تدرس الدوحة اتخاذ إجراءات ضد السلطة الفلسطينية، بعدما كانت سحبت سفيرها من غزة السيد عبدالله المطوع الذي عاد إلى الدوحة ليل الثلثاء - الأربعاء برفقة السفير محمد جهام الكواري مدير مكتب وزير الخارجية القطري وموفده إلى المسؤولين الفلسطينيين لحل أزمة عصام عبدالسلام أبو عيسى رئيس بنك فلسطين الدولي. وكان متوقعاً أن تصدر قطر في وقت متقدم أمس أو اليوم بياناً تعلن فيه وقف كل النشاطات والفاعليات المشتركة بينها وبين السلطة التي اتهمها الكواري صراحة بأنها تريد الإستيلاء على البنك. وربطت أوساط مراقبة بين مطاردة السلطة الفلسطينية عصام أبو عيسى واحتجاز شقيقه عيسى من جهة واستضافة الدوحة قادة "حماس" المبعدين من الأردن. ولاحظت أن السلطة تريد من وراء قضية رئيس بنك فلسطين توجيه رسائل إلى قطر، مما يعني أن المسألة أبعد ما تكون مسألة مصرف، وهذا ما ترفضه قطر التي "لا ترى مانعاً من طرح أي مشكلة ترى السلطة وجوب طرحها أو وجودها". وكانت قناة "الجزيرة" سألت الموفد الكواري هل هناك علاقة بين استضافة الدوحة قادة "حماس" وقضية بنك فلسطين، فأجاب: "ليس لدي أي تعليق، وأرى من المناسب أن يوجه هذا السؤال إلى المسؤولين في السلطة الفلسطينية" .وفسرت الأوساط نفسها هذا الجواب بأنه "ذو دلالات". وصرح الكواري إلى "الحياة" أمس بأن الجانب القطري "أجرى مفاوضات صعبة ومزعجة مع الجانب الفلسطيني، جرت في ظل ضغوط وإجراءات أمنية جعلت الأجواء غير صحية خلال ثمانية أيام. وعلى رغم معرفتنا بأن هناك أبعاداً أخرى للموضوع مطاردة عصام واحتجاز شقيقه عيسى، إلا أننا حصرنا تفكيرنا بموضوع البنك ووضعنا حلولاً معقولة ومناسبة للضمانات. لكن الجانب الفلسطيني يريد ضمانات من دون آلية قانونية". وكشف "أنهم طالبوا بضمانات مقدارها 15 مليون دولار واقترحنا 17 مليوناً، أي أكثر مما طلبوا لأننا كنا نريد إقفال هذا الموضوع، لكنهم وضعوا بعد ذلك آلية تعطيهم حق صرف هذا المبلغ متى ما أرادوا وحسب الضرورة". وأضاف: "اقترحنا عليهم الاحتكام إلى شركة عالمية للتدقيق تأتي إلى رام الله لتدقق في حسابات البنك". وأوضح أن الجانب الفلسطيني اعتقد بأنا موافقتنا على الضمانات تعني إقرار عصام أبو عيسى بارتكاب خطأ "فقلنا لهم إن الإتفاق على ضمانات لا يعني وجود خطأ بل هو دليل ثقة". وتابع الكواري ان الفلسطينيين "رفضوا في البداية فكرة اللجؤ إلى شركة عالمية، ثم وافقوا، لكنهم قالوا إنهم سيتصرفون إذا لم تنه الشركة تقريرها في غضون شهر. إنهم يريدون منا التوقيع على عقد إذعان يعطيهم حق التصرف بالمبلغ. وهذه مؤشرات إلى أنهم يريدون الإستيلاء على البنك". وكشف السفير القطري أن السلطة أرسلت 40 مسلحاً برشاشات يرتدون ملابس مدنية للإستيلاء على مقر بنك فلسطين الدولي في رام الله، وعلم أنهم أخذوا عصام من مكتبه واستولوا على سيارته المصفحة، وتردد أنهم باعوها لأحد المتنفذين! ومعروف أن الجانب الفلسطيني، إضافة إلى اتهامه عصام باختلاس أموال من البنك، يعترض على حجم راتبه الشهري وهو عشرون ألف دولار. اجراءات استفزازية وللمرة الاولى في تاريخ العلاقات القطرية - الفلسطينية نددت الدوحة، امس، بشدة بالسلطة الفلسطينية و"اجراءاتها الاستفزازية"، وذلك في اول تعليق على ازمة عصام ابو عيسى. وعبر الناطق باسم الخارجية القطرية السفير علي عبدالعزيز الكواري عن "أسف دولة قطر لعدم التوصل الى حل قانوني" للقضية. وقال الناطق القطري ان دولة قطر اوفدت مبعوثاً رسمياً الى السلطة الفلسطينية في اطار مساعيها لحل القضية بشكل ودي يحفظ مصالح الطرفين. ورأى "ان الاجراءات الاستفزازية التي اتخذتها الأجهزة الفلسطينية، ومن بينها تطويق ومحاصرة مكتب تمثيل دولة قطر لدى السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة بعد لجوء المواطن القطري عصام ابو عيسى حفاظاً على حياته يعد "انتهاكاً للأعراف الديبلوماسية والقوانين الدولية". ورأت قطر "ان اعتقال عيسى عبدالسلام ابو عيسى الشقيق الاكبر لعصام بعد وصوله الى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية للمساهمة في ايجاد حل لقضية شقيقه عصام "يتنافى مع العلاقات الاخوية التي تربط الشعبين الشقيقين كما يتعارض مع أبسط قواعد حقوق الانسان". وحملت قطر "السلطة الفلسطينية مسؤولية ما يتعرض له المواطنان القطريان الشقيقان من اجراءات غير قانونية وما قد يلحق بهما من مضايقات وأذى". وأكد الناطق القطري "عدم قانونية اجبارهما عصام وعيسى على توقيع اي وثائق". ولفت الناطق الى ان قطر استدعت رئيس مكتب التمثيل في غزة في اطار متابعتها لهذه القضية للتشاور واعادة تقويم العلاقات القطرية - الفلسطينية في ضوء هذه التطورات، كما شدد باسم الخارجية على "تمسك قطر بموقفها الثابت في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق للحصول على حقوقه المشروعة ومطالبه العادلة في اقامة دولته المستقلة - وعاصمتها القدس الشريف". وعلمت "الحياة" من مصادر في غزة ان السلطة الفلسطينية تسعى الآن الى ايجاد مخرج للأزمة. وعلم ان مسؤولاً فلسطينياً اتصل بعصام ابو عيسى في محاولة "للتفاهم"، لكن الاخير ابلغه ضرورة الاتصال بالحكومة القطرية لإيجاد حل للمشكلة. يذكر ان السلطات الفلسطينية نقلت عيسى شقيق عصام من الاقامة الجبرية في فندق الى السجن. وعلمت "الحياة" ان السلطات الأمنية الفلسطينية اتهمت السفير والمبعوث القطريين بمحاولة تهريب عصام ابو عيسى. وعلم ان جدلاً ساخناً دار بين الجانبين في هذا الشأن، ما اعتبره القطريون اساءة اليهم.