«إيلون ماسك» يشارك تغريدة قائد فريق النصر    «فائق وشريفة»: رفع علم المملكة حلم لكل رياضي    24 مليون مشاهدة تجسد تأثير كريستيانو رونالدو    جون دوران يدخل تاريخ النصر    ورشة التوعية برؤية واستراتيجية وزارة الموارد البشرية بالمدينة    الهلال يُحافظ على سالم الدوسري    على كأس خادم الحرمين الشريفين سباقات القدرة والتحمل العالمي في العُلا    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    ترودو يدعو إلى أخذ تهديد ترامب بضم كندا على «محمل الجد»    "الأونروا" تؤكد تعرض سكان غزة لعملية تهجير ممنهجة    إيمري يتطلع للتحدي الضخم بإعادة ماركوس راشفورد لمستواه    جوجل تضيف علامات مائية خفية للصور للكشف عن التعديلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي    فعالية "حكاية شتاء" تجمع أكثر من 14,000 زائر في قاعة مكة الكبرى    الوحدة يُعلن عن تعرض أنظمة الشركة المشغلة لمتجر النادي ل «الاختراق»    ثنائية توني تمنح الأهلي الفوز على الفتح    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    إنجاز أكثر من 80% من مشروع الطريق الدائري الأوسط في الطائف    بدء تسجيل رغبات الحج للمواطنين والمقيمين لموسم هذا العام.. إلكترونياً    الفيفا: الإنفاق في الميركاتو الشتوي قياسي        فريق الوعي الصحي بجازان يشارك بمبادرة "سمعناكم" لذوي الإعاقة السمعية    ضبط شخص في جازان لتهريبه (60) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    «سلمان للإغاثة» يوزع 492 سلة غذائية في منطقة بإقليم خيبر بختون خوا في باكستان    مصرع شخصين في تحطم طائرة صغيرة في «البرازيل»    «تعليم الرياض» يحصد 39 جائزة في «إبداع 2025»    تتويج السعودي آل جميان بلقب فارس المنكوس    درجات الحرارة الصفرية تؤدي لتجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    وزير الصناعة يختتم زيارة رسمية إلى الهند    أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    اتصالات «مصرية - عربية» لتوحيد المواقف بشأن مخطط التهجير    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    "احمِ قلبك" تنطلق لتعزيز الوعي الصحي والتكفل بعلاج المرضى غير المقتدرين    نددت بالعقوبات الأمريكية.. «الجنائية الدولية» تتعهد بمواصلة إحقاق العدالة    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    السجن 45 ألف عام لمحتال «بنك المزرعة»    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «الشورى» يوافق على 5 مذكرات تفاهم مع دول شقيقة وصديقة    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    كيف كنا وكيف أصبحنا    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المعارضة الفلسطينية"و"بيان العشرين"
نشر في الحياة يوم 27 - 12 - 1999

اثار "بيان العشرين" - والذي وقعه عشرون شخصية فلسطينية واتهموا فيه السلطة الفلسطينية بالفساد واضاعة الحقوق الوطنية وبلغة غير مألوفة - نقاشاً مستمراً في فلسطين، برزت من خلاله عدة قضايا، من بينها غياب اي دور فعال للمعارضة الفلسطينية في مناطق السلطة الفلسطينية. واشار البعض الى التبعات الوخيمة للحياة السياسية الفلسطينية ولتطور النظام السياسي الفلسطيني في المستقبل التي تنجم من غياب دور فعال ومصحح لمسار السلطة من قبل المعارضة.
وقد نوقش هذا الموضوع خلال السنوات الثلاث الماضية في اكثر من مكان ومنبر وجرى تشخيصه باكثر من قلم، ولكن ما هو غير متوفر حتى الآن هو الآلية: آلية اعادة البناء سواء كان ذلك متعلقاً باحزاب المعارضة ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية او احزاب جديدة يمكن ان تنشأ استجابة للحاجات الراهنة.
وغني عن القول ان احزاباً وفصائل سياسية لا قاعدة جماهيرية لها تتحرك لدعم مطالبها سواء المتعلقة بالفساد او باصلاح النظام السياسي الفلسطيني، لا وجود سياسياً لها الا شكلاً وتبقى عاجزة عن التأثير والفعل والعمل، وينطبق هذا على معظم الاحزاب والفصائل الفلسطينية بما في ذلك "حماس" حتى وان كانت لها قاعدة جماهيرية اوسع من بعض الفصائل، وهذا امر يستلزم التفسير.
والعمل السياسي بالمعنى الاوسع غير مقصور على الاحزاب بالرغم من اهميتها، اذ ان هناك دوراً مهماً للحركات الجماهيرية مثل الحركات الطلابية والعمالية والنسائية واية اطر اخرى منظمة في المجتمع. وعلى ما يظهر، فقد فقدت هذه ايضاً بوصلتها او عجزت عن احداث النقلة من "حقبة منظمة التحرير الفلسطينية" الى حقبة السلطة الوطنية الفلسطينية وحكم الفلسطينيين من قبل انفسهم. ان العلاقة مع اسرائيل تضع قيوداً عدة ولكن هناك مجالات للعمل غير مستغلة اساساً بسبب ضعف القوى المنظمة في المجتمع الفلسطيني وضمور قواعدها الجماهيرية.
وفي هذا ما يفسر بروز موضوع المنظمات الاهلية وتوتر علاقتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ليست لانها بديل لاحزاب المعارضة كما يقال خطأ بل لأنها بقيت وحدها من الهيئات القليلة التي ما زالت تمتلك قدراً من الفعالية في الحيز العام وفي غياب الاحزاب وأطر اخرى منظمة. بالتالي، يجري القاء الضوء عليها "كمعارضة" لغياب المعارضة الاهم والاكثر فعالية في التأثير على بنية النظام السياسي الفلسطيني. ان موضوع المنظمات الاهلية يبرز ازمة المجتمع السياسي الفلسطيني ومن الخطأ تناوله كلياً خارج هذا السياق.
ان الازمة التي احدثها "بيان العشرين" ستتكرر في المستقبل، والحكمة تقتضي ان تستخلص السلطة الوطنية الفلسطينية العبر. غير ان الموضوع الاساسي هنا غير مقصور على الاصلاح الاداري والقانوني والفساد والاحتكارات بالرغم من اهميتها. ان الموضوع الاساسي يتعلق ايضاً بالحاجة لفتح النظام السياسي الفلسطيني الجديد لدخول المعارضة فيه، ولامكانية التأثير فيه. في غياب ذلك، ستبقى البيانات و"الهزات" ادوات الفعل السياسي في غياب آليات اخرى، وسيكون من المتعذر تأطير هذه "الهزات" جميعها في اطار سلمي اذ انها تعمل اساساً من خارج النظام السياسي وليس من داخله، ما دام لا متنفس لها يوجد للعمل من الداخل من اجل التغيير.
وقد يرى البعض ان النظام السياسي منفتح للمعارضة بدليل الحوار الوطني والمشاركة في اجتماعات المجلس المركزي. غير ان في هذا القول خطأ في التحليل وعجزاً عن قراءة الخارطة السياسية بعد اوسلو وبعد تأسيس اول حكم فلسطيني في فلسطين. "فالحوار الوطني" يعتمد اساساً على آليات منظمة التحرير الفلسطينية بما في ذلك معادلات تقاسم الحصص، وهي آليات لا تصلح لحكم شعب على ارضه. ان المعادلات وآليات المنظمة صممت لاوضاع الشتات والحوار الوطني لن يوفر للفصائل امكانية التأثير والتغيير، وهي بهذا المعنى ليست الا معارضة شكلية ما لم تتمكن من اعادة بناء نفسها بآليات جديدة، على الاقل لاغراض حكم شعب على ارضه ان لم يكن لاغراض الشتات. وهذا ما استعصى عليها حتى الآن بدليل استسهالها وتفضيلها "للحوار الوطني" وهو في الاساس عودة القديم الى قدمه.
ما هي اذاً آليات اعادة البناء؟ ان الاجابة على هذا السؤال بسيطة ومعقدة في آن. ففي ما يتعلق بالنظام السياسي الفلسطيني قيد التأسيس على ارض فلسطين فان الآلية هي الانتخابات، سواء كان ذلك للمجالس البلدية او للمجلس التشريعي او لمجالس تمثيلية اخرى مستقبلاً بعد قيام الدولة. اما ان تكون الانتخابات لمرة واحدة فقط، فهذه وصفة لانسداد النظام السياسي وتأزمه. والانتخابات ليست فقط الآلية الضرورية لفتح النظام السياسي امام المعارضة لتعمل من داخله وليس من خارجه كما هو الوضع حالياً، بل هي ايضاً مطلب وطني اساسي في المرحلة الحالية لادخال المساءلة والمشاركة في الحياة السياسية. والانتخابات هي ايضاً آلية لاعادة بناء القاعدة الجماهيرية للاحزاب او لظهور احزاب جديدة غير تلك التي لا تستطيع ان توائم نفسها مع المتغيرات او لا تستطيع تجديد نفسها.
ان الحكمة السياسية تقتضي ان تقبل السلطة الوطنية قواعد جديدة للعبة السياسية وبآليات مختلفة، وان تقبل الانتخابات كمطلب وطني اساسي وان ترى في دور المعارضة التي قد تأتي بفعل الانتخابات عاملاً يعزز تطوير واستقرار النظام السياسي، ويزيل الاحتقان والانسداد ويوفر بديلاً للبيانات كاداة وحيدة للفعل السياسي.
* عميد كلية الدراسات العليا، جامعة بيرزيت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.