لمواجهة عناصر الجماعات المسلحة، تبذل دوائر الأمن الجزائري، بطلب من الرئيس بوتفليقة، جهوداً كبيرة لدفع عناصر الجماعات الاسلامية المسلحة الى العودة الى ذويهم. وبلغ عدد الذين التحقوا بعائلاتهم خلال رمضان 350 فرداً، ويتوقع ان يتضاعف العدد في ليلة القدر التي تصادف 27 رمضان الجاري. العائدون الى عائلاتهم يذكر ان اكبر عدد من العناصر التي عادت الى عائلاتها تنتمي الى الجيش الاسلامي للإنقاذ، 250 عنصراً خلال المرحلة الأولى التي تمت في الأسبوع الأول من رمضان، أما المئة عنصر الآخرون الذين سلموا أنفسهم فيوجد بينهم 42 فرداً ينتمون الى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي يقودها حسان حطاب. وكان غالبية عناصر هذا التنظيم ينشطون ضمن كتيبة "الغرباء" و"الهدى" في ولاية البويرة على مسافة 120 كلم شرق الجزائر. وكان قانون الوئام المدني احدث نوعاً من القلق لدى صغار الضباط في الجيش الذين انتقدوا طول مدة الركون الى الهدنة التي فرضت عليهم، والتي تمتد الى ستة أشهر كاملة هي فترة تطبيق قانون الوئام المدني. ومنع هؤلاء من مباغتة عناصر الجماعات المسلحة الا عند ارتكابها أعمالاً ارهابية بهدف منح عناصر "الجماعة" فرصة للتفكير بعيداً عن أي ضغط عسكري أو أمني.