باسادينا الولاياتالمتحدة - أ ف ب - ستنقل مركبة مارس بولار لاندر المتجهة بسرعة 19300 كيلومتر في الساعة نحو المريخ، للمرة الأولى، ما يدور من اصوات على الكوكب الذي ستصله الساعة الثانية بتوقيت غرينيتش اليوم، في اطار مهمتها الاساسية للبحث عن المياه، اساس الحياة. وسيمكن الاستماع الى صفير الرياح من خلال ميكروفون صغير تحمله المركبة، او اصوات حركة ذراعها الالية نفسها، عبر موقع انشىء على انترنت بلانيتاري دوت اورغ. والميكروفون وهو عبارة عن علبة طولها وعرضها 5 سنتمترات وارتفاعها سنتمتر واحد، يستطيع تسجيل ونقل اصوات لمدة عشر ثوان، وهو مركب على "ليدار" او جهاز لتقصي وجود الثلج والغبار العالق في الجو. والجهاز من تصميم معهد البحث الفضائي التابع لاكاديمية العلوم في روسيا. اما الميكروفون فكلف اقل من 50 الف دولار وهو يحتوي على سماعة متوفرة في الاسواق وشرائح الكترونية كتلك المستخدمة في الألعاب التي تتكلم والكمبيوترات التي تسمع وتجيب. ومن المقرر ان تهبط المركبة بعد 11 شهراً من انطلاقها في سهل يبعد 800 كلم من القطب الجنوبي عند تقاطع خط العرض 76 درجة جنوباً وخط الطول 195 درجة غرباً. ويعمل فريق كبير من العلماء في مختبر الدفع النفاث في باسادينا بجد منذ اسبوع لضمان حسن سير المهمة تفادياً لتكرار مأساة مركبة "مارس كلايمت اوربيتر" التي تحطمت على الارجح على سطح الكوكب في ايلول سبتمبر الماضي بدلاً من الدخول في مداره نتيجة استخدام نظامين حسابيين مختلفين. وحرص علماء مختبر الدفع النفاث ومجمع لوكهيد مارتن الذي صمم المركبة على ان يتم تسخين المحرك الذي سيستخدم لكبح سرعتها قبل ساعات من الهبوط. وستدخل المركبة لدى اقترابها مباشرة في الغلاف الجوي للمريخ يحميها درع من حرارة الاحتكاك. وعلى الاثر ستنفتح مظلة لتخفيف سرعة هبوطها قبل اشتغال المحرك الذي سيضمن هبوطها الهادئ. وقبل عشر دقائق من هبوطها ستطلق مارس بولار لاندر مركبتي "سكوت" و"اموندسين" الصغيرتين في اطار تجربة "ديب سبيس 2". وستنغرس المركبتان الصغيرتان المنطلقتان بسرعة 200 متر في الثانية على عمق متر واحد في التربة لتحليل محتواها كما ستمكنان وكالة الفضاء الاميركية ناسا من التحقق من مدى تحمل مثل هذه المركبات الصدمات العنيفة. وبما ان مارس بولار لاندر ستحط في سهل يتكون من طبقات، فانها قد تسمح للعلماء بتتبع الحقبات المناخية التي تعاقبت على الكوكب. فذراع المركبة الالي وطوله متران، سيحفر خندقاً صغيراً عمقه بضعة سنتمترات وستقوم الكاميرات بتصوير الطبقات الدالة على الحقبات المناخية المتعاقبة. تستمر مهمة المركبة من 60 إلى 90 يوماً مريخياً يبلغ طول اليوم على المريخ 24 ساعة و37 دقيقة. لكنها قد تبقى اكثر اذا تحملت اجهزتها البرد. ويشكل البحث عن المياه على المريخ الشغل الشاغل للعلماء منذ فترة طويلة لارتباطه مباشرة بالبحث عن شكل للحياة على اكثر كواكب النظام الشمسي شبهاً بالأرض وان كان يصغرها بمرتين. ويقول مايكل ميير، عالم الاحياء الفلكية لدى "ناسا"، ان "وجود المياه يعني امكان وجود حياة" موضحاً أن البكتيريا - ابسط اشكال الحياة - ظهرت على الارض بعيد ظهور المياه، وان الاحياء يمكن ان يعيشوا في ظروف مناخية شديدة الصعوبة، في درجات حرارة تقل عن 20 تحت الصفر كما في القطب الشمالي، او تزيد على 113 مئوية كما في منابع المياه الساخنة في اعماق المحيطات، طالما حصلت على مياه سائلة. وعليه، تقول باميلا كونراد، ان "البحث عن الحياة مرتبط أساساً بالبحث عن المياه". ويأمل مسؤولو مهمتي مارس بولار لاندر وديب سبيس 2 في العثور على هذا العنصر قرب القطب الجنوبي للكوكب، حيث تتزايد فرص العثور على بقايا مياه تحت السطح. وكانت مركبة "مارس باثفايندر" ورجلها الآلي الصغير "سوجورنور" نقلت في 1997 صوراً دل تحليلها على وجود انهار سالت قديماً في سهل اريس فاليس. كما نقلت مركبة "مارس غلوبال سورفايور" الموجودة في مدار المريخ صوراً تظهر كثباناً أو ما يشبه انهاراً تصب فيها جداول عدة. ويريد الفلكيون معرفة ما حل بتلك المياه، او مكان وجودها. ويقول كينيث نيلسون من مختبر الدفع النفاث "لن نعرف اين نبحث حتى نعرف اين توجد المياه". ولا يمكن ان توجد مياه سائلة على سطح المريخ، فكثافة الجو تبخرها فوراً. ولكن تم العثور على بخار مياه عالق في الجو، كما رصدت سحب زهرية اللون في سمائه. وتوجد في القطبين كمية من المياه على شكل جليد. إلا أن الفلكيين يعتقدون بوجود اكثر من ذلك، وبأن المياه قد تكون ممزوجة بالتربة، ومجلدة، بحيث تشكل ارضاً جليدية. وستجمع مركبتا مهمة ديب سبيس 2 الصغيرتان وكذلك مارس بولار لاندر عينات من التربة وتسخنها داخل افران صغيرة لتحليل الغازات المنبعثة منها. ويقول كينيث نلسون محذراً من الافراط في التفاؤل انه "لا توجد مياه سائلة على المريخ، القسم الاكبر منا يعتقد انه لا توجد حياة الآن على الكوكب".