أعترف أنني لا أودع قرناً ولا أستقبل قرناً آخر حقاً... وليلة 31/12/1999 التي سنصحو بعدها على 1/1/2000 تشبه عندي هذه الليلة أو أية ليلة أخرى. فكل يوم هو بداية لسنة جديدة بمعنى ما، وأحب أن أختار ذلك اليوم بنفسي دونما هستيريا جماعية. وإذا كان لا بد من وداع القرن الماضي فسأودعه على طريقة لاعبي كرة القدم: بركلة! وكعرب، القرن الماضي لا يشرفنا. فقد أمعنا خلاله في "كبوتنا الحضارية" وهذا تعبير لطيف عما اقترفناه. ولن أدخل في التفاصيل، ولن ألوم سواي إذا فعل وكرر كل ما سبق قوله، فلأن أحداً لا يبالي لا بد من التكرار. باختصار، قضينا قرناً آخر وثمة رقاص ساعة عملاق نحاول عبثاً أن نعيده الى الوراء، وحان الوقت للكف عن ذلك إذا كنا نريد حقاً أن نبدأ قرناً جديداً، ونلحق بمواكب العصر. لقد سقطت شعارات كثيرة خلال القرن الماضي وانهارت منارات ورحلت مرافىء. وقليلة هي الانهيارات التي أفرحتني، ومنها مثلاً سقوط شعار "أعطونا حريتكم لنعطيكم فلسطين". لقد ثبت عملياً وعربياً أن من يتخلى عن حريته يتخلى عن نفسه وفكره وطاقاته كلها ويفشل في معاركه. أما على الصعيد النسائي، فوحدها المرأة العربية سجلت انتصارات هي في صالح الوطن. ولكن العقدين الأخيرين سجلا نكسة لمسيرتها نحو انتزاع حقوقها في أكثر من قطر. ولأن النسوية العربية تريد أن تكسب الأسرة والعمل معاً، لذا فكل هزيمة لها هي هزيمة للتيار التنويري النهضوي ككل. ومعركتها لا تنفصل عن معركة تطوير المجتمع بكل شرائحه ضد الظلامية. وبالتالي فتحرير المرأة العربية واجب ذكوري لأن المرأة العربية لا تريد التحرر من عقلها بل المشاركة في معركة البناء. وبالمعنى الكوني، فإن دخول المزيد من النساء في الحياة العامة لكوكبنا انتصار للفرح. فالمرأة كأم تكره الحروب والعنف والقنابل الذرية ولذة الأذى والغطرسة. تسألني عن المستقبل؟ القرن الآتي رحل لا أستطيع أن أثق به ولا يستحق الاطمئنان اليه!