حققت سورية قفزة نوعية في استثمار الغاز واستخدامه في الطاقة لتنمية الحاجة المحلية المتنامية واستعدادا للتصدير الى بعض دول الجوار. وفي هذا الاطار دشن وزير النفط والثروة المعدنية السوري محمد ماهر جمال أخيراً مشروع توسيع معمل الغاز في الجبسة الذي سيزيد طاقة المعمل الى الضعف من 1,7 مليون متر مكعب يومياً إلى نحو ثلاثة ملايين متر مكعب. وتعقد آمال كبيرة على الغاز في سورية، خصوصاً بعد اكتشاف احتياط كبير يعادل نحو 35 في المئة من احتياطي الغاز المكتشف في الأعوام السابقة. ويقدر اجمالي الانتاج الحالي من الغاز بحدود 5،12 مليون متر مكعب يومياً من مصانع "الجبسة" و"عمر" و"السويدية". ويتوقع بعد استكمال انشاء المصانع الجديدة التي تم التعاقد عليها أخيراً ان يرتفع الانتاج الى 20 مليون متر مكعب. وتم قبل اشهر التوقيع على عقد مع شركتي "كونوكو" الاميركية و"الف أكيتان" الفرنسية بقيمة 420 مليون دولار لاستغلال الغاز المرافق وغاز حقل الطيبة. ويتوقع القائمون على قطاع النفط أن تساهم هذه المشاريع في تطوير استخدام الغاز كطاقة نظيفة وكفوءة في سورية في كل المجالات المتاحة لاستخدامها سواء في الصناعة او محطات توليد الطاقة الكهربائية والاستخدامات المنزلية والخدمية الاخرى بما يقلص الاعتماد على المشتقات النفطية من خلال رؤية اقتصادية تهدف الى وقف هدر الغاز المرافق الذي كان ولا يزال يشكل معاناة هدر للكثير من حقول استخراج النفط في العالم. واستعرض وزير النفط المشاريع الغازية التي تنفذ في سورية حاليا لافتا الى ان اول هذه المشاريع معمل الغاز المرافق في السويدية، الذي يقوم بمعالجة 660 ألف متر مكعب في اليوم من الغاز المرافق. أما معمل غاز الجبسة فيقوم بمعالجة 7،1 مليون متر مكعب في اليوم من الغاز الحر والمرافق وينتج نحو 3،1 مليون متر مكعب في اليوم غازاً نظيفاً تستهلك في معمل السماد الآزوتي في حمص وعنفات توليد الكهرباء في التيم عند الحاجة. في حين تبلغ طاقة مشروع استثمار الغاز المرافق في حقلي "عودة" و"حمزة" نحو مليون متر مكعب يوميا من الغاز غير المعالج تستهلك في عنفات توليد الطاقة في السويدية لتزويدها بمصدر كاف من الغاز. ويعتبر معمل غاز "عمر" احد المشاريع المهمة في سورية، إذ يقوم بمعالجة 5،4 مليون متر مكعب في اليوم من الغاز المرافق وينتج 2،4 مليون متر مكعب يومياً من الغاز النظيف تنقل الى المستهلكين في دمشق وحمص ومحردة. وتوقع السيد جمال انخفاض انتاج المعمل مستقبلاً بسبب انخفاض انتاج الغاز المرافق من الحقول المربوطة مع المعمل. وأشار إلى أنه ومن اجل الحفاظ على انتاج ثابت وفق الارقام المبينة آنفاً لا بد من تأمين مصادر اضافية للغاز يمكن ان تكون من غاز القبعات او ربط حقول جديدة. في غضون ذلك وضعت في العمل المرحلة الاولى من مشروع غاز المنطقة الوسطى، ويجري تنفيذ المرحلة الثانية منه. ويهدف المشروع كما يقول السيد جمال الى "استثمار الغاز الحر من خلال تطوير حقول "الآرك" و"الهيل" و"الضبيات"، واقامة المنشآت اللازمة لتجميع الغاز ونقله الى مراكز الاستهلاك وينتج بين ثلاثة وأربعة ملايين متر مكعب من الغاز في اليوم حالياً". وتطرق السيد جمال الى مشروع نقل الغاز الى عنفات توليد الطاقة الكهربائية في "زيزون"، موضحاً ان هذا المشروع يهدف الى انشاء خط لنقل الغاز بطول 105 كلم مع انشاء محطة قياس وتنظيم الضغوط في موقع زيزون. وتمت المباشرة بتزويد العنفات الغازية بالغاز اعتبارا من العام الماضي، كما تم نقل غاز العزبة والجفرا وعطاالله الى العنفات الغازية في التيم. ويقوم بتجميع ومعالجة نحو 450 ألف متر مكعب في اليوم من الغاز المرافق الذي كان يحرق سابقاً على الشعلة إلى عنفات توليد الطاقة الكهربائية في التيم لافتاً الى ان كميات الغاز هذه سيتم ربطها مستقبلاً مع معمل الغاز الجديد الذي سيتم انشاؤه من قبل شركة "كونوكو" الاميركية. وسيصبح هذا الانتاج مستقبلاً من ضمن انتاج المعمل الجديد علماً انه سيتوقف موضوع حرق الغاز على الشعلة نهائياً في سورية بانتهاء مشروع استثمار الغاز الفائض. وتنفذ وزارة النفط المرحلة الثانية من مشروع غاز المنطقة الوسطى، ويهدف الى تطوير حقل "النجيب" واقامة المنشآت اللازمة لتجميع وفصل وتجفيف نحو 5،1 مليون متر مكعب من الغاز يومياً وانشاء خط لنقل الغاز الى محطة "الآرك" بطول 5،45 كلم، وإعداد دراسة فنية اقتصادية لتحديد مدى الحاجة الى بناء معمل لمعالجة مزيج الغازات التي تنتج من كافة حقول المنطقة الوسطى. ويتوقع البدء باستثمار المشروع نهاية عام 1999. وفي الوقت نفسه يسعى القائمون على القطاع النفطي الى ايجاد نوع من المرونة والتكامل في الشبكة الغازية التابعة للمنطقة الوسطى وايصال الغاز الى المستهلكين المربوطين مع الشبكة، لذلك انشأت الوزارة أخيراً "محطة الضاغط الغازي" في الريان. وأوضح السيد جمال ان المحطة تقاد بعنفة غازية مع كافة الانظمة والمنشآت الخدمية الملحقة بها بهدف ضخ الغاز الفائض الذي سينتج في معمل غاز الجبسة بعد الانتهاء من التوسع فيه إلى خطوط الغاز الأخرى لايصاله الى المستهلكين المربوطين مع الشبكة وايجاد مرونة ايضاً في الربط بين خطوط الغاز الرئيسية من خلال التكامل في الشبكة في تلك النقطة، لافتاً الى انه تم التعاقد مع شركة "تكنو اكسبورت" التشيكية لتنفيذ المشروع، وتمت المباشرة في العمل الذي يستغرق 12 شهراً بدءاً من أيار مايو الماضي. وبدأت شركة "بروسيس تكنولوجي" الاميركية تنفيذ مشروع محطة التنظيم والقياس في الزارة لتنظيم ضغوط الغاز وقياس كمياته مع انظمة التحكم كافة والحماية والخدمات بهدف تأمين الغاز اللازم لمحطة توليد الطاقة في موقع الزارة وفق الشروط المطلوبة. وفي الوقت نفسه تنفذ شركة "بنسبن" الانكليزية انشاء مركز تنسيق الغاز للتنسيق بين منتجي ومستهلكي الغاز في سورية. ويتكون من كافة الأجهزة للاتصالات والتحكم والكومبيوتر اللازمة لتأمين هذا التنسيق مع كافة مراكز الانتاج والاستهلاك المربوطة مع شبكة الغاز في سورية ولبنان مستقبلا. ويشير جمال الى أن من المشاريع المهمة في مجال الغاز ايضاً مشروع استثمار الغاز الفائض في منطقة دير الزور واعادة الحقن في حقل "الطابية" الذي تنفذه شركتا "كونوكو" و"ألف" ويهدف الى تجميع الغاز المرافق المنتج مع النفط في حقول شركتي "الفرات" و"دير الزور". وأوضح جمال ان هناك مشاريع عدة قيد الدراسة منها مشروع استثمار الغاز من حقول الغاز الحر شمال التدمرية والحقول الشرقية لمنطقة حمص ويهدف الى تطوير هذه الحقول لانتاج الغاز ومعالجته في معمل المعالجة ونقله إلى المستهلكين عن طريق خط غاز حلب. وتوقع ان يصل الانتاج الى ثلاثة ملايين متر مكعب في اليوم في حقول التدمرية. اما الحقول الشرقية فيقدر الانتاج منها بين ثلاثة وستة ملايين متر مكعب في اليوم وسيتم ادخال هذه الحقول من كلا المنطقتين بشكل تدريجي في الاستثمار بهدف الحصول على انتاج ثابت ومستقر من الغاز، لافتاً إلى أن الشركة السورية للنفط قامت باعداد دفتر الشروط والاعلان عن التعاقد مع شركة دراسات وتصاميم هندسية عالمية لتقديم الدراسات والتصاميم الهندسية للمشروع. وأشار جمال الى مشروع خط نقل الغاز الى محطة حلب الحرارية من مشروع غاز المنطقة الوسطى ومن شمال التدمرية عبر خط بطول 235 كلم يمتد من محطة آراك قرب تدمر الى محطة توليد الطاقة شمال حلب اضافة الى امكان نقل الغاز باتجاه معاكس من شمال التدمرية وعبر المنطقة الوسطى باتجاه المناطق الغربية حتى الريان، وقال إنه تم إعداد دفاتر الشروط للاعلان عن تنفيذ المشروع. كما لفت الى مشروع خط نقل الغاز من منطقة حمص الى المحطة الحرارية في بانياس والمستهلكين في الساحل السوري اذ يتكون من خط نقل للغاز مع محطة تنظيم وقياس في بانياس. وحول التعاون بين سورية ولبنان، أشار الوزير الى انه تم تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة التنسيق للمباشرة في تنفيذ مشروع تصدير الغاز السوري الى لبنان. وفي ما يتعلق بانتاج الفوسفات أكد أن "لدينا احتياطياً ممتازاً من هذه الثروة، وتم اخيراً توقيع عقد مع شركة "كوخ" الفرنسية لانتاج 2،1 مليون طن من الفوسفات المغسول والمركز".